لا لتدمير أطفالنا.. "أساس شغلنا الضرب".. صبي ميكانيكي "مفيش في جسمه حتة سليمة"

كتب: مها طايع

لا لتدمير أطفالنا.. "أساس شغلنا الضرب".. صبي ميكانيكي "مفيش في جسمه حتة سليمة"

لا لتدمير أطفالنا.. "أساس شغلنا الضرب".. صبي ميكانيكي "مفيش في جسمه حتة سليمة"

ضحكت الحياة على «كريم»، منحته العائلة، لكنها لم تستطع أن تمنحه نعيمها واستقرارها الذى طالما حلم به، منذ كان عمره 6 سنوات، اضطر إلى الهجرة من محافظة الفيوم إلى القاهرة، للعمل كصبى فى إحدى ورش تصليح السيارات، فى منطقة منشية الصدر، لإعالة أفراد أسرته الخمسة، صعوبة عمله ربما لا تتناسب مع جسده الهزيل، لكنه واجه الأمر بشجاعة وتعلم حرفاً مختلفة، رغم الضرب الذى يتعرض له يومياً كنوع من العقاب.

«مكوجى، صبى فى مقهى، بلية فى ورشة ميكانيكا».. حرف كثيرة عمل بها كريم على، 11 عاماً، وكل حرفة يتعلمها بالضرب والإهانة، أو هكذا يعتقد أصحاب العمل: «الضرب ده أساسى فى كل شغل اشتغلته، لأنى صغير ومش هيروحوا يشتكوا لأبويا فى البلد، وهو جايبنى هنا عشان أشتغل، كانوا بيضربونى بإيديهم على أى حتة فى جسمى عشان أتعلم وأشرب الشغلانة، ممكن صاحب الشغل يضربنى برجله بالشلوت ويقول لى غور من وشى، وده معناها أنه جاب آخره منى والمفروض أمشى من قدامه عشان ما يضربش أكتر، وده عادى بيحصل كتير».

يبيت «كريم» داخل محل مجاور للورشة، مع عمه الذى يعمل أيضاً فى القاهرة، يفترش «كوفرتة» وينام فوقها، وهو ما يعرّضه لمتاعب كثيرة، خاصة فى فصل الشتاء، لكنه لا يملك رفاهية النوم على سرير أو حتى مرتبة: «كل اللى بفكر فيه ما روّحش وأجرتى ناقص منها جنيه واحد عشان أقدر أغطى طلبات البيت مع أبويا، اتعودت إنى أحافظ على كل قرش كاسبه بعرق جبينى».

آثار لكدمات وندبات تغطى جسد «كريم»، يرجع بعضها إلى ضرب الأسطوات، والبعض الآخر إلى الإصابات أثناء العمل، يضحك ببراءة فتبرز أسنانه البيضاء وهو يقول: «مفيش فى جسمى حتة سليمة».

يحكى «كريم» عن أصعب اللحظات التى مرت عليه خلال عمله فى القاهرة، عندما يعود لأهله براتب ناقص، بسبب تعرضه لعقوبة من أحد أصحاب العمل، ترتب عليها خصم جزء من راتبه: «كان أبويا يقولى إحنا فى عرض قرش واحد، وده كان بيحسّسنى بالذنب ناحيتهم».

"نجدة الطفل": "كريم" سيرث العنف

يقول أحمد حنفى، رئيس خط نجدة الطفل بالمجلس القومى للطفولة والأمومة، إن حالات العنف والقسوة تكثر بين الحِرف، التى يكون أصحابها غير متعلمين، ويعتقدون أن الإساءة والضرب المتكرر للأطفال يسهمان فى تعليم وإتقان الأطفال للعمل بسرعة، «لو الطفل شغال صبى فى صيدلية أو سوبرماركت بيكون التعامل أرقى من كده»، وحالة «كريم» سترث العنف من صاحب العمل، وبالتالى سيزداد عنفاً ويتبع نفس الأسلوب القاسى، عندما يكبر ويصبح هو صاحب العمل.

تتم السيطرة على عمالة الأطفال بوجه عام من خلال لجنتى إدارة حالة التابعة لمجلس الطفل، وحماية الأطفال الخاصة بالتضامن الاجتماعى، بدراسة حالة هؤلاء الأطفال اجتماعياً، وتوفير معاش ثابت مشروط، بمتابعة مستوى الأطفال دراسياً، فى حال وجود تحسن والتزام الأطفال بالتعليم يتم استمرار المعاش، من أجل توفير حياة كريمة لهم.

كانت "الوطن" أطلقت، حملة باسم "لا لتدمير أطفالنا" تستهدف مكافحة العنف ضد الأطفال، والكشف عن تأثيراته المدمرة على الصحة النفسية، وكيف يمكن أن يساهم هذا السلوك المشين في خلق جيل مشوه يعاني من الاضطرابات النفسية والأمراض العصبية، من خلال قصص وحكايات إنسانية، أبطالها أطفال واجهوا درجات مختلفة من العنف بجميع صوره، يحكون تجاربهم ويروون مواقف شهدوا عليها وعاشوها، أفقدتهم براءتهم وطفولتهم.

ولإتاحة الفرصة للكشف عن أي جرائم ترتكب ضد الأطفال، تعلن "الوطن" عن استقبال شكاوى أو مشاكل خاصة بالقضية عبر البريد الإلكتروني newspaper@elwatannews.com، أو عبر صفحاتنا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"؛ لنساهم معًا في القضاء على هذه الظاهرة والمشاركة في بناء جيل لا يعاني من مشاكل نفسية.


مواضيع متعلقة