صُناع الجرافيتى: جسَّدنا صوت الناس وعبَّرنا عن الرفض بالرسم

صُناع الجرافيتى: جسَّدنا صوت الناس وعبَّرنا عن الرفض بالرسم
ريشة هائمة تسير فى حرية على الجدران، تحارب ألوانها المتناغمة ظلم الحكام، وتؤمن بالعدل والمساواة بين البشر، وتنادى رسوماتها اللافتة للأنظار بالحرية للأوطان، ليصبح رسم «الجرافيتى» لغة الشعوب لكلمة «لا» لكل شىء مرفوض، و«نعم» لكل ما تريد، تماماً مثلما فعل صُناعه فى ثورة 30 يونيو، حينما قال الشعب لا لحكم الجماعة الإرهابية، وجسَّد «الجرافيتى» صوت الناس على حوائط وجدران الشوارع، فى رسالة رفض للنظام آنذاك.
يسير المارة فى الطرق نفسها يومياً، مشوار روتينى يبدأ بالصباح الباكر وينتهى مساءً، ويَظهر تغيير بسيط فى شكل الجدران قد يجعل من الطريق مكاناً مختلفاً تماماً، وما فعله رسامو الجرافيتى خلال الثورة، وساهم فى إظهار الوجه الحقيقى لقادة الإخوان، واستعادوا من خلال «الوطن» ذكريات تلك الفترة، التى جالت رسوماتهم فيها مواقع التواصل، وظلت تحتضن حوائط الشوارع حتى وقت قريب.
تمجيد شهداء الثورة وإسقاط عناصر نظام الإخوان كانا الموضوعين الأساسيين المسيطرين على الجرافيتى فى منتصف 2013، بعبارات مستهدفة وبتعبير حر، ورسومات متداخلة وساخرة، شكَّلتها ثورة من الألوان، خرجت من رحم ظروف اقتصادية وسياسية معينة، توضع فى الطرقات وعلى أى منشأة أو شىء مادى يصلح للرسم.
ثورة يونيو شهدت بريقاً لفن الجرافيتى وتألقاً لصُناعه، على حد قول «مصطفى شكس»، أحد رسامى الجرافيتى، الذى شارك فى رسوم جرافيتى ضد الإخوان، لافتاً إلى أنه شارك بعدد كبير منها على جدران الشوارع، عبَّرت عن أفكاره وزملائه وبغضهم لتلك الفترة وقادتها.
«شكس» مصمم جرافيك، ورسمه للجرافيتى يتخذه كهواية وعمل يكتسب منه رزقاً إضافياً، بالرسم على حوائط المحلات الجديدة أو على النوادى أو الرسومات التذكارية لبعض الأشخاص، ولكن مشاركته فى الأحداث الوطنية المتعاقبة كانت تطوعية 100%: «إزاى هاخد فلوس فى حاجة لبلدى؟!».
يرى رسام جرافيتى ثورة 30 يونيو أن حكم الإخوان كان أسوأ الفترات التى عاصرها على مدار 30 عاماً من عمره، معللاً بأنهم احتكروا الدين وأساءوا إليه، ولم يفيدوه أو يظهروا صورته الحقيقية، وكان الفن فى عهدهم مهدداً بالانقراض: «مصر كانت كبيرة عليهم، وده قلناه فى رسوماتنا وزيّنا الحيطة بأفعالهم المشينة وعبارات الرفض».
على جدران شارع محمد محمود، أمام مكتبة الجامعة الأمريكية، تظهر أعمال الشاب «محمود فتحى»، رسام الجرافيتى، الذى يرى أن الفن هو مرآة الشعوب، ويجب أن يعبِّر عن صوت الشارع، وهو ما ظهر فى رسوماته لثورة 30 يوليو، والتى ألقى فيها ما بداخله من رفض للحكم الإخوانى حينها.
«فتحى» يرى أن صعوبة رسم الجرافيتى تأتى فى جرأة الرسم وسهولة إيصال الفكرة مهما بلغ عمقها، مع الوضع فى الاعتبار أن السطح الذى يرسم عليه فى أغلب الأحيان يكون غير مستوٍ، «من بين الأعمال التى شاركت فيها جدارية كبيرة ضد خيرت الشاطر، واستمر وجودها لحد 3 سنين فاتوا».
على الرغم من أن الجرافيتى فن أصله جاء من الغرب، فإنه وغيره من الرسامين المصريين وضعوا النكهة المصرية عليه، فأظهروا به سخرية المصريين الممزوجة بالغضب العارم، «الجرافيتى كان لافت لأنظار الناس جداً فى فترة أيام الثورة، كنا بنحضر فكرة معينة ونتفق عليها بالتشاور، ونبدأ تنفيذها على طول».