والد الشهداء: الأول استشهد في "25يناير" والثانى قتله اللصوص والثالث أمام "الإرشاد"

والد الشهداء: الأول استشهد في "25يناير" والثانى قتله اللصوص والثالث أمام "الإرشاد"
لم يكن الوصول إلى منزل الشهيد عبدالله محمود أمراً صعباً، فصراخ والدته لم يتوقف لحظة، جلست فى الشارع أسفل منزلها ترفض الصعود ودخول البيت قبل عودة عبدالله، فى البداية حاول الجيران وأصدقاء الشهيد أن يقنعوها بالصعود بدلاً من البقاء فى الشارع بجوار عزاء الرجال، ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل فافترشوا لها الأرض بحصيرة صغيرة لتجلس عليها، وانتقل عزاء السيدات إلى الشارع بجوار الأم المكلومة المسنة، لم تتوقف عن مناداة ابنها والصراخ، تفيق لحظة وتفقد وعيها لحظات، وفجأة تفيق، لتقول: «ابنى الأخير مات بعد إخواته الاتنين، مين ليا دلوقتى التلاتة ماتوا فى سنتين».[FirstQuote]
وكأن أسرة السنارى كتب على أبنائها الموت فى العشرينات، حكايات وفاة الشابين الكبيرين فتحتها وفاة أخيهما الأصغر، لم يبق من أفراد الأسرة سوى أب فقد سنده بفقدان أبنائه الثلاثة، وأم يتمنى من حولها أن تظل غائبة عن الوعى حتى لا تصاب بالجنون، وأخت ضاع صوتها من شدة الصراخ على إخوتها الذين سقطوا واحداً تلو الآخر قبل أن تأتى سنوية كل منهم.
يحاول الأب أن يجمّع كلماته وهو يتذكر الحوادث التى أفقدته أبناءه، فيقول: «ابنى الأولانى محمد كان 23 سنة، وقف فى لجنة شعبية بعد الثورة مع أصحابه وقت الانفلات الأمنى، كان بيسهر طول الليل عشان يحمى الناس والعربيات، وفى يوم هجم مجموعة حرامية على بيت جارنا، وشافهم وهما خارجين من الشباك بيهربوا بالمسروقات، جرى وراهم هو وأصحابه لحد ما مسكوهم، بس للأسف واحد منهم كان مسلح ضرب نار جت الطلقة فى رجل محمد ومات فى ساعتها، وقبل سنويته قتل أخوه، فبمجرد أن تم نفس السن 23 سنة، واحد سرق الموتوسيكل بتاعه، وراح يتفاوض عشان يجيبه، وبعد ما جابه ضربه المجرمون 3 طعنات، واحدة منهم كسرت عضلة القلب، ساعات قليلة ومات بعدها، والنهاردة، قبل سنوية أحمد بشهر، رحت دفنت عبدالله جنب إخوته، اللى كان شايل البيت عنى بعد أخويه، رجعلى جثة هامدة، أعمل إيه دلوقتى، ومين يجيب حق ولادى التلاتة».
يحكى عم محمد قصة استشهاد ابنه الأخير ويقول: «ابنى كان قاعد جنبى هنا فى البيت وقت الأحداث، بنتفرج عليها من التليفزيون، فجأة اتصلت بيه زوجة صاحبه محمد، قالتله الحقنى «محمد» اتصاب بطلقة فى رجله عند مكتب الإرشاد ومش عارفة أنزل أجيبه، لبس بسرعة ونزل يلحق صديق عمره، وقبل ما يوصل لصاحبه اتصاب بطلقتين واحدة فى رقبته وواحدة فى جنبه وصلت للعمود الفقرى»، وهنا تدخلت «شيماء» أخت الشهيد والتقطت من والدها أطراف الحديث بعد أن توقف عن الكلام كمداً وهو يتذكر جثة ولده وقالت:«إخوتى التلاتة راحوا منى فى لحظات، أنا ملحقتش أخلص بكاء على محمد مات أحمد، وأنا بجهز لسنوية أحمد يموت عبدالله، أنا شفته وهو ميت كانت رقبته منفجرة من طلقة أكيد من قناصة، كان هو اللى بيأكلنا ويصرف علينا بعد إخوتنا ما ماتوا، وأبويا صحته على قده، عاجز هيعمل إيه، وأمى لا حول لها ولا قوة، وهو كان بيصرف علينا، سواق على باب الله، هنعمل إيه دلوقتى، محمد مرسى هيصرف علينا، هيأكلنا، هيطيب خاطر أمى اللى مش راضية تطلع البيت من صدمتها على موت ابنها، ولا هيجيب حق اللى مات من اللى قتلوه، وكلنا عارفين أن أهله وعشيرته هما اللى قتلوه، من بكرة أنا رايحة التحرير ومش هرجع إلا لما مرسى يمشى وحق أخويا أجيبه».[SecondQuote]
يخرج الأب ورقة صغيرة من جيبه، كتب عليها ثلاثة أسماء: «محمد مرسى، وخيرت الشاطر، ومحمد بديع» يرفع الورقة فى وجه الجميع وهو يقول: «دول اللى قتلوا ابنى، أنا كاتب أسماءهم عشان رحت قدمت بلاغ ضدهم التلاتة، مش هاتهم حد تانى، مش هما دول اللى قالوا للناس قال الله وقال الرسول انزلوا اقتلوا اللى فى المقطم، جايين يحموا مبنى ويقتلوا عشانه شباب ملوش ذنب، أنا مش هسيب حق ابنى ولو آخر يوم فى عمرى، ولو هبيع أثاث البيت كله على المحامين مش هسكت، ودم عبدالله مش هيروح هدر».
أخبار متعلقة:
"اقتلنى.. قتلى ما هيعيد دولتك تانى"
أسرة الشهيد كريم عاشور: نزل لشراء طلبات لأخته الصغرى فعاد جثة هامدة
والد الشهيد أحمد: قتلت ابنى وخربت البلد.. ارحل يا مرسى
أسرة وجيران الشهيد عبدالرحمن: "ربنا ينتقم منك يا مرسى"
«ناردين» : شاهدتهم يقتلون الثوار.. فقتلوها
شقيق «يسرى»: «قتلوا أخويا بدم بارد»