رئيس «القومى للترجمة»: منع خروج العملة الصعبة أصاب الترجمة بـ«وعكة مؤقتة».. ومؤلفات الدين والسياسة والجنس لم تعد «ممنوعات»

رئيس «القومى للترجمة»: منع خروج العملة الصعبة أصاب الترجمة بـ«وعكة مؤقتة».. ومؤلفات الدين والسياسة والجنس لم تعد «ممنوعات»
- أنور مغيث
- إعداد الدعاة
- ارتفاع الأسعار
- الإرشاد السياحى
- القومى للترجمة
- أنور مغيث
- إعداد الدعاة
- ارتفاع الأسعار
- الإرشاد السياحى
- القومى للترجمة
قال الدكتور أنور مغيث، رئيس المركز القومى للترجمة، إن عدد اللغات التى يترجم عنها المركز يصل إلى 36 لغة، منها 6 لغات أفريقية لخدمة الدارسين بالأزهر، مشيراً إلى أن المركز يسعى لكسر السيطرة الأوروبية على سوق الترجمة، وأكد «مغيث» فى حواره لـ«الوطن» بمناسبة الاحتفال بيوم المترجم المصرى، فى 27 ديسمبر من كل عام، أن الترجمة من اللغة العربية للغات الأخرى تواجه معضلة التسويق بالخارج، وللأسف الأعمال العربية ستظل حبيسة الأدراج ما لم يتم الاتفاق مع دور نشر خارجية للتسويق لهذه المؤلفات.. وإلى نص الحوار.
{left_qoute_1}
ما عدد اللغات التى يترجم عنها المركز إلى العربية؟
- وصل المركز هذا العام إلى ترجمة ما يقرب من 36 لغة مختلفة، لكن يوجد تفاوت بالنسبة للغات التى تتم ترجمتها، وهذا يتحدد بأهمية اللغة نفسها فى المجال الثقافى العالمى، فاللغة الإنجليزية نالت نصيب الأسد من ترجمة الكتب والروايات الخاصة بها، لكننا نختار اللغة بناءً على مبدأين، كسر المركزية الأوروبية، بحيث نتمكن من معرفة الثقافات من ذاتها وليس مما تمت ترجمته، فنقوم بترجمة الكتب الصينية والروسية والسواحيلية والأفريقية، حيث قام المركز بترجمة 6 لغات أفريقية مختلفة، منها «السواحيلى، الهوسا، الأمهرية»، وذلك لأن هذه اللغات لديها فروع فى جامعة الأزهر لإعداد الدعاة، لذلك يتوافر لدينا أعضاء هيئة تدريس لهذه اللغات وهم من يقترحون عمل القواميس أو معجم أمثال أو قصص قصيرة أو مسرحيات من لغات أفريقية، كما نأمل فى ترجمة الأمازيغية، لكن نظراً لعدم توافر قسم لها فلم يكن لدينا مترجم معتمد، لذلك نسعى إلى اللجوء إلى مترجمين من الجزائر والمغرب لترجمة الكتب الأمازيغية.
فى اليوم العالمى للغة العربية.. لماذا لا يتبنى المجلس ترجمة بعض الكتب من العربية للغات الأخرى؟
- هذا الموضوع مهم جداً لكن لن نترجم كتباً لنتباهى بالترجمة ثم تظل حبيسة المخازن لا نجد مكاناً لتسويقها، فعند ترجمة الكتب عن العربية يجب أن نعى جيداً إلى أين ستذهب هذه الكتب، وما الغرض من الترجمة، لذلك قررنا الاستفادة من خبرات الدول الأجنبية معنا، فمثلاً تأتى إلينا الصين وأذربيجان والأرجنتين ومعهد جوتة والمعهد الفرنسى والمعهد البريطانى، وهى دول تتوافر لديها القدرة على الإنفاق، لذا كان الحل أن تقوم كل دولة منها باختيار ما تحتاج من كتب وتوفير أجر المترجم أو فاتورة الطباعة، ما يشعل حماس الناشرين والمراكز التى تتعامل معها، لأنها تتحمل عنه التكلفة، كما يحسم تردد الناشر لأن التكلفة ستنقسم فتصبح المجازفة قليلة، لذلك يجب وجود ميزانية لدينا فتصبح لدينا القدرة على أن نتواصل مع الناشرين فى أى دولة فى العالم ونعرض عليهم الكتب التى يمكن أن يختاروا منها ما سنقوم بترجمته من العربية إلى أى لغة أخرى.
{long_qoute_1}
الشيخ القاسمى له مبادرة رصد مبلغ مليون دولار فى مسابقة للترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، فلماذا لا يكون هناك تنسيق مع هذه المبادرة؟
- أتمنى ذلك، ونحن كمنظمة عربية معترف بها فى هذا المجال سيكون جيداً جداً للتواصل معنا على الأقل فى استشارتنا فى الآليات، حيث عمل لجان متنوعة ممثلة من الدول المختلفة لاختيار نصوص تقدم وتعبر عن التعدد والتوازن بين الثقافات، لذا سنقوم بالتواصل معهم للمشاركة.
ما الآلية التى يتم على أساسها اختيار المترجم فى المركز؟
- يتلقى المركز اقتراحات إما من مترجمين أو من المراكز الثقافية، كما تقوم دور النشر الأجنبية بتقديم اقتراحاتها أيضاً، وبناءً على متابعة المركز للحركة الثقافية يتم تحديد الكتب المهمة الواجب ترجمتها فيقوم المركز بتجميع هذه الاقتراحات ويتم تقسيمها على فروع المعرفة المختلفة، حيث توجد مجموعة مسئولة عن العلوم الإنسانية وأخرى عن التاريخ وغيرهما عن الفنون والعمارة وأخرى عن الأدب، فكل فرع من هذه الفروع يتكون من 7 أو 8 أساتذة متخصصين فى الجامعات أو مترجمين كبار أو مثقفين، فيتم عرض الاقتراحات عليهم، ومن الممكن أن يصل عدد اقتراحاتهم إلى 60 كتاباً، لكن نظراً لكثرة الاقتراحات تقوم المجموعة بانتقاء الأهم منها بناءً على الكثير من الأسس مثل التكلفة وتكرار الموضوعات، والمدة الزمنية التى مرت على إنتاجه، وفى النهاية تنتقى اللجنة عدداً من الكتب لترجمتها.
هل يشترى المركز حقوق الملكية الفكرية لترجمة الكتب؟ وما الآلية التى يتبعها المترجم لترجمة الكتاب؟
- ينظم القانون حقوق الملكية الفكرية فى الدول الأجنبية وفى مصر على السواء، وتسقط ملكية الحقوق بعد 70 عاماً من وفاة المؤلف، فإذا قام أحد بترجمة كتاب من القرن الـ19 أو النصف الأول من القرن العشرين تتم ترجمته بدون حقوق ملكية، فيما عدا ذلك فنحن نتواصل مع الناشر الأجنبى لشراء الحقوق بالعملة الصعبة، حفاظاً على صورة مصر ومكانتها الثقافية بين الدول، خصوصاً إذا كان المترجم جهة حكومية.
وهل تواجهون مشاكل بهذا الشأن؟
- تواجهنا بعض الصعوبات فى الحصول على موافقة الناشر الأجنبى، ففى كثير من الأحيان يتأخر ردهم، كما أن المركز يجد صعوبة فى معرفة صاحب الحقوق، هل ترجع لدار النشر أم الكاتب نفسه، حتى يتسنى لنا شراء الحقوق بطريقة صحيحة مثل ما حدث فى كتاب «الديانات والفلسفات فى أفريقيا»، فعندما بحثنا عن صاحب الحق وجدنا أن صاحب الكتاب أعطى الحقوق لناشر آخر، وعندما تواصلنا معه أجهدنا كثيراً حتى ننال موافقته فى ترجمة الكتاب، فالمركز القومى للترجمة ليس هو الطرف الفاعل الوحيد فى حقوق الملكية الفكرية، لكن هناك أطرافاً أخرى، وعلى الجانب الآخر هناك الكثير من الكتب التى لم نجد صعوبة فى الحصول على حق ملكيتها، ونطلب من المترجمين أن يتحلوا بالصبر حتى نحصل على حق الملكية الفكرية لترجمة الكتب.
{long_qoute_2}
كيف أثر ارتفاع الأسعار على سوق نشر المركز؟
- لا شك أن تكلفة طباعة الكتب ارتفعت كثيراً عن ذى قبل، وذلك بسبب أن شراء حقوق الملكية يتم احتسابه بالعملة الصعبة، كما أن هناك زيادة فى ارتفاع سعر الورق، لكن المشكلة الحقيقية لم تكن مادية لأن وزارة المالية تقدم الميزانية المطلوبة للمركز، لكن كان هناك فترة عصيبة مر بها المركز لشراء حقوق الملكية الفكرية، خاصة عندما منع البنك المركزى خروج العملات الصعبة من مصر، ما جعلنا نبذل جهداً كبيراً فى شرح مدى أهمية هذه الكتب الثقافية، لكن حالياً تم حل الأزمة.
هل تناقص معدل الكتب المترجمة بعد ارتفاع الأسعار؟
- لم يتناقص المعدل الذى اعتاد المركز ترجمته، فبعد الانتهاء من ترجمة قائمة الكتب يقوم المركز بإبلاغ وزارة المالية بالمبالغ المستحقة عليها للمطابع وتقوم الوزارة بتسديدها.
ماذا عن نصيب المحافظات من منافذ البيع الخاصة بالمركز؟
- المركز يحرص على إقامة معارض فى الجامعات المختلفة والأقاليم، منها «أسوان، المنصورة والإسكندرية»، بالإضافة إلى المشاركة فى المعارض الأخرى، ورغم ذلك لا يمكن اعتبار أن هذه خطة توزيع مثالية، فنحن نحتاج إلى أكثر من ذلك، ونأمل أن يكون لنا منافذ توزيع فى أهم محافظات مصر، مثل الإسكندرية ومحافظتين فى الدلتا ومحافظتين فى الصعيد، فقد كان هناك وعد من جانب جامعة الإسكندرية بتخصيص قطعة أرض داخل الجامعة كمركز لبيع كتبنا، كما توجد محاولات للتسهيل من جانب المركز لبيع الكتب إلكترونياً عن طريق وكالات تطرح عناوين الكتب لينتقى القارئ الكتاب الذى يريده، أما بالنسبة للمعارض العربية فهناك مبيعات جيدة لكتبنا وإقبال يتزايد كل عام.
ما عدد النسخ التى تتم طباعتها من الكتاب الواحد بعد ترجمته؟
- تتم طباعة ما يقرب من ثلاثة آلاف نسخة للكتاب الواحد، ويوجد بعض الكتب التى تنفد نسخها بشكل سريع، ما يدفعنا للطبعة الثانية والثالثة منها وأحياناً نطبع من الكتاب الواحد 4 أو 6 طبعات، مثلما حدث فى أحد كتب جلال الدين الرومى نظراً للإقبال الشديد عليه، وهناك بعض الكتب التى لها حقوق لا نستطيع إنتاج طبعة ثانية بعدد ألف نسخة زيادة إلا بعد الحصول على موافقة الناشر الذى يطلب رسوماً إضافية.
أعلنت مؤخراً عن جائزة للترجمة الصينية، فما تفاصيلها؟
- هى مسابقة بالاتفاق مع المركز الثقافى الصينى لتشجيع الشباب على العمل فى مجال الترجمة الصينية، حيث أصبح لدينا شباب كُثر حاملون شهادات جامعية فى هذه اللغة وأمامهم العديد من المجالات كالتدريس والإرشاد السياحى بالإضافة إلى الترجمة، لذا كان الهدف من هذه المسابقة تشجيع الشباب على اتخاذ الترجمة كعمل أو مورد رزق، ومن شروط المسابقة أن تكون سن المتقدمين فى الفئة العمرية بين 25 و40 عاماً، حتى ينفتح المجال أمام المبتدئين من الشباب فقط، والمسابقة تضم اقتراح نص صينى متوسط الحجم ويتم تشكيل لجنة من المختصين لاختيار الفائز الأول ليقوم المركز القومى للترجمة بنشر النص الفائز فيما بعد، بالإضافة لحصول الفائز على جائزة مالية، وهذا أيضاً ما تم إعداده مع المركز الثقافى الإسبانى سابقاً، وعندما نجحت التجربة نقلناها للتعاون مع المركز الثقافى الصينى.
{long_qoute_3}
هل يمكن تكرار مثل هذه التجربة مع مراكز ثقافية أخرى؟
- طبعاً، لكن نحتاج أن يقوم المركز الثقافى لأى دولة أجنبية بالمبادرة لعرض الفكرة، وأن يكونوا متحمسين لها، لأنهم يتحملون تكاليف مادية، حيث يقومون بتحمل نفقات جوائز الفائزين فيما يتحمل المركز تكاليف الطباعة والنشر وتوفير لجان تحكيم.
{left_qoute_2}
عدت للتو من فرنسا بعد تمثيل مصر كرئيس لمؤتمر التنوع الثقافى، فما رؤية مصر التى تم طرحها؟ وما الهدف من المشاركة؟
- اتفاقية التنوع الثقافى هى إحدى اتفاقيات اليونيسكو لحماية وتعزيز التنوع الثقافى، تمت صياغتها فى عام 2005 ثم فُتح باب المشاركة فيها ووافقت مصر فى 2006، وبذلك أصبحنا من الدول الأعضاء البالغ عددها الآن 146 دولة، ويتم عمل اجتماع دورى كل سنة لمتابعة مدى تنفيذ وانتهاك بنود هذه الاتفاقية، ومنذ عامين تمكنت مصر من أن تكون عضواً فى مجلس إدارة الاتفاقية، والعام الماضى تم اختيارها لتصبح رئيسة المؤتمر لهذا العام، ويكون تمثيل مصر من خلال وزارة الثقافة وليس الخارجية، وبالتالى اختارتنى وزارة الثقافة كى أمثل مصر فى رئاسة المؤتمر لهذا العام، والمؤتمر عبارة عن مجموعة من الجلسات التى تتابع تنفيذ الاتفاقية على مستوى العالم، من خلال 4 محاور أساسية تتمثل فى الحفاظ على التراث الثقافى غير المادى، الإنتاج الثقافى ومدى تطبيعه مع التنمية المستدامة، بحيث جعل القوى الناعمة مصدراً للدخل، الاعتراف بالتنوع الثقافى داخل المجتمع نفسه، بحيث لا تكون هناك ثقافة واحدة هى المهيمنة ويتم السماح لباقى الثقافات بالتعبير، وقد كان قبل ذلك ينظر إليه على أنه تفتيت للمجتمع الواحد لكن الآن تغير الحال ليصبح ثراء ثقافياً للمجتمع ليسهم فى تدعيم الإشعاع الثقافى للدولة فى الخارج.
{left_qoute_3}
تتميز مصر بالثقافات المتعددة ما بين البدوى والدلتا والصعيد وحلايب وغيرها، كيف تم عرض هذا التنوع فى المؤتمر؟
- توجد جلسات، ولكل جلسة محاور ومواضيع تم تناولها، كما تجدر الإشارة إلى أن مفهوم التنوع الثقافى يتم تطبيقه فى التعليم، ولذلك يجب إبراز علامات توضح أن الدولة منفتحة على ثقافات الآخرين، فوجود مركز قومى للترجمة ومهرجان دولى للسينما دليل أننا نستضيف من الثقافات الأخرى داخل مجتمعنا، كما يتم إبراز أن دستورنا لأول مرة يشير إلى التنوع الثقافى تحت رعاية الدولة، ومهمتنا الآن هى إقناع حاضرى المؤتمر أن مصر قامت بالتوقيع على الاتفاقية لاهتمامها بأهمية التنوع، وكل عام نتخذ خطوات جديدة نحو مزيد من احترام الاتفاقية.
ومهمة رئاستنا للمؤتمر هى فتح باب النقاش فى الموضوعات المطروحة مثل علاقة الدولة بالمجتمع المدنى فى مجال الثقافة، فهل الدول ستقوم بتمويل أم ستراقب أم يتم إلغاء المراقبة؟ فهذه المواضيع محل نقاش واختلاف فى كل قارة بل وكل دولة عن الأخرى، ومهمة مصر هى إدار ة النقاش فى هذا الأمر للوصول إلى توصيات يوافق عليها الأغلبية، وهذه التوصيات تتحول لأشياء يمكن تطبيقها ومتابعة تنفيذها حتى يتم فى دورة المؤتمر فى العام المقبل تقييم الوضع الراهن بالنسبة لتوصيات العام الماضى، لذا فإن وظيفتنا ليست إملاء شىء أو التوجيه ولكن إدارة النقاش العالمى للوصول لتطبيق الاتفاقية بشكل أفضل.
وما المكاسب التى حققتها مصر؟
- مؤتمر التنوع الثقافى يتم التمثيل فيه عن طريق الحكومات وليس أصحاب المشروعات الخاصة العاملة فى مجال الثقافة كمنتج سينمائى مثلاً، ولكن نحب أن نوضح أن الحكومة ترعى هذا الموضوع، أما عن المكسب فإن رئاسة هذا المؤتمر تتم بالانتخاب وليست دورية، وفوز مصر بثقة وأصوات الدول ما هو إلا دليل على مكانتها، كما أننا إذا تمكنا من الوصول إلى توصيات جيدة يمكن تطبيقها فى خدمة الاتفاقية ستكون هناك إشادة واسعة بالدورة التى رأستها مصر، كما نتمكن من معرفة ما تقوم منظمة اليونيسكو بطرحه كقنوات للتمويل، كما توجد جامعات من السويد وسويسرا تقوم برعاية وتمويل المشروعات المتعلقة بهذه الاتفاقية، لذا فإن مقدم المنتج الثقافى يتقدم لليونيسكو ومن ثم تقوم المنظمة بتوجيه المشروع لإحدى جهات التمويل المعتمدة بسويسرا والسويد، وبذلك يمكننا الحصول على خريطة اليونيسكو للمشروعات ولقنوات التمويل، ومن خلال مؤسسات وزارة الثقافة يتم إيصالها لمنتجى الثقافة، فلو افترضنا أن هناك شخصاً يريد عمل فيلم عن صيد السمك فى البحيرات الطبيعية، فيقوم بطلب دعم من صندوق التنمية الثقافية، الذى يقوم بتوفير الدعم له من خلال صياغة طلب لليونيسكو من خلال معرفة الموضوعات التى تتحمس لها المنظمة.
بالنسبة لمحور التراث غير المادى، نجد أن بعض الدول تحاول السطو على تراث مصر، فما الخطوات التى تمكننا من مواجهة عمليات السطو هذه؟
- لدينا إنجازان مهمان فى مصر، وهما إدراج كل من التحطيب والأراجوز ضمن التراث العالمى، وهذا لا يجعلنا نمنع ممارسة مثل هذه الأعمال الفنية فى أى دولة كنوع من الاحتكار، لكن أن يكون معروفاً أن هذا بالأساس فن مصرى، لكن حالياً غير مطروح العمل على الأكلات ضمن قوائم التراث، فمثلاً وجبة مثل «الفلافل»، وهى مصرية الأصل كما هو معروف، لذلك غير مقبول أن تقوم إسرائيل بزعم أنها «وجبة يهودية»، هذا هو مجرد نوع من الادعاء ولا توجد حتى الآن جهة تستطيع تحرى الأمر والفصل فى تراثية الأكلات، لكن نحن نقوم بجهد ذاتى فى ذلك من خلال توثيق الأطعمة والحديث عنها بكثرة حتى يعرف العالم مصدر الأكلة.
هل يتم عمل محاولات فى إطار إثبات تراثية بعض الأكلات؟
- طبعاً، فموضوع الأراجوز لم يتم إثبات مصريته بإرسال صور فقط إنما تم عمل وثائق لإدارة المعركة حتى يتم إقناع الناس أننا أمام فن أصيل ومهم وممتد الجذور عبر السنين، ومن الصعب أن يختفى.
ما الذى يمكن عمله لإثبات مصرية أشياء مثل الفلافل والكشرى؟
- حتى الآن لا توجد جهة أو هيئة دولية لإثبات أصل كل وجبة، وما تقوم به إسرائيل مجرد ادعاءات ليس لها علاقة بوجود لجنة أو جهة للأكلات، وتوجد رسالة علمية لتوثيق مصرية الفلافل فى جامعة السوربون وعن أنها تم اختراعها عندما بحث المسيحيون المصريون عن وجبة نباتية بعد أن تم فرض الصيام، وهذا توثيق أكاديمى ولا توجد هيئة متخصصة فى ذلك.
لدينا تابوهات أو موضوعات متعلقة بالدين والسياسة والجنس، هل واجهنا صعوبات فى ترجمة مؤلفات تتحدث فى مثل هذه المواضيع؟
- لم تعد ممنوعات بعد أن أصبح تداولها عبر الإنترنت شائعاً، فالكل يتحدث فى الدين والسياسة والجنس بشكل عادى وأحياناً بشكل زائد، لذلك لم يعد الحظر قائماً، وعندما نختار كتباً تعبر عن مجتمعنا لترجمتها للغات أجنبية، ولكى نتفادى أن يبحث الناشر الأجنبى عن كتاب يتحدث عن الجنس أو كتاب يهاجم الدين، فنحن لا نرفض ذلك، لكن الاقتصار على مثل هذه المواضيع لن يعطى صورة كاملة، ولذلك يجب التنوع وتناول الموضوعات ذات العلاقة بالوضع الراهن، مثل تلك التى تتحدث عن وضع المرأة وحريتها وعن التنمية وحرية الإبداع.
هل سنقوم بترجمة كتاب حتى إن كان يهاجم إحدى مؤسساتنا، كالمؤسسة الدينية مثلاً، بدافع معرفة ماذا يقول الغرب عنا؟
- لن نترجمه لأنه يهاجم، وأولاً نحن نترجم ما كتبه الآخرون وهذه الكتب المترجمة ليست من ترجمة المركز، لذلك فإن الآخرين ليسوا مثلنا، وبالطبع فإن الآراء مختلفة ولو اتفقت الآراء فمن الأفضل ألا نترجمها، لذلك فنحن نراعى أن فى هذه الكتب ما لا نوافق عليه، فنحن لا نترجمها باعتبارها تحمل الحقيقة، لكن باعتبارها نظرة أشمل للموضوع حتى نستطيع مناقشته، وبالتالى فنحن نترجم عن حرية المرأة والمجالات العلمانية وتحقيق المواطنة والفكر السياسى، وقمنا بترجمة كل دساتير العالم، كل ذلك حتى يصبح لدينا مصادر معرفة استرشادية للقارئ حتى يستطيع أن يعرف رأى الآخرين، لذلك لا نختار بناء على الاختلاف أو الاتفاق وإنما أولاً نبحث عن المؤلف وما قيمته العلمية والفكرية والأدبية ومراجعه، ما يزيد من الثقل العلمى للكتاب والفائدة الفكرية العائدة منه حتى وإن اختلفنا فى التناول.
كيف نهرب من ترجمة النص كما هو أو ترجمته برؤية الكاتب أو تحريف الكتابة؟
- هذه المعضلة ليس للمركز دخل فيها وإنما تخص المترجم، وهناك بعض المترجمين الذين يتعاملون مع النص باستهتار، لذلك نقوم بإرسال النص لمن يقوم بفحصه حتى نتأكد من كون الترجمة أمينة، فالمترجم بين اختيارين، إما الدقة وإما الوضوح، فالترجمة الدقيقة تهتم بأن تكون الجملة الأجنبية نقلت إلى اللغة العربية مثلاً بمنتهى الحرفية والدقة ولكن قد لا يستسيغها العقل أو أنها غير واضحة، وعندما يحاول المترجم توضيحها فيتفاجأ بأن بعض الدلالات فى النص الأصلى قد اختفت، لذلك فالمترجم أمامه موقفان ليحسم أمره بينهما حتى يخرج نص يجمع بين الاثنين قدر المستطاع.
فى عام ذوى الاحتياجات الخاصة، لماذا لم نر كتاباً مترجماً بطريقة برايل؟
- اتفقنا مع المطابع الأميرية أن نقوم بعمل هذه التجربة، وقد تسلمت نموذجاً تجريبياً، وكان الكتاب على الرغم من صغر حجمه فعند طباعته بطريقة برايل أصبح كبير الحجم جداً، ولذلك فإننا متفقون أن يتم اختيار كتب ذات قيمة عالية ولكن صغيرة الحجم، ولذلك تم اختيار 5 عناوين وإرسالها للمطبعة لتسلمها وطرحها فى معرض الكتاب وإرسالها للجهات المختصة، مثل لجنة مجلس النواب وجمعية النور والأمل ثم يمكنهم بعد ذلك اختيار العناوين التى تتم طباعتها.
«مغيث» يتحدث لـ «الوطن»