النصر بريشة وفرشاة.. كمال يحول ملحمة أكتوبر إلى لوحات بعيون الصغار

النصر بريشة وفرشاة.. كمال يحول ملحمة أكتوبر إلى لوحات بعيون الصغار
عايش نصر أكتوبر طفلا فأطلق مواهبه لنشر روحها بين الأجيال، مصوبًا ريشته لقلوب الأطفال ليحولها إلى ذخيرة فنية في مواجهة الإرهاب مؤمنا بدور الإبداع في قلب موازين النفس البشرية، مستكشفا براعم الوطنية في القرى البعيدة، محولا الحماسة للوحات واللوحات لأيقونات في حب الوطن، ليصبح الدكتور محمد كمال الفنان التشكيلي والناقد الفني، مرشدًا وطنيا للأجيال الجديدة يبث فيهم روح العزة والنصر وحب الوطن.
"فتحت عيني على نصر أكتوبر لما الحرب قامت كان عندي 7 سنين ونص وعرفت يعني إيه نشوة الانتصار المدرسين كانوا جنودا على الجبهة وبعد فض الاشتباك عادوا بحكايات النصر"، يقول كمال مواليد 1966 في حديثه لـ"الوطن" متحدثا عن الحدث الذي أصبح حجر أساس في شخصيته ورغم ذلك لم يرسمه بريشته إنما وجد نفسه يبثه في قلوب أطفال الأجيال الجديدة.
مشوار بدأ في عام 2005 تحت عنوان "أتوبيس الفن" لتعليم الأطفال الرسم في القرى والنجوع، واستمر رغم كل ما مر به عبر الأعوام.
من مشروع فني إلى قضية وطنية، تحول "أتوبيس الفن" الذي اعتمدت فلسفته على زيارة أطفال المحافظات متاحف العاصمة وإشراف الفنانين عليهم لرسم ما رأوه من معالم، في نظر كمال الذي تمسك بالعمل فيه، إلى قضية وطنية فالفنان التشكيلي المحسوب على جيل النصر قرر مواجهة الإرهاب بالإبداع وتحويل ورش الرسم لورش تعطي دروسا في الوطنية، في وجه محاولات إحباط الروح الوطنية في نفوس الأطفال، وتأثيرات الإرهاب على أفكارهم.
في ورشة "أكتوبر لؤلؤة الانتصارات"، بكفر الشيخ عام 2007 كانت البداية منطلقًا من مسقط رأسه، حيث بدأ "كمال" يحكي في الورشة عن أكتوبر وأبطاله وتضحياته، ومن ضمن ما جاءت سيرتهم كان الطيار محمد المصري، وحينها قال أحد الأطفال له: "يا عمو تقدر تجيبه عشان نشوفه"، المهمة التي رآها من حوله صعبة ومجرد رغبة قد لا تحقق برقت في ذهن الفنان الذي بدأ البحث عنه بالفعل.
"محمد عبدالمنعم إبراهيم المصري" اسم رباعي كانت بداية رحلة "كمال" للعثور على البطل الذي عكف بالبحث عنه في دليل التليفونات حتى وصل له وهاتفه بالفعل وسط عدم تصديق منه، وبعدها جاء التنسيق مع مدير ثقافة كفر الشيخ الذي رحب بالأمر وبالفعل عقدت احتفالية حضرها الأطفال بعدها أصبحت لوحاتهم تنبض بالنصر، ويصف كمال الحالة قائلا "حالة من التفجر والانشطار الروحي ظهرت داخل كل طفل بعد سماعهم بطولات "المصري" على لسانه.
يقول كمال، إن ورشة كفر الشيخ عام 2007 كانت البداية ومنذ ذلك الوقت أصبح يسعى دائمًا لحضور الأبطال الذين عايشوا الحرب لنقل روحها للأطفال وسط تأثر دائم لهم من سن 3 سنوات وحتى المراهقة، حتى مع توسعه تحت رئاسة الدكتور أحمد مجاهد بداية من يوليو 2008 حيث أصبحت عضو هيئة في مكتب التنفيذ، لتصل إلى أوج نجاحها في الفترة من 2009 وحتى 2011 حيث وصل المشروع إلى داخل القرى والنجوع.
"اخترت 5 قرى على خريطة مصر من القرى الفقيرة"، يقول كمال الذي يؤمن بأن الإرهاب يخرج من الفقر والعوج الثقافي والإبداعي، وأن كل طفل نعلمه الفن ننقذه من الوقوع في براثن الإرهاب، وظل يعمل في خدمة قضيته حتى عام 2011 وهنا يتوقف عند آخر رحلة له مع الأطفال ضمن المشروع حين أخذ الأطفال اليوم الأول للأراض الزراعية والثاني لمصانع الغزل والنسيج ومنهم لميدان التحرير حيث رسموا جدارية في حب الوطن، وبعدها توقف المشروع ليستكمله "كمال" بشكل شخصي.
من 2011 وحتى اليوم لا يزال كمال ينظم الورش والاحتفالات للأطفال أينما دعوه ذهب ليستكمل رسالته التي بدأها قبل سنوات "أعمل بشكل شخصي وكل المؤسسات المعنية على المستوى يدعونني على المستوى الفردي"، ليرى أن واجبه الشخصي هو تقديم جهده ووقته وعلمه للأجيال المقبلة، فعمل مع أطفال أسيوط ضمن مشروع "دائرة الإبداع"، فضلا عن الأسبوع الثقافي في مدرسة الأب الناجي ومنها دورات وورش لكلية الفنون الجميلة والتربية النوعية.
15 عاما من الحياة وسط إبداعات الأطفال أكدت لـ"كمال" أن الرسم موهبة جمعية، فكل الأطفال الذي خرجوا بلوحات إبداعية كانوا من عينات عشوائية ولم يخضعوا لاختبارات للقبول ومع ذلك أنتجوا لوحات في غاية الروعة، بحسب كمال الذي يوصى بالاهتمام بدراسة الفنون في المدارس لأهميتها في بناء الوطنية.