مصري في الغربة| "عادل" و4 سنوات حنين لـ"لمة رمضان": "ادونا العادة"
عادل المغترب
"في كل عام ويانا معاد.. وعمره مابيخلفش معاد"، مقطع لا يمكن أن يسناه محمد عادل، لم ينقطع عن سماعه حتى مع رحيل صباه وغربته، يتردد صداه في أسماعه خلال جولته بأحد محال البقالة، يتسوق وحيدًا، يدور حول أرفف مستلزماته مرة تلو الأخرى قبل أن يتذكر أنها ضمن قائمة احتياجاته، يدعو لأمه ويحن لـ"لمة رمضان" وشجاره على لون "الفانوس" مع أشقاءه قبل أن ينتبه لصوت البائع؛ يخبره بقيمة مشترياته.
على مدار 4 سنوات قضاها مهندس المقاولات في المملكة السعودية، لا يتذكر أنه استمع لأغنية رمضانية من مذياع محل أو سيارة عابرة، ففي بلاد الغربة الأجواء مختلفة وأكثر من العادية، يتمتم في حزن "ربنا ما يكتب الغربة على حد" كلما أذاعت إحدى القنوات الفضائية أغنية "أهو جه يا ولاد" التي لازمته خلال إقامته في مصر.
النوم سبيل "عادل" الوحيد للهرب من حرارة الطقس والغربة أيضَا، وزاده لمواصلة عمله بعد الإفطار، هنا لن يرافق صحبته لجمع "فلوس الزينة" من الجيرة، قبل أن يتناوب الجميع على المساعد في تزيين الشارع ونوافذ البيوت، لن يهرول من عمله مسرعًا للحاق بـ"فطار العيلة"، يقول لـ"الوطن": "بنام اليوم كله وأصحى الساعة 3 العصر عشان أنزل اشترى الأكل وأجهز الفطار".
"نفسك تفطر إيه النهاردة" سؤال اعتادت أمه على توجيهه له لمعرفة ما يشتهي تناوله على مائدة الإفطار، تصنع أصنافًا عدة لتنال رضا جميع أفراد الأسرة خاصة مع "أيام العزومات"، وهو ما يفتقده "عادل" حاليًا "أمي بتعمل أنواع وأصناف أكل كتير، وده بيحصل في كل بيت مصري، لكن السعوديين ما يعرفوش غير اللحمة والفراخ، والحلو عندهم سمبوسة، ده غير الخروف في العزومة وبيسموه التيس".
"رمضان تعب، إنك تعمل أكل وتبقى نايم طول النهار، مفيش هنا جو روحاني خالص، لكن في مصر مميز جدا، وموجود في قلب كل واحد فينا وليه طعم"، ورغم ذلك يبقى الإفطار في الحرم ذا مذاق مميز "كفاية إننا بنكون جنب الرسول"، وفي نهار رمضان، تصبح الشوارع والطرقات خالية، فأغلب العاملين بالقطاع الخاص يحبذون العمل عقب الإفطار: "هنا محدش بيفطر في بيته، بيفطروا في مجالس، وفيه مجالس للستات ومجالس للرجالة".
في مصر، كان إفطار "عادل" بالتمر والماء اقتداءا بالرسول (ص)، وهي عادة لدى أغلب المصريين، إلا أن هذا التقليد الرمضاني مختلف في الممكلة، فالإفطار يكون بتنول عصير يسمى "فيتو"، وبتناول ثمرة البطيخ المعروفة بـ"الحبحب"، وعقب الإفطار يتوجه صوب عمله، ولا تسنح له الفرصة لأداء صلاة التراويح إلا قليلًا "لكن فى مصر حاجة أساسية إننا نصلى التراويح في المسجد كل يوم".
ورغم معاناة "عادل" في غربته، فتعارفه مع أصدقاءه وزملائه المصريين رغم اختلاف محيط أعمالهم، جعل سنوات الغربة أكثر هونًا "عندي صحابي من البحيرة، بنتجمع مع بعض كتير ونعمل فطار، وكل واحد فينا بيشارك في تجهيزه".