دينا عبدالفتاح تكتب ..كيف نصنع الأفكار؟!

دينا عبدالفتاح تكتب ..كيف نصنع الأفكار؟!
يبدو أن رواد الأعمال سيصبحون هم الفئة الرابحة خلال المرحلة المقبلة، لأكثر من عامل؛ أولها أن مشروعات ريادة الأعمال تركز على الابتكار وبالتالى تمتلك فرصاً كبيرة فى النجاح لعدم وجود أو محدودية المنافسين، العامل الثانى: أن مشروعات ريادة الأعمال تركز على التكنولوجيا فى المقام الأول، وبالتالى فهى تتماشى مع متطلبات عصر الذكاء الاصطناعى الذى نعيشه حالياً وتواكب النمو فى عصر المعلومات، العامل الثالث: أن هذه المشروعات تتمتع بالإنفاق الاستثمارى المحدود مقابل انتشار تسويقى واسع النطاق وبالتالى تنخفض فيها معدلات المخاطرة وتتزايد لديها القدرة على البقاء فى مواجهة التحديات، كما حدث فى جائحة كورونا.
وبالتالى أنصح كل من تحرر من فكر «الوظيفة» وقرر أن يصبح صاحب مشروع، أن يركز فى تفكيره على ريادة الأعمال؛ ولكى نفهم جميعاً معنى هذا المصطلح الذى يدار حوله الكثير من اللغط، فإن ريادة الأعمال «هى المشروعات الاستثمارية الناشئة التى تتميز فكرتها بالابتكار، وتتسم بامتلاكها القدرة على النمو السريع من خلال صناعة سوق جديدة لها، ويعد المجال التكنولوجى هو أبرز مجالات تلك المشروعات».
وبالتالى على كل من يفكر فى الاستثمار الآن تطبيق مواصفات المشروعات الريادية على أفكاره حتى يمتلك حظوظاً مناسبة للنجاح والنمو خلال الفترة المقبلة.
وعادةً تعد الفكرة هى المؤثر الرئيسى فى نجاح أى مشروع سواء فى مجال ريادة الأعمال أو فى مجال المشروعات التقليدية الصناعية والتجارية المختلفة، وتعد «صناعة الفكرة» هى بمثابة أهم مراحل الاستثمار.
وصناعة الأفكار لها عدة أساليب؛ أهمها «التفكير العكسى» الذى يعد بمثابة المصدر الأول لأفكار المشروعات الريادية، الذى انبثقت من خلاله أهم الأفكار الاستثمارية الناجحة فى عالمنا الآن.. ويقوم هذا التفكير على عكس الفعل المنطقى الذى نفعله يومياً، فعلى سبيل المثال كان الفعل المنطقى عندما نريد استقلال وسيلة مواصلات خاصة أن نذهب لكى نركب «التاكسى».. وهنا يقول التفكير العكسى «لماذا لا يأتى إلينا التاكسى؟!»، ومن هنا ظهرت فكرة تطبيقات النقل التشاركى مثل «أوبر» التى تعد واحدة من أنجح المشروعات الريادية فى عالمنا الحالى.
وقبل هذه الفكرة فكرة أخرى نتجت عن أسلوب التفكير العكسى، أهمها اتجاهنا للنزول على «السلم»، حيث تساءل التفكير العكسى «لماذا لا ينزل السلم بنا؟!» ومن هذا التساؤل ظهرت فكرة السلم الكهربائى منذ عشرات السنين، وكانت من أنجح الأفكار الريادية فى هذا التوقيت التى لاقت قبولاً عالمياً كبيراً.
قِس على ذلك كل الأفكار حولنا، ستجد أن التفكير العكسى كان المصدر الرئيسى لأغلب أفكار المشروعات الريادية الموجودة حولنا، وسيكون هو المصدر الرئيسى لأغلب أفكار المشروعات الريادية التى ستنفذ فى المستقبل.
وأسلوب «التفكير العكسى» يقوم بشكل رئيسى على «التأمل»، بمعنى أن ننظر ونتفقد بدقة كل شىء حولنا، ونتساءل: ماذا لو يحدث العكس، لماذا يذهب الأطفال للمدارس؟ ولماذا لا تأتى المدارس إليهم؟! فهذا التساؤل قد يكون سبباً فى ظهور مدارس ذكية بالكامل لديها القدرة على التعليم عن بُعد دون حاجة للتواصل المباشر بين الأطفال والمعلمين أو تضييق هذا التواصل إلى أقل الحدود الممكنة.
وتعتبر القراءة والاطلاع إحدى أهم أدوات التفكير العكسى، خاصة فى حالة الوصول إلى فكرة مبدئية يجب تنميتها واختبارها عن طريق القراءة.
لذا يجب على كل من يفكر فى مشروع جديد أن يراهن على الابتكار لأنه أهم ضمانات النجاح، وأن يتخطى بحدود تفكيره المنطق.. الواقع.. المألوف.. التقليدى.. المعقول، خاصة أن أغلب الأفكار الريادية الناجحة قد تتسم بـ«الجنون» فى بداية ظهورها فى العقل، فمن كان يعقل منذ عقود أنه يمكن للهاتف أن يحضر أقرب «سيارة أجرة» إليك؟!، ومن كان يعقل أنه من خلال الإنترنت يمكنك شراء كل شىء بداية من احتياجاتك الشخصية حتى السيارات والمنازل، وغيرها الكثير والكثير من الأفكار التى كانت تتسم بالجنون وقت ظهورها ولكنها راهنت على الابتكار.. وربحت الرهان والمليارات!