ترجمة محرفة وفوتوشوب تجعل ماكرون عدوا للإسلام: "ابن الخطاب أساء للرسول"

كتب: رضوى علاء

ترجمة محرفة وفوتوشوب تجعل ماكرون عدوا للإسلام: "ابن الخطاب أساء للرسول"

ترجمة محرفة وفوتوشوب تجعل ماكرون عدوا للإسلام: "ابن الخطاب أساء للرسول"

وقف في 21 أكتوبر في ساحة جامعة السوربون، وعلى وجهه علامات التأثر لرحيل مدرس التاريخ الفرنسي "صامويل باتي"، يخطب في الحضور وعلى رأسهم عائلة "باتي"، ينعيه بكلمات مؤثرة يحاول فيها تخفيف عنهم وطأة العمل الإرهابي الذي راح ضحيته، عندما أقدم أحد المتطرفين على ذبحه بسبب عرضه رسومًا مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم على طلابه.

كلمات الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، التي جاءت برسائل عدة للداخل والخارج، أغلبها تحدثت عن الانتصار للجمهورية الفرنسية، التي يمثل قيمها "باتي"، ورفع راية "العلمانية" عالية، كان فيها أيضا دعم للرسومات المسيئة والكاريكاتورات التي جاءت في صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية التي أعادت نشرها عقب مقتل "صامويل باتي" بقوله "لن نتخلى عنها"، ما أشعل غضب قرابة 1.5 مليار مسلم حول العالم، خرجوا في مسيرات على الأرض في بعض الدول، وحملات مليونية على وسائل التواصل الاجتماعي، ورايتهم موحدة "إلا رسول الله"، ولم تفلح محاولات ماكرون لإيضاح حقيقة مقصده، خاصة أن تلك التصريحات حرفت وتناولت بأكثر من صيغة وشكل غير دقيق، سواء من خطاب تأبين المدرس الفرنسي، أو من خطابات سابقة بها مصطلحات عن "الإسلام الانعزالي" أو "الإسلام السياسي"، لتختلط الأوراق دون وعي كثيرين بحقيقة ما قاله.

خطاب الأزمة مليء بالأكاذيب رغم استخدام ماكرون فيه مصطلحات "الحضارة الإسلامية" و"تعاليم القرآن"

البداية مع خطاب الأزمة للرئيس الفرنسي من "السوربون"، والذي حرف بأكثر من شكل وطريقة، كأخذ بعض العبارات التي لا علاقة لها بما قاله "ماكرون" في الخطاب وعرضها في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنال آلاف المشاركات من المتعاطفين الغاضبين من الرئيس الفرنسي، ولكن دون تحقق من صحتها، وطريقة أخرى حملة مثال فاضح وصريح للأخبارالمضللة وعدم التحقق مما قاله الرئيس الفرنسي، ظهرت في منشور بتاريخ 28 أكتوبر الماضي مرفق به فيديو، وصاحبته تلك الكلمات: "ماكرون يقول عمر خطاب مو سب النبي، وقال عنه يهذي، لماذا اليوم تتبعونه".

الفيديو يحمل نموذجا مزدوجا ومعقدا للتضليل، فهو منشور على "فيس بوك" يحتوى على كلمات غير دقيقة، ومرفق معه فيديو، وهنا يسارع الكثيرون لترويجه دون تحقق أو مشاهدة للفيديو ومعرفة أصله، ولكن عندما ترجع إليه تجد أنه به ترجمة عربية لقناة على يوتيوب تحمل اسم "ذو الفقار المغربي"، جاء نصها: "لو كنتم تحبون محمد لتبرأتم من هذه المرأة، وعمر الذي أساء إلى رسولكم"، في إشارة إلى الخليفة عمر والسيدة عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن الفيديو المروج كشف صاحبه بنفسه على قناته في تنويه قبل إذاعته "كلام ماكرون وخطابه لا علاقة له بالترجمة له"، أي أدخل تعديلات بواسطة برامج مونتاج للفيديوهات ليعبر عن الفيديو بترجمة أخرى، ورغم ذلك روج الكثيرون الفيديو على أنها تصريحات الرئيس الفرنسي.

خطاب ماكرون الأصلي في حفل التأبين، لم يحو أي كلمات عن الإساءة للإسلام، بل أكد فيه أن المعلم المذبوح "كان يحارم طلابخ بمختلف ديانتهم، ودرس القرآن، واهتم بالحضارة الإسلامية"، إلا أنه وجه فيه رسالة نصها: "سنواصل أيها المعلم، سندافع عن الحرية التي كنت تعلمها ببراعة وسنحمل راية العلمانية عاليا"، متعهدا بعدم التخلي عن تلك الرسومات، وهي العبارة التي أشعلت الغضب في العالم الإسلامي.

خطاب آخر لماكرون، حرفت تصريحاته فيه، ونقلت في منشورات على وسائل التواصل الاحتماعي بعنوان: "ماكرون يعلن الحرب على الإسلام"، مصاحبة لصورة الرئيس الفرنسي في هيئة بغيضة وعدائية لكل من حوله، وعندما تحاول البحث عن تصريحات دقيقة للرئيس الفرنسي عن إعلان الحرب على الإسلام والمسلمين لم تجد شيئا.

خطاب ماكرون عن "الانعزالية الإسلامية" حرف بأنه حرب على الإسلام رغم حديثه عن قلة بين 6 ملايين مسلم

وبالعودة إلى أكثر من شهر سابق لتلك الأحداث، وتحديدا في 2 أكتوبر الماضي تكتشف الحقيقة، حينما عرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استراتيجيته للتصدي لما سماه بـ"الانعزالية الإسلامية" الساعية إلى "إقامة نظام موازٍ" و"إنكار الجمهورية" في خطاب له بأحد الأحياء في ضاحية باريس، ووقتها تحدث عن التصدي للانعزالية وليس الحرب، ولم ترد أي عبارة عن الحرب على الإسلام، سوى ما جاء في تقرير لموقع "بي بي سي" عربي، بعنوان: "إيمانويل ماكرون يتعهد بمحاربة (الانعزال الإسلامي) في فرنسا".

كل ما جاء في خطاب ماكرون في 2 أكتوبر 2020، الذي وجهه فيه حديثه لما وصفهم بأقلية بين 6 ملايين مسلم في فرنسا، نصا بحسب إذاعة مونت كارلو الفرنسية: "ثمة في تلك النزعة الإسلامية الراديكالية، عزم معلن على إحلال هيكلية منهجية للالتفاف على قوانين الجمهورية وإقامة نظام مواز يقوم على قيم مغايرة، وتطوير تنظيم مختلف للمجتمع"، معتبرا أن الإسلام "ديانة تعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم"

وتابع: الرئيس الفرنسي "لا أود أن يكون هناك أي التباس أو خلط للأمور، لكن لا بد لنا من الإقرار بوجود نزعة إسلامية راديكالية تقود إلى إنكار الجمهورية"، فالتسرب المدرسي، وتطوير ممارسات رياضية وثقافية خصوصا بالمسلمين، والتلقين العقائدي وإنكار مبادئنا على غرار المساواة بين الرجال والنساء"، معلنا عن عدة تدابير، منها إرغام أي جمعية تطلب مساعدة من الدولة التوقيع على ميثاق للعلمانية، وفرض إشراف مشدد على المدارس الخاصة الدينيةـ والحد بشكل صارم من التعليم الدراسي المنزلي.

"ماكرون" يخاطب المسلمين بتغريدة بالعربية تثير الجدل من جديد وأخرى تكذب "السوشيال ميديا"

في 25 أكتوبر، كان لـ"ماكرون" قد نشر تغريدة باللغة العربية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، نهاية أكتوبر، موجهًا كلامه للمسلمين: "لا شيء يجعلنا نتراجع، أبدًا.. نحترم كل أوجه الاختلاف بروح السلام، لا نقبل أبدًا خطاب الحقد، وندافع عن النقاش العقلاني، سنقف دومًا إلى جانب كرامة الإنسان والقيم العالمية"، واعتبرت هذه التغريدة إصرار على دعم الرسوم المسيئة، وحرف كلامها على أن "ماكرون لا يزال يصر على حربه على الإسلام، ليخرج في 31 أكتوبر ويرد بتغريدة أخرى بالعربية، يرد على ما يقال على وسائل التواصل الاجتماعي.

وخرج الرئيس الفرنسي، في اليوم ذاته بتصريحات تلفزيونية، أنه متفهم لمشاعر المسلمين جراء نشر الرسوم المسيئة للرسول، موضحًا أن حكومته لا تقف بأي شكل من الأشكال في مساندة هذه الرسوم، حيث أن المجلات التي تنشر الرسول الساخرة هي مجلات حرة لا تتبع الحكومة الفرنسية.وتابع "ماكرون": "أعتقد أن ردود الفعل كان مردها أكاذيب وتحريف كلامي، ولأن الناس فهموا أنني مؤيد لهذه الرسوم"، وتابع: "هناك أناس يحرّفون الإسلام، وباسم هذا الدين يدّعون الدفاع عنه".

شهادة إسلامية: تصريحات الرئيس الفرنسي تم تحريفها

فيما أوضح الدكتور محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، أن تصريحات "ماكرون" عن الرسول المسيئة للرسول تم تحريفها، وأكد أن الجريدة التي تنشر هذه الرسوم تفعل ذلك بشكل مستمر، وفعلها هذا ينطبق على جميع الديانات الأخرى، وعلى رجال السياسة أيضًا، نظرًا لسماح القانون الفرنسي بذلك.


مواضيع متعلقة