تحليل «الوطن الاقتصادي»: «القروض» البديل الأكثر فاعلية في تعظيم أرباح البنوك.. و«الأوراق المالية» تحجز مكانتها في خطط الاستثمار

تحليل «الوطن الاقتصادي»: «القروض» البديل الأكثر فاعلية في تعظيم أرباح البنوك.. و«الأوراق المالية» تحجز مكانتها في خطط الاستثمار
إنها القاعدة الاقتصادية الراسخة للفكر الاستثمارى الذى يعتمد منذ نشأته على المتغيرات البيئية المحيطة للسوق المحلية والعالمية، وسلوكيات الأفراد ورغباتهم الأكثر نمواً وتطلعاً، ويعد القطاع المصرفى من القطاعات الاقتصادية الهامة بل قد يكون الأهم فى ترس الاقتصاد الحالى، ولعل الشهور المنقضية من عام 2020 غيرت من الفكر الاستثمارى لدى البنوك إثر تداعيات جائحة كورونا، خاصة فى ظل انخفاض الإيرادات العامة للحكومة وزيادة نفقاتها، الأمر الذى قد ينعكس بشكل كبير على زيادة المعروض من أدوات الدين الحكومية لتغطية تلك الفجوة.
على صعيد آخر، شهدت قروض القطاع المصرفى نمواً خلال أول 8 أشهر من العام الحالى بنسبة 20% لترتفع من 1.87 تريليون جنيه بنهاية عام 2019، وتصل إلى 2.25 تريليون جنيه بنهاية أغسطس الماضى، ما يعكس نمو الطلب على القروض، خاصة لدى القطاع العائلى الذى ارتفع بنسبة 19.5% ليرتفع من 389.7 مليار جنيه بالعملة المحلية والأجنبية بنهاية عام 2019، ويصل إلى 465.6 مليار جنيه بنهاية أغسطس الماضى، مدفوعاً بتراجع دخول الأفراد فى ظل أزمة كورونا، وهو ما قد يخلق للبنوك بديلاً استثمارياً أكثر اتساقاً مع متطلبات الأوضاع الاقتصادية الحالية.
البنوك توسع اعتمادها على الاستثمارات المالية في أول 8 أشهر من 2020
وذلك ما دفع «الوطن الاقتصادى» لرصد التوجهات الاستثمارية للبنوك خلال أول 8 أشهر من عام 2020، فأوضحت النشرة الإحصائية الشهرية لدى البنك المركزى توجه استثمارات البنوك نحو الأوراق المالية من أسهم وسندات ووثائق صنادیق استثمار لتحقق نسبة من إجمالى الأصول بحوالى 35.4% بنهاية 2019 وترتفع إلى 40.9% بنهاية أغسطس الماضى. وذلك على حساب الاستثمار فى الإقراض والخصم للعملاء كنسبة من إجمالى الأصول، التى شهدت ارتفاعاً طفيفاً خلال أول 8 أشهر من عام 2020 ليرتفع من 32.3% بنهاية عام 2019 ويصل إلى 34% بنهاية أغسطس الماضى. كما تراجعت توجهات القطاع المصرفى بخلاف البنك المركزى خلال أول 8 أشهر من عام 2020 نحو الاستثمار فى أرصدة البنوك المحلية والعالمية لتحقق نسبة من إجمالى الأصول بحوالى 24.3% بنهاية عام 2019، وتتراجع إلى 17.4% بنهاية أغسطس الماضى. بينما فى المرتبة الأخيرة تشغل الأصول الأخرى حيزاً ضئيلاً من استثمارات البنوك خلال أول 8 أشهر من عام 2020، ولعل أبرزها تأسيس أذرع استثمارية جديدة كشركات التأجير التمويلى والتخصيم والتمويل متناهى الصغر، أو الاستثمارات فى أصول آلت ملكيتها للبنوك، لتحقق نسبة من إجمالى الأصول بحوالى 6.9% بنهاية 2019، وترتفع إلى 7.1% بنهاية أغسطس الماضى.
تباطؤ نمو «وزن القروض النسبي من إجمالي الأصول» يعكس تحديات مرحلة كورونا
وتوضح المؤشرات السابقة أن البنوك تعتمد فى تعظيم أرباحها على استثمار أموالها بنسبة كبيرة فى الأوراق المالية من أدوات دين حكومية وأسهم ووثائق صناديق استثمار محققة معدلات نمو مرتفعة، لا تضاهى الاستثمار فى الإقراض وعمليات التمويل الذى يحقق معدلات نمو أقل، بينما يتراجع اعتماد البنوك فى تعظيم أرباحها على كافة البدائل الاستثمارية الأخرى، فهل يتفق ذلك مع الأوضاع الاقتصادية الحالية وتوجهات الدولة؟
لعل الأشهر الأخيرة الماضية عكست توجهات الدولة من اتباعها سياسة اقتصادية حازمة تعتمد فى الأساس على تعزيز قاعدة المشروعات الإنتاجية فى السوق المحلية، وذلك ما أكدته الحكومة من خلال تعاونها مع البنك المركزى الذى أثمر عن إصدار 4 مبادرات قومية، بدأها بإطلاق مبادرة دعم القطاع الصناعى، وأخرى لإسقاط الفوائد المتراكمة على المصانع المتعثرة، ومبادرة لدعم إسكان متوسطى الدخل، وأعقبها إطلاق مبادرة رابعة لدعم القطاع السياحى، ليصل إجمالى الدعم المقدم إلى 231 مليار جنيه، على أن تكون أسعار الفائدة 8% فقط فى كافة المبادرات. كما اعتمد البنك المركزى سياسة توسعية منذ بداية العام الحالى، ما يبرهن على مستهدفات الدولة فى تنمية المشروعات وتعزيز المنتج المحلى، والذى يتطلب من البنوك تعزيز استثماراتها فى الإقراض والتمويل.
على صعيد آخر حلل «الوطن الاقتصادى» القوائم المالية لـ9 من البنوك المدرجة فى البورصة المصرية التى أعلنت عن قوائمها المالية لأول 9 أشهر من العام الحالى، فأوضحت نتائج أعمال بنك التعمير والإسكان أنه الأعلى عائداً على متوسط الأصول بنسبة 2.64%، التى تمثل صافى الربح منسوبة إلى متوسط أصول البنك، معتمداً على استثمار النسبة الأكبر من أصوله فى الأوراق المالية التى تشمل أدوات دين مدرجة فى بورصة الأوراق المالية المصرية والأجنبية وأدوات دين أخرى غير مدرجة بالبورصات وأوراق حقوق ملكية ووثائق صناديق استثمار بحوالى 40.95%، يليه استثمار البنك فى منح القروض والتسهيلات الائتمانية بنسبة 33.1% من إجمالى أصوله، كما يستثمر البنك فى شركات تابعة وشقيقة بنسبة 2.94%، وفى المرتبة الأخيرة تأتى استثمارات البنك فى مشروعات الإسكان واستثمارات عقارية أخرى بنسبة 1.84% من إجمالى أصول البنك، بالإضافة إلى بنود أخرى فى الأصول مثل النقدية والأصول الثابتة وخلافه.
عكست المؤشرات التوجه الاستثمارى لبنك التعمير والإسكان خلال الفترة الماضية، معتمداً فى الأساس على الاستثمار فى الأوراق المالية، بينما أوضحت القوائم المالية لبنك قطر الوطنى الأهلى QNB الذى حصل على المركز الثانى من حيث العائد على متوسط الأصول بنسبة 2% أنه اتبع فكراً مغايراً خلال أول 9 أشهر من العام الحالى، اعتمد فيه على استثمار النسبة الأكبر من أصوله فى منح القروض والتسهيلات الائتمانية بنسبة 57.5%، كما استثمر البنك فى أذون الخزانة فقط بنسبة 17.1% من إجمالى أصوله، وفى الأوراق المالية الأخرى التى تشمل أدوات دين مدرجة فى بورصة الأوراق المالية المصرية والأجنبية وأدوات دين أخرى غير مدرجة بالبورصات وأوراق حقوق ملكية ووثائق صناديق استثمر البنك بنسبة 15.5%، وتأتى فى المرتبة الأخيرة استثمارات البنك فى شركات تابعة وشقيقة بنسبة 0.19% من إجمالى أصول البنك، بالإضافة لبنود أصول أخرى قد لا تدر عائداً. كما رسخ بنك الكويت الوطنى مصر، الذى حصل على المركز الثالث من حيث العائد على متوسط الأصول بنسبة 1.75%، اعتماده على استثمار النسبة الأكبر من أصوله خلال أول 9 أشهر من العام الحالى فى منح القروض والتسهيلات الائتمانية بنسبة 53.3%، يليه استثمار البنك فى الأوراق المالية التى تشمل أدوات دين مدرجة فى بورصة الأوراق المالية المصرية والأجنبية وأدوات دين أخرى غير مدرجة بالبورصات وأوراق حقوق ملكية ووثائق صناديق استثمار بنسبة 28.33% من إجمالى أصوله، وتأتى فى المرتبة الأخيرة أيضاً استثمارات البنك فى شركات شقيقة بنسبة 0.03%. وعلى نفس المنوال أوضحت القوائم المالية لبنك كريدى أجريكول مصر، الذى حقق معدل عائد على متوسط الأصول بنسبة 2% أيضاً، اعتماده على استثمار النسبة الأكبر من أصوله خلال أول 9 أشهر من العام الحالى فى منح القروض والتسهيلات الائتمانية بنسبة 50.47%، يليه استثمار البنك فى الأوراق المالية التى تشمل أدوات دين مدرجة فى بورصة الأوراق المالية المصرية والأجنبية وأدوات دين أخرى غير مدرجة بالبورصات وأوراق حقوق ملكية ووثائق صناديق استثمار بنسبة 13.95% من إجمالى أصوله، وفى أذون الخزانة فقط بنسبة 8.5%، وتأتى فى المرتبة الأخيرة استثمارات البنك فى شركات تابعة وشقيقة بنسبة 0.19% من إجمالى أصوله. وأوضحت المؤشرات أنه على الرغم من توجه استثمارات القطاع المصرفى بخلاف البنك المركزى نحو الأوراق المالية من أسهم وسندات ووثائق صنادیق استثمار وفقاً للنشرة الإحصائية للبنك المركزى، فإن البنوك التى تمكنت من تحقيق أعلى عائد على متوسط الأصول لديها خلال أول 9 أشهر من العام الحالى اتبعت سياسة أكثر اعتماداً على توظيف أصولها فى منح القروض والتمويل، ما يعزز من رهان البنوك على الإقراض والتمويل فى تعزيز أرباحها خلال الفترة المقبلة.
أشرف القاضي: «المصرف المتحد» يراهن على نشاط التأجير التمويلي
من جانبه قال أشرف القاضى، رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إن خطة المصرف لتعظيم أرباحه تعتمد على منظومة استثمارية متكاملة، على رأسها تعزيز محفظة القروض بالبنك خاصة قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تتمتع السوق المحلية بمقومات عديدة تجعل من نمو تلك المشروعات أرضاً خصبة، وذلك من خلال طرح البنك لمنتجات متخصصة مثل «ماى توول» لتمويل الآلات الصناعية والزراعية، و«ماى باص» لتمويل سيارات النقل، «ماى لاب» لتمويل الأجهزة الطبية والمعدات للمستشفيات والمعامل ومراكز التحليل والأشعة. وأضاف «القاضى» أن المصرف المتحد يراهن على تعظيم حجم أرباحه خلال الفترة المقبلة أيضاً من خلال تعزيز عمل البنك فى أدوات التمويل غير المصرفية كآلية التأجير التمويلى من خلال شركة يونايتد للتأجير التمويلى المملوكة للبنك، بهدف فتح آفاق تمويلية جديدة أمام المستثمرين، كما أنها ستكون أكثر توافقاً مع أحكام الشريعة الإسلامية، ما سيجذب شريحة مختلفة للتعامل مع البنك.
ميرفت سلطان: أذون الخزانة والتجزئة المصرفية أدوات «تنمية الصادرات»
وفى سياق متصل، قالت ميرفت سلطان، رئيس مجلس إدارة البنك المصرى لتنمية الصادرات، إن البنك يعتمد فى خطة تعظيم أرباحه على مزيج من البدائل الاستثمارية، فيستثمر بنسبة كبيرة فى أدوات الدين الحكومية من سندات وأذون خزانة، كما يستثمر فى الصكوك لكن بنسبة أقل. وأضافت أن البنك يعتمد أيضاً فى خطته لتعظيم الأرباح على تعزيز منح الائتمان، خاصة فى قطاع التجزئة المصرفية، الذى بدأ فيه البنك بشكل فعلى منذ عام فقط، وتمكن البنك من تعزيز رصيد المحفظة ليصل إلى مليارى جنيه حتى الآن، متابعة أن البنك لديه فرصة نمو كبيرة فى ذلك القطاع لم يستغلها بعد، كما أن هامش الربح المحقق فى قطاع التجزئة أكبر من المحقق فى قروض الشركات والقروض المشتركة. واستكملت «سلطان» بأن البنك يهدف إلى تعظيم أرباحه فى الفترة القادمة أيضاً من خلال تعزيز صافى الدخل من الأتعاب والعمولات والمصروفات التى يتقاضاها البنك مقابل الخدمات المصرفية والمالية المقدمة، مشيرة إلى أن زيادة حجم محفظة التجارة الخارجية لدى البنك رفعت أرباح العمولات التى يحصل عليها البنك بنسبة كبيرة.
عاكف المغربي: تعزيز القروض في المقام الأول لدى بنك مصر.. والفوائض نستثمرها في أدوات الدين الحكومية
من جانبه قال عاكف المغربى، نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، إن بنك مصر يعتمد فى استراتيجيته فى تعظيم أرباحه فى الأساس على الإقراض وضخ المزيد من التمويل لمختلف القطاعات الاقتصادية لكل المشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، خاصة المشروعات المنتجة منها التى تحقق قيمة مضافة للاقتصاد المحلى وتتطلب عمالة كثيفة، لأن تلك المشروعات هى التى تدفع للنهوض بمؤشرات الاقتصاد الكلى، وذلك إلى جانب تعزيز منتجات التجزئة المصرفية كالقروض الشخصية وبطاقات الائتمان وغيرهما. وأشار «المغربى» إلى أن بنك مصر يعطى الأولوية فى توظيف الفوائض فى أدوات الدين الحكومية من سندات وأذون خزانة.