خلال افتتاحه لمشروعات الثروة الحيوانية الأربعاء الماضى فى محافظة الفيوم، الرئيس السيسى قال كلاماً مهماً حول أهمية الإدارة والمتابعة، وبرهن على ذلك بنجاح مشروعات القطاع الخاص، وفشل مشروعات القطاع العام، أتمنى أن يستوعب مسئولونا كلام الرئيس، لأنه شخّص أزمة مصر الحقيقية.
فحينما يخسر القطار (1000 راكب) ويربح التوك توك (2 راكب)، وحينما يخسر أسطول النقل العام ويربح الميكروباص، وحينما تخسر المصانع والشركات الحكومية العملاقة وتربح المصانع والشركات الخاصة الصغيرة، وحينما تخسر كل الهيئات الاقتصادية ما عدا هيئتين أو ثلاث، هنا يجب البحث عن السبب، ونتساءل: لماذا يخسر كل ما هو حكومى وخدماته سيئة؟ ونفس النشاط لماذا يربح مع القطاع الخاص وخدماته أفضل؟ لماذا الشركات الحكومية الخاسرة حينما يتولاها القطاع الخاص يحوّل خسائرها إلى مكاسب وحينما تتولاها الحكومة تصبح الخاسرة؟ هل الدولة مدير فاشل رغم أن نفس البشر هم الذين يعملون فى القطاعين الحكومى والخاص؟ الموظف لماذا يؤدى فى الخاص أفضل من العام؟ ولماذا يعمل بذمتين؟ الإجابة فى كلمة واحدة، كما قال الرئيس، «الإدارة» ثم المتابعة، فالإدارة هى كلمة السر والحل السحرى الذى يحوّل الخسائر إلى مكاسب، والفقر إلى غنى، والديون إلى أرباح، والفشل إلى نجاح، والكسل إلى نشاط، والعكس.
ودائما نقول إن أزمة مصر ليست فى الموارد، ولكن فى الإدارة، والفقر عندنا فى الإدارة وليس فى الموارد.
صاحب المشروع الخاص لا يجامل، ويستعين بالأكفاء بصرف النظر عن أى اعتبارات أخرى حتى بِصِلة القرابة، أما معايير الاختيار للوظائف الحكومية فتشوبها المجاملات. الأرباح والحوافز فى القطاع الخاص على العمل والإنتاج، وفى القطاع العام على الفشل والخسائر، فمعظم مؤسسات الدولة خاسرة وغير منتجة، ومع ذلك تقترض من البنوك حتى تمنح قياداتها والعاملين فيها أرباحاً وحوافز طائلة، تلك هى القاعدة العامة، ومؤكد هناك استثناء فى بعض الوزارات والمسئولين حققوا إنجازات، ولكنه استثناء لا يمكن القياس عليه، لأنه فردى، قد يقول البعض إنه ليس مطلوباً من مؤسسات الدولة الربح، لأنها خدمية، هذا صحيح، ولكن ليس معقولاً أن تكون خسائرها فادحة، فمطلوب منها على الأقل الإنفاق على نفسها، وألّا تكون عبئاً على الموازنة العامة، ما الحل إذاً؟ سهل وبسيط وهو: أولاً، اختيار الأكفاء للإدارة بصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى، لأن حُسن الاختيار يضمن نصف النجاح. ثانياً، خصخصة الإدارة، بمعنى إدارة المؤسسات بفكر القطاع الخاص، ولا مانع من خصخصة الملكية أيضاً، ولكن بشفافية ونزاهة، فالخصخصة ليست كلها شراً، ولكنها أصبحت سيئة السمعة بسبب ما حدث قبل 2011. ثالثاً، يجب انسحاب الدولة من مجالات كثيرة وتركها للقطاع الخاص وأن يقتصر دورها على التنظيم ومراقبة الأسواق والأسعار لحماية محدودى الدخل، مع توفير مناخ للمنافسة والاستثمار ومنع الاحتكار فى إطار منظومة حوكمة صارمة.
يجب إدارة مؤسسات الدولة اقتصادياً، وتشجيع القطاع الخاص، لأنه الحل فى ظل ظروفنا الاقتصادية الحالية، لأنه ينفق من أمواله فى إقامة مشروعات توفر فرص العمل والإنتاج، ثم يربح ويسدد الضرائب التى ينفق منها على الخدمات العامة.
صديقى هانى قسيس، رجل صناعة ناجح، دائماً يقول إن 40% من رأسمال أى مشروع صناعى تستفيد منه خزانة الدولة فى صورة ضرائب وجمارك، وافتتاح مشروع جديد ليس فى صالح صاحبه فقط، وإنما يصب فى مصلحة الخزانة العامة للدولة والاقتصاد المحلى فى المقام الأول.
لذلك يجب على الدولة إزالة كل معوقات الاستثمار أمام القطاع الخاص، لأنه متابع ومدير ناجح، ويحسن اختيار قيادته، والله الموفق والمستعان، وتحيا مصر.