قائد قوات الدفاع الجوي: نمتلك أعقد المنظومات القتالية في العالم.. ودعمنا قدراتنا لمواجهة «التهديدات الحديثة»

كتب: محمد مجدي

قائد قوات الدفاع الجوي: نمتلك أعقد المنظومات القتالية في العالم.. ودعمنا قدراتنا لمواجهة «التهديدات الحديثة»

قائد قوات الدفاع الجوي: نمتلك أعقد المنظومات القتالية في العالم.. ودعمنا قدراتنا لمواجهة «التهديدات الحديثة»

وصف اللواء أركان حرب محمد حجازى، قائد قوات الدفاع الجوى، منظومات الدفاع الجوى المصرية بأنها «أعقد منظومات الدفاع الجوى فى العالم»، موضحاً أنها منظومة متكاملة بمصادر تسليحية متنوعة من الاتجاهين الشرقى والغربى بتقنيات حديثة وتكنولوجيا مُعقدة.

وأضاف قائد قوات الدفاع الجوى، فى حوار لـ«الوطن» بمناسبة العيد الـ51 لقوات الدفاع الجوى الذى يتم الاحتفال بذكراه فى 30 يونيو من كل عام، أن العمل لا يتوقف سلماً أو حرباً فى كل ربوع مصر لحماية سماء مصر ضد كل من تسوِّل له نفسه الاقتراب منها، مشيراً لاهتمام القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة بدعم القوات بأحدث المنظومات لتتمكن من التعامل مع جميع التهديدات والتحديات الحديثة، وإلى نص الحوار:

لماذا تحتفل قوات الدفاع الجوى بعيدها فى 30 يونيو من كل عام؟

- أنشئت قوات الدفاع الجوى بموجب قرار جمهورى فى أول فبراير 1968 لتمثل «القوة الرابعة» فى قواتنا المسلحة الباسلة، ونجحنا فى إنشاء «حائط الصواريخ» تحت ضغط هجمات العدو الجوى المتواصلة بأحدث الطائرات «فانتوم» و«سكاى هوك» ذات إمكانيات عالية مقارنة بوسائل الدفاع الجوى المتيسرة فى ذلك الوقت.

وتمكنّا من إسقاط العديد من الطائرات، وأسر العديد من الطيارين الإسرائيليين أول يوليو عام 1970، فيما عُرف بـ«أسبوع تساقط الفانتوم»، وهو البداية الحقيقية لـ«استرداد الكرامة»، وإقامة «حائط الصواريخ»، الذى منع اقتراب طائرات العدو من سماء جبهة القتال، ليُتخذ عيداً لـ«الدفاع الجوى».

حدِّثنا أكثر عن «حائط الصواريخ».. ماذا يعنى؟

- هو «تجميع قتالى متنوع»، يضم صواريخ، ومدفعية مضادة للطائرات فى أنساق متتالية داخل مواقع ودُشم محصنة قادرة على صد وتدمير الطائرات المعادية، فى إطار توفير «الدفاع الجوى» عن التجميع الرئيسى للتشكيلات البرية، والأهداف الحيوية، والقواعد الجوية والمطارات غرب القناة، مع القدرة على تحقيق امتداد لمناطق تدمير لمسافة لا تقل عن 15 كيلومتراً شرق القناة.

وتم بناء هذا «الحائط» فى ظروف بالغة الصعوبة، وسط صراع بين «الذراع الطولى» لإسرائيل المتمثلة فى قواتها الجوية لمنع إنشاء تلك التحصينات، وبين رجال «الدفاع الجوى» بالتعاون مع شركات الإنشاءات المدنية عبر الدفاع عن المواقع عبر المدفعية المضادة للطائرات، وتم إنشاؤه بأسلوب «الزحف البطىء»، عبر إنشاء موقع «النطاق الأول» شرق القاهرة دون أى رد فعل من العدو، ثم تم التخطيط لاحتلال 3 نطاقات جديدة تمتد من منتصف المسافة بين غرب القناة والقاهرة، ونُفذت بنجاح، وكانت ملحمة عطاء لرجال الدفاع الجوى فى الصبر والتصميم والتحدى، وإثر ذلك لم يجرؤ العدو الجوى على الاقتراب من قناة السويس، لتكون البداية الحقيقية للفتح والإعداد والتجهيز لخوض «حرب التحرير» بحرية كاملة، بدون تدخل العدو الجوى.

وكيف حطم الدفاع الجوى أسطورة «الذراع الطولى لإسرائيل» فى حرب أكتوبر؟

- إذا أردنا أن نسرد الأحداث كلها سيتطلب ذلك كتباً عديدة، لكن هنا نشير لموقف القوات الجوية فى هذا الوقت، حيث وصلت لمستوى عالٍ من الكفاءة القتالية وتسليح متطور، عبر شراء طائرات «ميراج» الفرنسية، و«فانتوم»، و«سكاى هوك» الأمريكية، حتى وصل عدد الطائرات لـ600 طائرة من أنواع مختلفة، وحققنا ملحمة فى الصمود والتحدى والبطولة والفداء عبر إنشاء «حائط الصواريخ» تحت ضغط هجمات العدو الجوى المستمرة، لننجح فى إسقاط وتدمير أكثر من 12 طائرة، مما أجبر إسرائيل على قبول «مبادرة روجرز» لوقف إطلاق النار اعتباراً من صباح 8 أغسطس 1970.

ولفت إلى بدء الإعداد لـ«استعادة الأرض والكرامة»، عقب تلك المرحلة، لتصل صواريخ حديثة من «سام 3»، المعروفة باسم «بتشورا»، كما نجحنا فى حرمان العدو من استطلاع قواتنا غرب القناة بإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونى صباح يوم 17 سبتمبر 1971، وإدخال «سام 6»، ونجحنا فى إسقاط 25 طائرة وإصابة أعداد أخرى وأسر عدد من الطيارين خلال ليلة «6 - 7» أكتوبر، ليصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة أقل من 15 كيلومتراً، ليفقد العدو الجوى الإسرائيلى أكثر من ثلث طائراته وأكفأ طياريه الذين كان يتباهى بهم، لتكون «ملحمة كبرى للدفاع الجوى»، مما جعل موشيه ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى حينها، يعلن فى رابع أيام القتال عجزه عن اختراق شبكة الصواريخ المصرية، وذكر فى أحد الأحاديث التليفزيونية يوم 14 أكتوبر 1973 أن «القوات الجوية الإسرائيلية تخوض معارك ثقيلة بأيامها.. ثقيلة بدمائها».

تُعرف منظومة الدفاع الجوى بأنها إحدى أعقد المنظومات فى العالم.. إلى أين وصلنا من «تحديث وتطوير»؟

- الحقيقة أن هناك صراعاً دائماً ومستمراً بين أسلحة الجو المتمثلة فى الطائرات المقاتلة وما تحمله من أسلحة هجوم جوى حديثة ومنظومات الدفاع الجوى، ومع تلاحق تطوير العدائيات الجوية الحديثة وأنظمة الدفاع الجوى، كان لا بد من منظومة دفاع جوى متكاملة بأنظمة متنوعة من مصادر تسليح من دول مختلفة سواء الشرقى أو الغربى بتقنيات حديثة، وتكنولوجيا معقدة يجعلها من أعقد المنظومات فى العالم.

كما تولى القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة اهتماماً كبيراً فى دعم قوات الدفاع الجوى بتوفير أحدث المنظومات الحديثة من عناصر الاستطلاع، والإنذار، والعناصر الإيجابية، وتطوير مراكز القيادة والسيطرة لتتمكن القوات من التعامل مع جميع التهديدات والتحديات الحديثة.

يعتبر التعاون العسكرى مع الدول العربية والأجنبية إحدى ركائز التطوير بالقوات المسلحة.. كيف يتم ذلك فى «الدفاع الجوى»؟

- نستفيد بالتعاون العسكرى مع الدول الصديقة والشقيقة عبر 3 مسارات، أولها التدريبات المشتركة لاكتساب الخبرات والتعرف على أحدث أساليب التخطيط وإدارة العمليات فى هذه الدول، كما نخطط لتدريبات مشتركة مع دول أخرى فى المستقبل القريب بما يزيد من الروابط مع الدول الصديقة ويساعد على تبادل الخبرات والمهارات.

ونظراً للدور الرائد لقوات الدفاع الجوى المصرى على المستوى الإقليمى والعالمى يسعى عدد من الدول لزيادة محاور التعاون فى جميع المجالات «التدريب، والتطوير، والتحديث».

كما يتم تأهيل قادة وضباط قوات الدفاع الجوى عبر إيفاد عدد من ضباط الدفاع الجوى المتميزين للتأهيل بالدول الشقيقة والصديقة من خلال دراسة العلوم العسكرية الحديثة بالكليات العسكرية المتميزة، فضلاً عن تطوير وتحديث الأسلحة والمعدات بما يحقق تنمية القدرات القتالية للقوات والمحافظة على حالة الاستعداد القتالى لمنظومة الدفاع الجوى طبقاً لعقيدة القتال المصرية بالإضافة إلى أعمال العمرات وإطالة أعمار المعدات الموجودة بالخدمة حالياً بالتعاون مع الدول الصديقة والشقيقة من خلال خطة محددة ومستمرة.

ماذا عن دور كلية الدفاع الجوى فى إعداد الطلاب فى ظل التطورات التكنولوجية المتلاحقة؟

- تعتبر من أعرق الكليات العسكرية على مستوى الشرق الأوسط، ولا يقتصر دورها على تخريج ضباط الدفاع الجوى المصريين فقط بل يمتد هذا الدور ليشمل تأهيل طلبة من الدول العربية والأفريقية الشقيقة والصديقة.

ونحرص على تطوير الكلية بصفة مستمرة.

وما ملامح تطوير كلية الدفاع الجوى؟

- نقوم بذلك عبر 5 محاور، أولها تطوير أسلوب اختيار أعضاء هيئة التدريس بتعيين الضباط أوائل الدفعات للعمل بالكلية بعد اكتسابهم الخبرة العملية بالتشكيلات والوحدات وترشيحهم للحصول على شهادات الماجستير والدكتوراه من الخارج، فضلاً عن تطوير وتحديث المناهج الدراسية بالكلية من خلال التحديث المستمر لمختلف المناهج التخصصية والعسكرية والهندسية بما يواكب مستجدات العصر والتطور التكنولوجى فى الأسلحة والمعدات، والعمل على بناء الشخصية القيادية بدراسة العلوم العسكرية وفن القيادة وتعظيم دراسة العلوم السلوكية والإنسانية والتأهيل النفسى.

كما نعمل على تطوير طرق وأساليب التدريس وابتكار مساعدات تدريب متطورة من خلال تزويد الفصول الدراسية والمعامل بأحدث الأجهزة وإعداد المادة العلمية للمواد الدراسية باستخدام «المالتى ميديا»، وحصلت الكلية هذا العام على شهادة الجودة «الأيزو».

وتضم استراتيجية التطوير أيضاً «تطوير البيئة التعليمية بالكلية»، بما يشمل تطوير «المكتبات، وميادين الرماية والتدريب، والفصول التعليمية، والمعامل الهندسية، ومرافق الكلية، ومستشفى الكلية، والمنشآت الرياضية المختلفة بالكلية، بالإضافة للاشتراك فى المسابقات العلمية.

فيما أن المحور الخامس هو تطوير أداء البحث العلمى بإيجاد حلقة وصل مستمرة بين كلية الدفاع الجوى والجهات البحثية الأخرى بالقوات المسلحة وأساتذة كلية الهندسة جامعة الإسكندرية، وتستضيف الكلية هذا العام مؤتمراً دولياً علمياً فى مجال الاتصالات (ICT-EGYPT) لتنمية مجالات التعاون العلمية والبحثية.

أدى التطور الهائل فى تعدد مصادر الحصول على المعلومات لعدم وجود أسرار عن أنظمة التسليح فى معظم دول العالم، فما الحل من وجهة نظركم للحفاظ على «سرية أنظمة تسليح الدفاع الجوى»؟

- شىء طبيعى فى عصرنا الحالى أنه لم يعد هناك قيود فى الحصول على المعلومات، حيث تعددت وسائل الحصول عليها سواء بالأقمار الصناعية أو أنظمة الاستطلاع الإلكترونية المختلفة وشبكات المعلومات الدولية، بالإضافة إلى وجود الأنظمة الحديثة القادرة على التحليل الفورى للمعلومة وتوفر وسائل نقلها باستخدام تقنيات عالية، مما يجعل المعلومة متاحة أمام من يريدها، ويجعل جميع الأنظمة ككتاب مفتوح أمام العدو قبل الصديق.

ولكنْ هناك شيئا مهما وهو ما يعنينا فى هذا الأمر، وهو فكر استخدام الأنواع المختلفة من الأسلحة والمعدات الذى يحقق لها تنفيذ المهام بأساليب وطرق غير نمطية فى معظم الأحيان بما يضمن لها التنفيذ الكامل فى إطار خداع ومفاجأة الجانب الآخر، والدليل على ذلك أنه فى بداية نشأة قوات الدفاع الجوى تم تدمير أحدث الطائرات الإسرائيلية (الفانتوم) من خلال منظومات الصواريخ المتوفرة لدينا فى ذلك الوقت، وكذا التحرك بسرية كاملة لإحدى كتائب الصواريخ لتنفيذ كمين لإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونى (الاستراتكروزر) المزودة بأحدث وسائل الاستطلاع الإلكترونى بأنواعه المختلفة وحرمان العدو من استطلاع القوات غرب القناة باستخدام أسلوب قتال لم يعهده العدو من قبل، وهو تحقيق امتداد لمناطق تدمير الصواريخ لعمق أكبر شرق القناة، ونحن لدينا اليقين بأن السر لا يكمن فقط فيما نمتلكه من أسلحة ومعدات ولكن مما لدينا من قدرة على تطوير أسلوب استخدام السلاح والمعدة بما يمكنها من تنفيذ مهامها بكفاءة تامة.

تحرص القيادة العسكرية على التواصل الدائم بين القائد ومرؤوسيه.. كيف يتحقق ذلك بـ«الدفاع الجوى»؟

- الحقيقة أن القيادة العامة للقوات المسلحة تهتم دائماً بأبنائها من خلال عقد اللقاءات الدورية للقادة على جميع المستويات، ويحرص جميع القادة بقوات الدفاع الجوى على تنفيذ اللقاءات الدورية بدءاً من مستوى قائد القوات حتى مستوى قائد الفصيلة، ويختلف معدل تنفيذ اللقاءات من مستوى إلى آخر، هذا بخلاف لقاءات القادة مع مرؤوسيهم فى المناسبات القومية والدينية وعقب تنفيذ الالتزامات التدريبية الرئيسية.

ورغم ظروف جائحة كورونا فإنه يتم عقد اللقاءات بالضباط والصف والجنود دون انقطاع، وفى مناسبات متعددة مع اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية، حيث يتم اللقاء مع القادة والضباط بجميع مستوياتهم القيادية بغرض شرح أبعاد الموقف السياسى العسكرى وتوعية الضباط بالموضوعات المهمة من خلال محاضرات للرؤساء المتخصصين.

وأنا أعتبر أسعد اللحظات خلال مهام وظيفتى هى التى أقضيها بين الضباط والصف والجنود سواء بالقيادة أو مواقع القتال لأنها تعطى المؤشر الحقيقى والواقعى لأداء القوات.

وما الرسالة التى تود إيصالها للشعب المصرى فى «عيد الدفاع الجوى»؟

- أود أن أطمئن الشعب المصرى بأن قوات الدفاع الجوى، القوة الرابعة فى القوات المسلحة المصرية، تعمل ليلاً ونهاراً، سلماً وحرباً فى كل ربوع مصر عازمة على حماية سماء مصر ضد كل من تسوِّل له نفسه الاقتراب منها.

ونعاهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، والفريق أول محمد زكى، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى، على أن نسير قدماً فى تطوير وتحديث قوات الدفاع الجوى، وأن نظل دوماً جنوداً أوفياء، بناةً للمستقبل، حافظين للعهد، مضحين بكل غالٍ ونفيس، نحفظ للأمة هيبتها ولسماء مصر قدسيتها، لتظل مصر درعاً لأمتنا العربية.. حمى الله مصر شعباً عظيماً وجيشاً باسلاً يحمى الإنجازات ويصون المقدسات.


مواضيع متعلقة