لا لتدمير أطفالنا.. طفل يعيش مغامرات كارتونية: خطف وحبس ولسع بـ"سلك كهرباء"

كتب: كتبت - سحر عزازى:

لا لتدمير أطفالنا.. طفل يعيش مغامرات كارتونية: خطف وحبس ولسع بـ"سلك كهرباء"

لا لتدمير أطفالنا.. طفل يعيش مغامرات كارتونية: خطف وحبس ولسع بـ"سلك كهرباء"

كان جالساً بجوار جدته لأبيه أمام باب المحكمة، يتطلع إلى أمه من بعيد، وهى تلاحقه بنظرات شوق وحنان متلهفة احتضانه، لكن لم يسمح لها والده، ظلت تراقب صغيرها والدموع تملأ عينيها، زاد شوقها فاقتربت منه، وقبل أن تلمس يديه انهال عليها زوجها ووالدته بالضرب، حتى سقطت أرضاً، مستسلمة للأيادى والأرجل التى انغرزت فى جسدها، مشهد لم يفارق مخيلة «آسر»، صاحب الـ9 سنوات، والذى بسببه كره والده، وبدأ يتذكر له كل مواقف العنف التى مارسها ضده على مدار عام كامل حرمه خلاله من رؤية والدته.

مشاهد عنف وقسوة تمر أمام عينى «آسر» باستمرار، وكأنها شريط سينما، يحاول مقاومته، لكنه لم يُفلح، رغم عرضه على طبيب نفسى، استعانت به والدته أمانى حسين، التى تعمل إخصائية نفسية، لتُنقذ حياة ابنها الوحيد، تلوم نفسها باستمرار على سوء اختيارها، لكن كانت للنصيب الكلمة العليا.

تتذكر الأم حين تقدم لها طليقها، الذى كان زميلاً لشقيقها فى كلية الهندسة، فوافقت وعاشت معه سنتين من العذاب، ضرب على أتفه الأسباب، وحبس داخل الشقة لأربعة أيام متواصلة، دون رؤية بشر: «لو أخويا جالى من غير ما أقول له قبلها يضربنى». تركت البيت بعد عراك وطفلها عمره عام وأكثر، ثم انفصلت عنه، وحاول إقناعها بالعودة للمنزل والتنازل عن القضايا التى رفعتها ضده، والمتعلقة بالنفقة.

صدّقته «أمانى»، ثم اكتشفت ألاعيبه وأنه تزوج بأخرى وأنجب طفلة وينتظر أخرى، فتراجعت وحمدت ربها، وتقدّم لخطبتها شخص من بلدها العريش، وبمجرد عقد القران، علم طليقها بالخبر، فخطف الطفل من مدرسته، وبدأ رحلة عذاب للصغير، حبس وضرب بسلك الكهرباء، ومنع من رؤية أمه، مما أثر على حالته النفسية: «كنت هاتجنن عليه، ووقفت مشروع الجواز».

قرار «أمانى» بالزواج كان بناءً على رغبة «آسر»، حيث طلب منها أباً بديلاً يحنو عليه ويعوضه عن غياب أبيه، الذى مارس ضده العنف والقسوة على مدار 5 سنوات، فتحكى الأم أن زوجها أخذ الولد ومنعها من رؤيته لمدة عام، ظلت خلالها تبحث عن حيلة لعودته، لكنها فشلت واضطرت إلى الخضوع لمطالبه، التى كان من شروطها الإمضاء على شيك بنصف مليون جنيه مقابل رؤية الولد: «مضيت على 4 إيصالات علشان أشوف ابنى، هاعمل إيه، إيده طايلة وسكة المحاكم طويلة».

عاد الولد إلى حضن أمه بعد حكم المحكمة لصالحها بحضانته، غيّرت محل إقامتها، وذهبت بطفلها بعيداً، خوفاً من خطفه مرة ثانية، لكنها لا تزال تعيش فى قلق ورعب، وتعالج ابنها من آثار العنف، التى مارسها والده ضده.

ليس كل الرجال يستحقون لقب أب

أكد الدكتور محمد هانى، استشارى الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، أن العنف انتشر بنسبة كبيرة جداً خاصة فى عام 2019، الذى شهد ألفين و764 حالة عنف ضد الأطفال تم توثيقها: «وفيه حالات مانعرفهاش»، لافتاً إلى أن بعض الآباء يستغلون انفصالهم عن الأم للانتقام منها عن طريق أبنائهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، باعتبار أن سلاح التعذيب هو الحل، وقد يصل الأمر لخطف الأب لابنه وهو فى حضانة والدته وتخويفه والتعامل معه بأسلوب سيئ قد يؤثر على حياته المستقبلية، مشيراً إلى أنه ليس كل الأزواج يستحقون لقب الأب.

كانت "الوطن" أطلقت، حملة باسم "لا لتدمير أطفالنا" تستهدف مكافحة العنف ضد الأطفال، والكشف عن تأثيراته المدمرة على الصحة النفسية، وكيف يمكن أن يساهم هذا السلوك المشين في خلق جيل مشوه يعاني من الاضطرابات النفسية والأمراض العصبية، من خلال قصص وحكايات إنسانية، أبطالها أطفال واجهوا درجات مختلفة من العنف بجميع صوره، يحكون تجاربهم ويروون مواقف شهدوا عليها وعاشوها، أفقدتهم براءتهم وطفولتهم.

ولإتاحة الفرصة للكشف عن أي جرائم ترتكب ضد الأطفال، تعلن "الوطن" عن استقبال شكاوى أو مشاكل خاصة بالقضية عبر البريد الإلكتروني newspaper@elwatannews.com، أو عبر صفحاتنا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"؛ لنساهم معًا في القضاء على هذه الظاهرة والمشاركة في بناء جيل لا يعاني من مشاكل نفسية.


مواضيع متعلقة