كواليس «الإعلان الدستورى».. «الرئاسة» آخر من يعلم

كواليس «الإعلان الدستورى».. «الرئاسة» آخر من يعلم
لم تكن أحداث الاتحادية حدثاً عادياً، كانت بمثابة الشوكة التى حطمت الكيان الإخوانى بعد توحشه فى نظام الحكم.. وراء كل قضية تفاصيل خفية يكشفها الموجودون فى قصر الاتحادية لـ«الوطن» عن تلك الأحداث التى كانت سبباً رئيسياً فى السقوط السريع للنظام، تفاصيل يكشفها مستشارون للرئيس السابق «مرسى»، وشخصيات عامة شاركت فى الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس فى أعقاب إصداره الإعلان الدستورى الذى قسم به البلاد ما بين مؤيد ومعارض.
يقول خالد علم الدين، مستشار الرئيس السابق لشئون البيئة، إن «الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس نهاية نوفمبر الماضى كان مفاجئاً للجميع، بمن فيهم المستشار محمود مكى نائب الرئيس، الذى قال إنه علم بتفاصيل الإعلان من شاشات التليفزيون بصورة جعلت الجميع فى قمة غضبه، وبخاصة لأن الإعلان كان يحصن قرارات الرئيس، ولا يريد أن يراجعه أحد فيها، إلى جانب تعيين النائب العام بصورة غير لائقة لنظام مدنى منتخب»، خرج «علم الدين» مندداً بالإعلان الدستورى رافضاً كل بنوده، باستثناء تحصين لجنة الخمسين على حد قوله، ولكن الرئيس كان مصراً على موقفه، ولا يرغب فى مناقشته.
خروج الكثيرين واعتراضهم واللجوء إلى الاعتصام على أبواب الاتحادية كان فاصلاً فى الأزمة وقتها، بدأ الحديث عن دور جديد لحزب الحرية والعدالة، بحسب ما كشفه «علم الدين»، الذى يقول: «مؤيدو الرئيس من حزب الحرية والعدالة قاموا بدور بديل عن الشرطة والحرس الجمهورى فى حماية الرئيس وتأييده بصورة سلبية مثلما حدث، وقرروا الخروج والاعتصام فى ميدان رابعة العدوية لتأييد قرارات الرئيس، وليكونوا قريبين من القصر الرئاسى بصورة تجعلهم قادرين على حماية الرئيس إذا ما وصل إليه المعارضون، وطلبوا من حزب النور المشاركة معهم فى تلك الفعاليات، إلا أن الحزب استشعر الكارثة المتوقعة باحتمالية وقوع اشتباكات، وهو ما دفعنا لرفض المشاركة فى تلك الفعاليات».
يستعيد «علم الدين» تفاصيل ذلك «اليوم المشئوم» الذى رفض فيه الرئيس الاستماع لمستشاريه فى قصة الإعلان الدستورى الذى تضمن بنوداً كثيرة يصفها «علم الدين» بأنها «غير دستورية»، وهو ما دفع خمسة أو ستة من المستشارين إلى التقدم باستقالتهم، بينهم عمرو الليثى وأيمن الصياد، فى حين احتفظ هو بمنصبه مقرراً الاعتراض على الإعلان وتسجيل اعتراضه على سياسات الرئيس وقراراته. يدخل «علم الدين» وحزبه نفقاً مظلماً من الاتهامات بالتخوين والارتماء فى أحضان الليبرالية، عقب تسجيلهم اعتراضاً على الإعلان الدستورى الذى أشعل الجميع غضباً من حوله. يتحدث «علم الدين» عن سياسات التهميش التى اتبعها «مرسى» وجماعته فى قصر الاتحادية فيقول: «بدأ (مرسى) فى تهميش وجودنا وكأننا ليس لنا وجود فى كافة قراراته، على الرغم من أنه اعتاد على تهميشنا فى القرارات المهمة والاحتفاظ بالمقربين له من جماعة الإخوان المسلمين لمشاركته الرأى، لكنه بعد أحداث الاتحادية كان أكثر وأشد تهميشاً».
فى يوم اشتباكات الاتحادية وافق عشرات السياسيين على عمل حوار وطنى مع الرئيس المعزول محمد مرسى، لكن الحوار لم يكن على القدر الكافى لأزمة كبيرة صنعها النظام، فكما يقول الدكتور نبيل دعبس، مؤسس حزب مصر الحديثة وأحد المشاركين فى جلسات الحوار، إن «الرئيس كان يترك الأمر لاثنين من المقربين له، وهما باكينام الشرقاوى المستشار السياسى له، وأبوالعلا ماضى الذى أدار جلسة الحوار الوطنى وقتها بأمر من الرئيس، وهو ما جعله يتمادى فى تهميش بعض الحاضرين، ويترك الحوار لمن يؤيدون القرار ومن يساندون (مرسى) فى سياساته الخاطئة»، يكمل «دعبس»: «وقت ما رحنا القصر كان فيه اشتباكات فظيعة، وكانت عربيات ناس فينا اتكسرت من الاشتباكات، ولكننا اضطررنا للذهاب من أجل التوصل لحل ينقذ البلاد من الوقوع فى أزمة محققة بفعل إعلان دستورى غير قانونى»، ويواصل «دعبس»: «طالبت (مرسى) بأن يلغى الإعلان تماماً، ورفضت فكرة تعديل بنود فيه، نظراً للاعتراضات الكثيرة التى حملها الشارع والغضب الذى لاحق تلك القرارات غير الدستورية». يتذكر «دعبس» الساعات الطويلة التى امتدت إلى 12 ساعة كاملة من الحوار الوطنى، الذى انتهى إلى ضرورة إلغاء الإعلان الدستورى لتهدئة الشعب الغاضب من تلك القرارات، وبالفعل رضخ الرئيس المعزول لتلك المطالبات، وطالب «العوا» بإصدار إعلان دستورى آخر يلغى فيه ذلك الإعلان الذى أثار غضب الجميع وأشعل النيران من حوله. يستعيد «دعبس» المشهد جيداً ليرى أن من كان يحرك القرارات ويتحكم فيها أبوالعلا ماضى وباكينام الشرقاوى، أى من يمثلون حزب الحرية والعدالة ويؤيدونه بشكل كبير، ولم يكن هناك مساحة لأى من معارضيه أو المختلفين معه، بصورة جعلت النظام يسقط سريعاً بعد عام واحد من الحكم.
بدوره يعود ممدوح رمزى، نائب الشورى السابق، بالذاكرة إلى جلسة الحوار الوطنى التى حضرها عقب أحداث الاتحادية، فيقول: «فى اليوم الذى تلا دعوة الرئيس للحوار الوطنى فوجئت بأحد الأشخاص من قصر الرئاسة يكلمنى على التليفون ويبلغنى بدعوتى إلى جلسات الحوار حول الوضع السياسى فى مصر والنقاش حول الإعلان الدستورى الذى أصدره (مرسى). حرصت على حضور الحوار الوطنى وكنت معتقداً أن (مرسى) سيكون صادقاً فى هذه المرة لأن الشارع قد انفجر رفضاً لهذا الإعلان غير الدستورى الذى أصدره، وحضرت مع عدد من المعارضين لهذا الإعلان، وكان من بين المؤيدين الذين حضروا محمد سليم العوا وعصام سلطان وأبوالعلا ماضى والدكتور أحمد كمال أبوالمجد. أما المعارضون فكان من بينهم رامى لكح والدكتور أيمن نور وأشخاص آخرون».
مع بداية الحوار الوطنى اعترض عدد كبير من الحضور على الإعلان كما يقول «رمزى»، «لكن لم يكن هناك أحد من أنصار «مرسى» أو الإخوان مهتماً بمطالب المعارضين من الحضور، لأن «مرسى» وأعوانه أهملوا آراء الحضور. وبعد جلسات امتدت لساعات طويلة طلب «مرسى» حضور اجتماع مغلق مع الدكتور محمد سليم العوا وأحمد كمال أبوالمجد وعصام سلطان وأبوالعلا ماضى، حتى يقوم بصياغة ما تم الاتفاق عليه، وهو ما اعتبرناه سلوكاً غير حيادى، وانحيازاً واضحاً من الإخوان وأنصارهم ضد المعارضين لإعلان (مرسى)»، ويضيف: «بدأت أشعر بأن حضورى لهذه الجلسة خطأ، وتداركت ذلك الموقف فبدأت فى الانسحاب من الجلسات، وقتها جاءنى ياسر على ليقول لى: الرئيس أبلغنى يا أستاذ ممدوح بأنك لازم تقعد للآخر وتحضر المؤتمر الصحفى حتى لا يشعر الناس بأنك غير راضٍ عن هذا الحوار. فجلست منتظراً نتيجة الاجتماع المغلق الذى يقوم فيه الرئيس مع أنصاره بوضع الإعلان الدستورى المعدل بعد سماع رأى الحضور».
يمضى «رمزى» فى روايته ليتذكر أن الحاضرين توصلوا إلى صيغة معينة فى الاجتماع المغلق بتعديل الإعلان، وأنهم قرروا عرضها فى مؤتمر صحفى، غير أن المؤتمر شهد إعلان مواد مخالفة لما اتفق عليه الحضور، أو ما عبر هو عنه: «اللى حضروا الاجتماع أثبتوا أن رأى المعارضة لا أحد يسمعه، وأن هذه الجلسات كانت شكلية، ولذا انسحبت من الحوار مع بعض زملائى الذين رفضوا هذا الإعلان المعدل ورفضوا أن يتم استخدامهم من الإخوان فى تحسين الصورة».
«الإخوان» من «فيرمونت» إلى «القصر»: عهد.. فخيانة .. وقتل
الحسينى أبوضيف.. «شموع الذكرى» تكشف «الإخوان القاتلين»
«الوطن» مع يحيى نجم فى مقرات «السحل والتعذيب»
«كرانشى».. الحياة أصبحت على «كرسى متحرك»
النائب «الخصوصى» والمستشار خاطر.. الحق ينتصر
آلة «التحريض الإخوانية»: أنصار «مرسى» يمثلون «الشعب الحقيقى».. والمتظاهرون «بلطجية»
الرئيس «مسجون».. وبقية المتهمين هاربون من «العدالة»
عنف الإخوان ضد المرأة.. تكميم وضرب وتحرش