دينا عبد الفتاح تكتب: تحية لشباب مصر

كتب: دينا عبد الفتاح

دينا عبد الفتاح تكتب: تحية لشباب مصر

دينا عبد الفتاح تكتب: تحية لشباب مصر

يحتفل العالم منذ الأربعاء الماضى الموافق 12 أغسطس 2020 باليوم العالمى للشباب، حيث بدأت الأمم المتحدة الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة فى عام 2000، أى منذ 20 عاماً بالتمام والكمال لتذكر العالم بحقوق الشباب وتحتفل بهم وتجدد الدول ثقتها فى أبنائها الشباب لقيادة المستقبل وتخطى التحديات المختلفة.

ويُعتبر الشباب حول العالم هم القوة الحقيقية القادرة على تغيير الواقع وفرض أسلوب حياة جديد على المجتمع، باعتبارهم أكبر قوى تغيير فى أى مجتمع، ويمثل الشباب فى مصر فى الفئة العمرية (18 - 29) عاماً نحو 21% من إجمالى السكان بما يزيد على 21 مليون شاب فى هذه الفئة العمرية منهم نحو 50.5% من الذكور و49.5% من الإناث.

وترتفع هذه النسبة للشباب من إجمالى السكان فى مصر عن المتوسط العالمى ومتوسط جميع الدول المتقدّمة اقتصادياً، وهو ما يُعطى ثقلاً وقوة نسبية كبيرة للاقتصاد المصرى، باعتباره اقتصاداً شاباً أو فتياً يملك الطاقة الحقيقية للعمل والإنتاج والإبداع والتقدم.

وأشارت الأمم المتحدة فى تقريرها الذى أصدرته بعنوان «شباب 2030» إلى أن 90% من الشباب على وجه الكرة الأرضية موجودون فى الدول النامية، وهو ما يعطى قدرة حقيقية على التغيير والنمو فى هذه المجتمعات، خاصة بعدما تراجعت نسب الشباب فى الدول المتقدمة بشكل كبير، نتيجة عدد كبير من العوامل، أهمها انخفاض معدلات الإنجاب خلال العقود الثلاثة الماضية وارتفاع متوسط أعمار الأفراد بشكل كبير فى هذه المجتمعات.

وبالتالى فامتلاك الدول النامية لهذه النسبة الكبيرة من الشباب يُعد بمثابة نقطة قوة رئيسية فى خطواتها وسعيها للتقدم والازدهار، خاصة فى عصر التكنولوجيا والمعلومات الحالى الذى يتسم بكون «المورد البشرى» هو العنصر المحورى فى عملية الإنتاج وأهم الموارد الاقتصادية فى خطط النمو المستدام.

فى مصر لا شك أن الشباب يمثلون قوة حقيقية على أرض الواقع، ولكن ما زال إنتاجهم ضعيفاً بعض الشىء، وذلك نتيجة لعدد من العوامل قد يكون من بينها ضعف برامج التأهيل العلمى والتدريب وسيطرة ثقافة «الوظيفة» على ملايين الشباب فى مصر، مقارنة بثقافة تأسيس المشروعات وريادة الأعمال.

وأتصور أن هذا هو المحور الرئيسى الذى ينبغى على الجميع العمل عليه خلال الفترة المقبلة، لتغيير مفاهيم الشباب وبناء أفكار جديدة لديهم حتى يتمكنوا من التحول من «باحثين عن وظائف» إلى «باحثين عن أفكار»، وبالتالى يتحولون فى المستقبل القريب من مجرد موظفين إلى أصحاب أعمال ومشروعات ريادية قادرة على النمو السريع فى أوقات قياسية.

وأعتقد أن جميع التسهيلات لكى يسلك الشباب هذا الطريق أصبحت متاحة وبسهولة خلال الفترة الحالية، خاصة على صعيد تمويل الأفكار الريادية بعد إطلاق البنك المركزى المصرى الكثير من المبادرات فى هذا الشأن، مثل مبادرة رواد النيل ومبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بعائد منخفض يصل إلى 5%، وغيرها من المبادرات المحفّزة، بالإضافة إلى مبادرة وزارة التعاون الدولى مع شركاء مصر الدوليين «فكرتك شركتك»، التى تتيح بناء المشروعات الريادية للشباب وتدريبهم على قيادتها للنجاح والنمو.

كما وفّرت الدولة الكثير من التسهيلات فى ملف ريادة الأعمال من خلال توجيهات مباشرة من القيادة السياسية لجميع أجهزة الدولة بدعم مشروعات الشباب وضمان جميع التسهيلات اللازمة لها، وأصبح الشباب محوراً رئيسياً من محاور اهتمام القيادة السياسية، وهم الفئة الأبرز التى تستهدفها المنتديات والمؤتمرات السياسية الكبرى التى تنظمها الدولة، وبالفعل أفرغ هذا الاهتمام نماذج شبابية متميزة للغاية، مثل الذين تخرّجوا فى البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، ونجدهم حالياً ضمن القيادات التنفيذية فى المحافظات والوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة.

ومع كل هذه التطورات التى يشهدها ملف الشباب حالياً، أرى أن التعليم فى مصر لا بد أن يواكب هذه الطفرة، وأن يتوجّه الشباب -ونحن مقبلون على تنسيق الجامعات- إلى دراسة البرامج التعليمية المتعلقة بـ«البزنس» والتكنولوجيا والبرمجة والأتمتة على حساب البرامج التعليمية التقليدية القديمة التى أصبحت غير مطلوبة فى سوق العمل بشكل كبير، أو أصبحت لا تماشى التطور العالمى الحالى.

أثق دائماً بأن القادم أفضل.. وأثق بأنه لو توافرت مقومات النجاح أمام الشاب المصرى حتماً سينجح، وأن الفترة المقبلة ستشهد تغييرات محورية فى الاقتصاد وسوق العمل سيكون بطلها الأول شباب مصر الأوفياء.


مواضيع متعلقة