لم تستمر أزمة فيلم «كارما» لأكثر من 24 ساعة، لتخرج بعدها وزيرة الثقافة وتعلن عرض الفيلم فى موعده، وبالتالى التراجع عن قرار الرقابة بسحب الترخيص الممنوح للفيلم قبل شهر ونصف تقريباً، مشكلة «كارما» انتهت ولكنها فتحت الباب أمام تساؤلات كثيرة حول أزمة مفتعلة خرج منها فيلم «كارما» مستفيداً بدعاية لم يحلم صناعه بها، وفى المقابل اهتزت صورة وزارة الثقافة وصار التخبط فى صناعة القرار وإدارة الأزمات هو العنوان الرئيسى للحدث.
هل لم يكن رئيس الرقابة على علم أن قراره سيثير غضب السينمائيين؟ هل كان يتصور أن خالد يوسف سيستسلم وينصرف ليصنع فيلماً جديداً وكأن شيئاً لم يكن؟ هل كان يتخيل أن الوضع سيستقيم فى صناعة السينما بعد قرار غير مدروس مثل هذا؟ ماذا أعد لمواجهة طوفان التكهنات والتحليلات التى انتشرت عبر مواقع التواصل خلال ساعات من إعلان القرار -سواء تلك التى قدمت بحسن نية أو بغرض النيل من صورة مصر ومناخ الإبداع بها؟ ماذا فعل بعد صدور القرار وانتشاره؟ وكيف كانت معالجته لردود الفعل العنيفة التى وصلت لاستقالة جماعية للجنة السينما ودعوة لجمعية عمومية طارئة لنقابة السينمائيين؟
الحقيقة أن د. خالد عبدالجليل كان يعلم جيداً تبعات قرار مثل هذا، وكان يدرك أنه بشكل أو بآخر وخلال فترة طالت أم قصرت سيتراجع عنه وسيتم طرح الفيلم، ربما لهذا السبب لم يصدر بيان مصاحب يوضح فيه طبيعة المخالفة التى استوجبت سحب الترخيص، ولم يرد على استفسارات الصحفيين ورسائل السينمائيين المهمومين بحال الصناعة، حتى إنه لم يذهب لحضور الاجتماع الطارئ للجنة السينما التى يعتبر عضواً فيها بحكم منصبه.
اختار خالد عبدالجليل الصمت، ألقى قنبلة القرار وتركها تنفجر فى وجه الجميع ولم يلقِ بالاً لما سوف يحدث، لم يكلف نفسه عبء التحضير لمبررات وجيهة يدافع بها عن قراره الذى انعكس بالسلب على صورة مصر حتى لو تم التراجع عنه، لتصبح صناعة السينما هى الخاسر الأكبر فى هذا المعركة المفتعلة.
يتبقى سؤال واحد يتعلق بوزيرة الثقافة -رغم جهدها لاحتواء الأزمة وحلها- هل كانت على علم بصدور قرار مثل هذا أم تفاجأت به؟ فى تقديرى إذا كان رئيس الرقابة قد أخبرها أنه بصدد اتخاذ قرار سحب الترخيص من الفيلم وارتضت ذلك من البداية، فتلك مصيبة، أما لو كانت لم تعلم بأمر القرار إلا بعد صدوره فتلك مصيبة أعظم.. وأغلب الظن أنها أعظم.