كان الرئيس السيسى حاسماً وقاطعاً فى حواره مع قناة CBC يوم 5 مايو 2014 أثناء الحملة الانتخابية، حين قال بملء الفم: «لن يكون هناك شىء اسمه جماعة الإخوان فى عهدى»، مشيراً إلى أن «الدستور يفرض علينا حظر الأحزاب على أساس دينى»، كما قال: «إن قانون التظاهر هو إحدى الأدوات لضبط الفوضى، ولم يكن الهدف منه منع التظاهر». وشدد المرشح الرئاسى وقتها على أن المخاطر التى تتعرض لها البلاد أكبر من ترف الحديث عن قانون التظاهر، لافتاً إلى أن هناك نصوصاً فى قانون العقوبات تعالج حالات الإرهاب، و«سنفعل كل ما يحقق الأمن والاستقرار للبلاد، ونعيد هيبة الدولة ونطبق القانون». وفى حوار آخر تساءل الرئيس السيسى مستنكراً حين ذُكر موضوع المصالحة مع الجماعة الإرهابية: «ومن منكم يقبل المصالحة معهم؟».
وقد أثلجت تلك التصريحات صدور المصريين الذين عانوا وما زالوا من جماعة الإرهاب، حيث سقط منهم مئات الشهداء والمصابين من أبناء قوات الشرطة والقوات المسلحة وأفراد الشعب. ورغم تصريحات المرشح الرئاسى المشير السيسى فقد استمرت الحكومة على نهج حكومة «الببلاوى»؛ تبدى درجة واضحة من عدم التصدى للإرهاب الإخوانى بما يحتمه القانون والمحافظة على هيبة الدولة، فلم تنقطع مظاهرات الإرهابيين عن التعدى على الجامعات ولم تتوقف جرائمهم بزرع العبوات الناسفة واغتيال الأبرياء من أفراد الشرطة وحرس الحدود، ولم تتوقف تهديداتهم بحرق الوطن وتدميره، وما يزال حزب الجماعة الإرهابية «الحرية والعدالة» يمارس دوره الدنىء فى محاولات متصلة لتخريب مصر واستعداء الدول الأجنبية ضد المصريين وثورتهم فى 30 يونيو!
وقبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية، أصدر المرشح الرئاسى السيسى «رؤيته للمستقبل»، وكان الإرهاب الإخوانى أحد الموضوعات التى تعرضت لها الرؤية، وعلى سبيل المثال جاء فى مقدمة الرؤية: «إن التحديات جسيمة وقوى الشر والإرهاب تتربص بمصر»، كما قال المرشح الرئاسى بأنه إذا وُفِّق فى الانتخابات: «فقد أعددت العدة لخوض المعركة الكبرى، معركة مكافحة الإرهاب».
وقال المشير السيسى متحدثاً عن المطالب الضرورية الحالَّة فور انتخابه رئيساً: «وهذه اللحظة الراهنة لها ضرورات، فى مقدمتها استعادة هيبة الدولة، وهى موصولة بكرامة المواطن وحقوق الإنسان فيه، كما أن تلك الهيبة موصولة أيضاً بضمانات المواطنة... وتلك مطالب لا تتحقق إلا فى ظل أمن متوافر للجميع، وطمأنينة تجمعهم على الخير... إن معظم قضايا مستقبلنا تحتاج إلى بحث جديد وإعادة نظر بسبب مقتضيات مستجدة وطارئة طالت كل شىء».
ثم جاء فى رؤية المشير حديث عن المستقبل، وقال إنه «يحتاج إلى حوار جاد وعميق يتحتم أن يشارك فيه وحوله كل القادرين من أبناء مصر، سواء على أرضها أو خارجها؛ رجالاً ونساءً وشباباً من كل الاتجاهات بلا استثناء أو إقصاء أو استبعاد أو تهميش أو تمييز، فالوطن للجميع، ومستقبله لهم، خصوصاً إزاء حقوق أجيال مقبلة من حقها أن نوفر لها الفرص بغير قيد، ونترك لها الإمكانيات ما يفتح الأبواب لطموحاتها بغير حد».
وأكد الرئيس السيسى فى رؤيته أن «التظاهر السلمى أمر مصون بحكم الدستور، والقانون لا يستثنى من ذلك إلا الممارسين والمحرضين على العنف ومن ينتهكون السلمية معتبرين أنفسهم فوق الدولة والدستور والقانون»، وأن «مصر لن تبنى إلا بتكاتف أبنائها من مختلف الاتجاهات، ونبذ العنف ومحاربة الإرهاب وعدم التستر عليه، وقبول الاختلاف بين الرأى والرأى الآخر، وترسيخ ثقافة وأدب الاختلاف»، وأن «باب المصالحة الوطنية سيظل مفتوحاً لكل من لم تتلطخ يداه بالدماء ولم يمارس العنف أو يحرض عليه. إن مصر للجميع وفوق الجميع. ومن استخدم العنف والترويع ومارس الإرهاب واستهدف رجال الشرطة والقوات المسلحة والمواطنين، فإن محاسبته بكل حسم ستكون فى إطار الدستور».
وعلى الرغم من قوله إن من أهداف رؤيته للمستقبل «تحقيق حياة أفضل لجميع المواطنين المصريين (عيش، حرية، عدالة اجتماعية كرامة إنسانية، استقرار أمنى)»، وإن من ركائزها الاستراتيجية «تحقيق الأمن والأمان والاستقرار السياسى، فى ظل الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وحرياته»، وقوله إنه «يرفض هيمنة أى فصيل حزبى على أجهزة الدولة ومؤسساتها للسيطرة عليها، فمصر للجميع دون أى إقصاء أو استبعاد أو تهميش أو تمييز» - فإن حديث المصالحة مع الجماعة الإرهابية وحلفائها أثار قلق المصريين، إذ قد يفهم أنه تراجع عن قول الرئيس الحاسم بأنه لا إخوان فى عهدى.
وحيث أدى الرئيس السيسى اليمين الدستورية وبدأت مرحلة جديدة فى مسيرة الوطن برئاسته، فإن المطلوب وهو حق للمصريين وواجب على الرئيس إعلان موقف حازم واتخاذ إجراءات جريئة لإنهاء عنف وإرهاب جماعة الإخوان وحلفائها من التنظيمات التكفيرية وتجفيف منابعه. ويقتضى هذا إصدار قرار من رئيس الجمهورية يعلن جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وتفعيل أحكام القضاء بحظر كل أنشطتها وأنشطة كل الجمعيات والمؤسسات المنبثقة عنها، بما فيها حزب الحرية والعدالة، مع إصدار قانون الإرهاب الذى أعدته الحكومة وأعاده الرئيس المؤقت عدلى منصور للحكومة دون أن يصدره وضرورة الإسراع بتطبيقه على أعضاء تلك الجماعة ومن يوالونهم وينفذون خططهم الإرهابية، حتى يُمنعوا من التسلل إلى المشهد السياسى ويحاولوا النفاذ إلى عضوية مجلس النواب المقبل!
وعمار يا مصر يا محروسة!