لا لتدمير أطفالنا.. طالب فى "ثانية ثانوى" يهدد بنت فى "رابعة ابتدائى" بـ"قرن غزال"

لا لتدمير أطفالنا.. طالب فى "ثانية ثانوى" يهدد بنت فى "رابعة ابتدائى" بـ"قرن غزال"
«دكة» فى منتصف حوش المدرسة جلست عليها 4 فتيات فى المرحلة الابتدائية أثناء حصة الألعاب، يضحكن ويتمايلن ويتبادلن الحديث، فجأة اقترب منهن طالب فى الصف الثانى الثانوى، يطالبهن بالرحيل وترك المقعد لصاحبه وإلا سيحضر بنفسه لضربهن، رفضن بعفوية وفى بضع ثوانٍ كان الطالب «م» يشهر سلاحاً أبيض «مطواة» فى وجوه الصغيرات، فما كان منهن سوى الصراخ للاستغاثة بمنقذ داخل مجمع مدارس الملك فهد فى مدينة نصر، ولا تنسى «فرح» الطالبة فى الصف الرابع الابتدائى، حد السكين الذى لامس خدها بعد رفضها الرحيل، ظلت تحت يديه لدقائق بعد أن فرت زميلاتها لإبلاغ مشرف أو مُعلم فى طريقهن، وكان الحل الأسرع الاتصال بالوالدين.
جاءت نيللى محمد، مهرولة وزوجها معها، وجدت طفلتها «فرح»، منهارة فى البكاء، عانقت والدتها وبدأت تصرخ بهستيريا، وكذلك باقى قريناتها، مشهد أفزع أولياء أمور الفتيات الأربع، جعلهم يتصلون بقسم الشرطة لإثبات الحالة ومعاقبة الطفل الذى كثرت مشاكله منذ دخوله المدرسة، لكن كان أكبر عقاب تعرض له الفصل لمدة أسبوعين حسب «نيللى»: «ماحدش قادر عليه، قبل كده شال طفل وكان هيرميه من الدور التالت».
تضامن الآباء والأمهات معاً لحماية أطفالهم فى المرحلة الابتدائية من ذلك المراهق الذى أصبح مصدر خطر وإزعاج للجميع: «عملنا محضر والموضوع اتحول للنيابة ومش هنكست على حق ولادنا»، يستنكر الجميع دخول طفل للمدرسة بسلاح أبيض يكاد يقتل الصغار فى لحظة طيش: «أنا لما سمعت بنتى بتتصل عليا وبتقول لى إلحقينى يا ماما، كنت هموت من الخوف عليها»، عنف وترهيب لم تتعرض له ابنتها طوال حياتها، أثر على نفسيتها فور حدوثه، جعلها تمتنع عن الذهاب للمدرسة مرة أخرى.
«طلاب المرحلة الابتدائية معظمهم غابوا من المدرسة»، تقولها هند محمود، والدة الطفلة «دارين»، مؤكدة أنها أول من وصل إلى المدرسة، وطلبت الشرطة لإثبات الواقعة، لافتة إلى أنها أثناء تصويرها للولد وقت حضور أمين الشرطة هجم عليها وأمسكها من ذراعها وأخذ هاتفها عنوة: «اتهجم عليا وأنا قد أمه، والظابط اللى رجَّع لى التليفون».
ترفض «هند» هذا السلوك الهمجى المتوحش الذى أرعب الصغار، موجهة اللوم إلى والديه لعدم اتخاذ موقف تجاهه ليكف عن الأذى: «لما سألت أمه إزاى تخلى ابنك يمشى بمطواة؟! قالت لى بيسوق موتوسيكل ولازم يدافع عن نفسه»، وقائع متعددة بدأ يمارسها الطفل منذ كان فى الصف السادس الابتدائى حتى اليوم، بدأت بالضرب والتعنيف وانتهت بالتهديد بالقتل: «المرة الجاية هيموت لنا طفل عشان نتحرك»، مؤكدة أنها لن ترسل أطفالها للمدرسة مرة أخرى إلا بعد فصله منها لضمان سلامة صغارها: «أنا مش هسيب كل حاجة وأروح أحرس العيال، إحنا مش عايزين راجح تانى فى المدرسة».
خبير تربوى: المدرسة فقدت هيبتها
أكد الدكتور كمال مغيث، خبير تربوى، أن هذا السلوك العنيف أصبح مظهراً إنسانياً منتشراً، خاصة بعد أن فقدت المدرسة هيبتها وقيمتها لأنها لم تقم بدورها الذى كان حافظاً لمكانتها وأهميتها، وبالتالى أصبحت أشبه بالناصية فى الشارع التى لها قواعد منها رفع السكين وممارسة العنف: «زمان لو حد فينا قال لفظ سيئ عقابه كان بيبقى شديد».
ولفت إلى أن العنف داخل الأسر أحد الأسباب التى جعلت الأطفال عدوانيين ورد فعلهم قاسياً تجاه زملائهم، إضافة إلى انتشار ألعاب الإنترنت التى أصبحت محط أنظارهم ووسيلة جاذبة لتعلم طرق جديدة للضرب من خلال تقديمها فى صور لافتة للطفل بألوانها ورسوماتها المتحركة.
كانت "الوطن" أطلقت، حملة باسم "لا لتدمير أطفالنا" تستهدف مكافحة العنف ضد الأطفال، والكشف عن تأثيراته المدمرة على الصحة النفسية، وكيف يمكن أن يساهم هذا السلوك المشين في خلق جيل مشوه يعاني من الاضطرابات النفسية والأمراض العصبية، من خلال قصص وحكايات إنسانية، أبطالها أطفال واجهوا درجات مختلفة من العنف بجميع صوره، يحكون تجاربهم ويروون مواقف شهدوا عليها وعاشوها، أفقدتهم براءتهم وطفولتهم.
ولإتاحة الفرصة للكشف عن أي جرائم ترتكب ضد الأطفال، تعلن "الوطن" عن استقبال شكاوى أو مشاكل خاصة بالقضية عبر البريد الإلكتروني newspaper@elwatannews.com، أو عبر صفحاتنا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"؛ لنساهم معًا في القضاء على هذه الظاهرة والمشاركة في بناء جيل لا يعاني من مشاكل نفسية.