بالفيديو|«قصر العينى».. «طوابير الألم» تملأ طرقات المستشفى.. والمعامل خارج الخدمة.. وقوائم الانتظار طويلة.. والمرضى: «المحسوبية أساس العلاج»

بالفيديو|«قصر العينى».. «طوابير الألم» تملأ طرقات المستشفى.. والمعامل خارج الخدمة.. وقوائم الانتظار طويلة.. والمرضى: «المحسوبية أساس العلاج»

بالفيديو|«قصر العينى».. «طوابير الألم» تملأ طرقات المستشفى.. والمعامل خارج الخدمة.. وقوائم الانتظار طويلة.. والمرضى: «المحسوبية أساس العلاج»

يعانى المتردّدون على مستشفى «قصر العينى» القديم وذووهم من واقع مرير حين يذهبون إلى المستشفى، بحثاً عن علاج، فقوائم الانتظار لا تتحكم فيها إلا الواسطة أو المحسوبية، والطرقات مكتظة بالمرضى، والأسرة امتلأت عن آخرها بالمصابين، والأجهزة تفتقد الجاهزية.

«قصر العينى» الذى أطلق عليه البعض «حصن الفقراء» أصبح «مقبرة لهم»، حسب المتردّدين عليه، فكل المداخل قد تُفضى إلى الموت، بعد المرور بمعاناة كبيرة، وأعداد مهولة من المرضى تنتظر العلاج والكشف عبر طابور طويل، سواء فى «العيادات الخارجية» أو التحويلات من المستشفيات الأخرى أو عن طريق التأمين الصحى.

{left_qoute_1}

كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً، عندما شهد محيط العيادات الخارجية زحاماً من المرضى على أبواب ومداخل العيادات من «باطنة وجراحة وأنف وأذن وحنجرة ومخ وأعصاب وغيرها»، وافترش عشرات منهم أمام البوابات، فى انتظار نداء الممرضات أو «التمرجية» عليهم، لإجراء الكشف أو الفحوصات اللازمة للأطباء للحصول على العلاج. ورصدت «الوطن» نموذجاً للوضع المؤلم داخل عدد من العيادات، خاصة بعد شكاوى بعض المرضى من وجود أزمات تمثلت فى نقص بعض الأدوية والمستلزمات، ونقص الإمكانيات وعطل الأجهزة الخاصة بالكشف، وكذلك خروج عدد من أجهزة التحاليل والأشعة من الخدمة، خاصة الأشعة التى تسمى بأشعة «الإيكو» والأشعة العادية (أشعة X)، والأشعة المقطعية، والموجات فوق الصوتية، والرنين المغناطيسى، والطب النووى (الفحص الذرى).

وقالت «أم محمد»، من مركز الصف التابع لمحافظة الجيزة، إن والدتها أصيبت بمرض فى الغدة الدرقية وتعانى معاناة شديدة، موضحة أنه تم تحويلها من الدكتور المعالج لها بالمدينة إلى المستشفى «قصر العينى» لتلقى العلاج، مضيفة أنها فوجئت بسوء تقديم الخدمة العلاجية لوالدتها فى المستشفيات، وتقاعس الأطباء عن تأدية الدور المنوط بهم فى توفير جميع أوجه الرعاية والعلاج لأمها، مستطردة: «دخلنا للدكتور علشان يكشف عليها، فطلب منها أشعة، فروحنا نعمل الأشعة قالوا لنا فى الدور الخامس، وفوجئنا بأن مفيش أسانسير للمرضى والأسانسير الموجود عطلان، أو أى حاجة علشان تنقلهم لفوق، وأمى زى ما انتم شايفين نايمة على السرير مش بتتحرك، ومفيش حد راضى ييجى يساعدنا، ولينا أكثر من 3 ساعات فى الطريق و15 يوم قاعدين فى الشارع، ومحدش بيسأل فينا».

وأضافت أن هناك أحد الأشخاص أرشدها إلى اتباع مبدأ «ادفعى علشان تقضى مصلحتك»، لمساعدتها وتلقى خدمة علاجية، متسائلة: «لو حد مامعاهوش فلوس ودى مستشفى للغلابة هيعمل إيه؟».

{left_qoute_2}

وتابعت أنها واجهت العديد من المشاكل داخل المستشفى، تتمثل فى سوء التنظيم والنظافة داخل العيادات، وكذلك عدم وجود أى معامل أو أماكن لأشعة فى أماكن قريبة، فضلاً عن سوء الخدمة الأمنية وكثرة الباعة الجائلين. وتحدثت الوالدة قائلة: «أنا تعبانة»، فى حين قال أحد الممرضين بالقسم الباطنى: «أى مريض يتم احتجازه بالمستشفى يكون عن طريق أستاذ أو طبيب، استشارى، يتابع معه المريض من الخارج عبر عيادته الخاصة، ليتم التواصل معه، ليأتى ويتابعه فى المستشفيات، وما دون ذلك لا يتمتع بأى حق، ويكون مصيره الإهمال وتردى وضعه الصحى أو الموت».

واشتكى على محمود، المقيم بمنطقة فيصل الهرم التابعة لمحافظة الجيزة، من سوء معاملة الأطباء والتمريض تجاه المرضى، وقال إن العملية داخل المستشفيات تتم عن طريق الواسطة والمحسوبية، مضيفاً أنه تم تحويل شقيقه «محمد»، المصاب بتليف كبدى «فيروس سى»، من طبيب خارج المستشفى، لإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة لأخذ العلاج المناسب له، لافتاً إلى أنه فوجئ بتأخر موعد إجراء الفحوصات التى تم تحديد موعد لها فى الـ5 من شهر نوفمبر المقبل، نظراً لكثرة الحاجزين ضمن طابور الانتظار.

وأوضح: «كل ما كان يفعله الطبيب بالمستشفى قبل أى شىء، وقبل توقيع الكشف الطبى على أى مريض، هو طلب الأشعة والفحوصات قبل ما يعرف المريض أصلاً بيشتكى من إيه، وأن الممرضة تهمس فى الأذن، وتقول الأشعة والتحاليل خارج المستشفى، لأن الأجهزة هنا أغلبها عطلانة، والدور طويل، وبتبعتنا لمعامل خاصة خارج المستشفى».

وبجانب أبواب العيادات، جلست زينب الجباس، المقيمة بإمبابة، وتشتكى من مرض «داء الفيل»: «ليا أكثر من 3 شهور متبهدلة بين العيادات والاستقبال والتحاليل والفحوصات». وأشارت إلى أنها جاءت للمستشفى لتلقى العلاج، وفوجئت بعدم الاهتمام، لا من طبيب أو ممرض أو أى شىء».

وأوضحت أنها عندما دخلت للطبيب لتلقى العلاج، طلبوا منها عدداً من التحاليل والأشعة من الخارج، لافتة إلى أن أجهزة المستشفى لا تعمل، والأجهزة التى تعمل يتم الحجز فيها بالدور الذى يمتد لأكثر من أسبوعين، لافتة إلى أنها لجأت لعمل الأشعة فى المعامل الخاصة، وتجاوز سعرها الـ500 جنيه، وعندما كتب لها الطبيب روشتة العلاج تم صرفها لها ناقصة من كل نوع «شريط» أو «حقنة أو حقنتين».

من ناحيته، اشتكى محمود عبدالجواد، المقيم بمدينة قويسنا محافظة المنوفية، من أنه أصيب منذ أكثر من 6 أشهر بكسور فى قدميه الاثنتين، نتيجة حادث على الطريق الدائرى، أثناء رجوعه من العمل، لافتاً إلى أنه تمت إحالته إلى مستشفى قصر العينى، وتم عمل عدد من العمليات له، والتى باءت كلها بالفشل، مشيراً إلى أن أهله واجهوا العديد من الأزمات أثناء عمل العمليات، التى تمثلت فى نقص المستلزمات والأدوية، وكذلك وجود عدد من المتبرعين بالدم قبل إجراء العملية، مستطرداً حديثه، قائلاً: «أحد الأطباء نصحنى بضرورة الخروج واستكمال العلاج بالخارج، حفاظاً على روحى من الإهمال».

من جانبه، علق محمد عبدالصبور، القادم من مدينة الواسطى التابعة لمحافظة بنى سويف، بأنه تمت إحالته من مستشفى الواسطى العام إلى مستشفيات جامعة القاهرة «قصر العينى»، بعد تدهور حالته وإصابته بتليف كبدى، مؤكداً أنه فوجئ عندما وصل المستشفى بعطل فى أجهزة التحاليل والأشعة، لافتاً إلى أن أحد طاقم التمريض قام بنصحه، إذا أراد أن يعجّل إجراءات العلاج، يجب عمل الأشعات خارج المستشفيات، فى أحد المعامل الخارجية الخاصة.

وأوضح «عبدالصبور»، أن هناك إهمالاً شديداً تعانى منه المستشفيات الجامعية حتى اليوم، لافتاً إلى أنه استمع لأكثر من مريض تقدّم بشكوى لإدارة المستشفى من سوء وتردى الأوضاع الصحية والمهنية والسلامة داخل المستشفيات، مؤكداً أن الحالة التى وصلت إليها رعاية المرضى لا تمثل أدنى مسئولية.

وناشد «عبدالصبور» المسئولين ضرورة الاهتمام أكثر بالمستشفيات، وعدم الاكتفاء بالمناصب والكراسى والجلوس فى المكاتب ومتابعة العمل بالتليفون، وطالبهم بالاقتداء بالرئيس عبدالفتاح السيسى فى متابعته للعمل الميدانى بنفسه. وتابع أن المستشفى يعانى من خروج العديد من المعامل الخاصة بالتحاليل والأشعة من نطاق الخدمة، لافتاً إلى أن عمل الأشعة والتحاليل يتم بأسبقية الحجز أو الواسطة والمحسوبية.

وفى عنابر الحجز وغرف المرضى والطرقات المحيطة والمؤدية لها والطوارئ، رصدت «الوطن»، واقع الإهمال والتكدس وعدم النظافة، حيث تجد مريضاً يساعد نفسه فى قضاء حوائجه أو انتقالاته، وكذلك معايشة القطط الضالة لهم ومشاركتها الحياة معهم، بالإضافة إلى وجود عدد من المرضى ذوى الحالات الصعبة يتألمون فى الطرقات وأمام أبواب غرف الأطباء فى انتظار العناية والاهتمام.

«حسبى الله ونعم الوكيل»، بهذه الجملة عبّر «محمد» عن مأساته فى التنقل بوالده من قسم القلب للطوارئ وهو طريح الفراش على سريره الذى ينام عليه، دون أن يساعده أى شخص ضمن الطاقم الطبى للمستشفى، مستطرداً: «رايح جاى بوالدى، ومفيش أى مساعدة»، لافتاً إلى أنه فوجئ بتردى الأوضاع داخل المستشفيات، ومضيفاً أن الواسطة والمحسوبية أساس العلاج بمستشفيات قصر العينى.

وأمام عنبر قسم القلب فى الدور الثانى بعد الأرضى، وبجوار البلكونة الخارجية، تجلس «أميمة» واضعة يدها على خدها فى انتظار الاطمئنان على صحة والدها بالعنبر أثناء مرور إدارة المتابعة، وبجانبها جهاز يخص والدها أحضرته من الخارج لمساعدته فى عملية التنفس، أكدت «أميمة» أن الخدمة المقدّمة للمرضى أسوأ مما كانت تتوقع، مطالبة المسئولين بسرعة التدخّل لحل الأزمات والمشاكل التى تعانى منها المستشفيات ويغفل المسئولون عنها بدعوى ضعف الإمكانيات.

وفى الدور الأول، جلست «أم محمد» وإخوتها ورفاقها فى الطريق أمام القسم، تنتظر فتح باب الزيارة أمام الزائرين، مطالبة إدارة المستشفيات بالاهتمام نوعاً ما بالمرضى وذويهم وتخصيص أماكن للانتظار لائقة، بدلاً من التى تتخللها القمامة فى كل مكان.

 

مريضة خارج المستشفى لم تجد لها مكاناً لتتلقى به العلاج بالداخل

 

أحد المرضى ينام بالممرات داخل المستشفى


مواضيع متعلقة