عاملون: أباطرة الاستيراد دمروا مصانع السكر فى الصعيد بعد نقل تبعيتها لـ«التموين»

كتب: رجب آدم

عاملون: أباطرة الاستيراد دمروا مصانع السكر فى الصعيد بعد نقل تبعيتها لـ«التموين»

عاملون: أباطرة الاستيراد دمروا مصانع السكر فى الصعيد بعد نقل تبعيتها لـ«التموين»

ضرب الإهمال مصانع السكر والتكرير فى صعيد مصر، التى يرجع تاريخ إنشائها إلى القرن الثامن عشر، ما أدى إلى تدهور أوضاعها، بعد تدخل أباطرة الاستيراد ورجال الأعمال فى صياغة السياسات الاقتصادية التى أثرت بالسلب على الصناعة الوطنية، فبعد أن كانت مصانع السكر تعمل على مدار العام بإنتاج السكر محلياً، واستيراد السكر الخام وتكريره للتصدير، اقتصر عملها على ثلاثة أشهر خلال موسم جنى محصول القصب، لتظل «خرابة» بقية شهور العام.

حالة التخبط كانت سبباً رئيسياً فى نقل تبعية تلك المصانع، ومن بينها مصنع «أرمنت»، من وزارة الاستثمار إلى التموين منذ عامين، فضلاً عن توقف مصانع التكرير منذ سنوات والاكتفاء بتشغيلها فى المواسم فقط، الأمر الذى تسبب فى إهدار أموال طائلة، حيث كان من الممكن استغلال مصانع التكرير بجلب السكر الخام وتكريره لتعمل المصانع على مدار العام، إلا أن الإدارة عجزت عن وضع خطة للتشغيل.

{long_qoute_1}

العمال الغاضبون من حالة مصانعهم التى كانت رائدة صناعة السكر بالمنطقة، كشفوا لـ«الوطن» المشاكل التى تتعرض لها المصانع، لكنهم رفضوا نشر أسمائهم، خوفاً من النقل التعسفى وبطش الإدارة التى منعتهم من التحدث مع الصحافة، ومن هؤلاء «عمر. م» مهندس فى مصنع سكر بشمال قنا، الذى أكد أن أزمة السكر فى مصر سببها التموين ومصانع السكر، مشيراً إلى أن هناك مصانع يمكنها أن تجنبنا أزمة السكر، وهى خطوط التكرير التى توجد فى كل مصنع سكر على مستوى الجمهورية، موضحاً أنه يمكننا استيراد السكر الخام بسعر زهيد وتكريره بالمصانع وبالتالى الاستفادة من تلك المصانع فى فترة ما بين مواسم توريد محصول القصب، لتوفير وتأمين احتياجاتنا من تلك السلعة التى لا تقل فى أهميتها عن القمح، مشيراً إلى أن المصانع كانت تستورد السكر الخام وتكرره وتعيد تصديره مرة أخرى، وكانت تعمل على مدار العام، مضيفاً «توقفت تلك المصانع من عهد مبارك وحتى الآن، لصالح أباطرة استيراد السكر بالقطاع الخاص».

وأشار المهندس «م. س» إلى أن مصانع السكر فى الصعيد لا يزيد عملها على 90 يوماً ثم تتوقف طوال العام، على عكس ما كان يحدث منذ سنوات، عندما كنا نجلب السكر الخام ونكرره فى مصانعنا ونعيد تصديره، إضافة إلى تأمين الاستهلاك المحلى من السكر، وكانت الشركة هى المخولة بتوفير تلك السلعة الاستراتيجية، مطالباً الحكومة بالسماح لشركات السكر باستيراد السكر الخام وتكريره، لأن ذلك يوفر عملة صعبة وفرص عمل إضافية.

«أ. محمد»، مهندس زراعى فى شركات السكر بالصعيد، أكد أن إنتاجية المصانع قلت بنسبة 20% لعدة أسباب، منها تفتت الحيازات الزراعية، وعزوف المواطنين عن زراعة القصب بسبب المديونات وإجراءات المصانع والبنوك التى أنهكت مزارعى القصب، فضلاً عن نقل تبعية تلك المصانع لوزارة التموين، واستخدام سلالة «س9» منذ عام 1983، ما قلل من إنتاجية الفدان بسبب التغيرات المناخية الرهيبة خلال السنوات العشر الأخيرة.

وأشار إلى أن المصانع اتجهت فى الآونة الأخيرة إلى دراسة كل منطقة وعمل إحصائيات من حيث الإنتاج، فإذا قلت الإنتاجية إلى أقل من 40 طناً للفدان، يتم ضم المزارع لندوات استرشادية حول طرق الزراعة والحصول على أعلى إنتاج.

وقال أحد عمال مصنع سكر بالصعيد: إن من يعترض على سوء الإدارة أو يكشف فساداً يكون جزاؤه النقل التعسفى، موضحاً أن من بين المخالفات شراء الإدارة لمعدات بمواصفات غير مطابقة للمواصفات المطلوبة للمصنع، فيما أكد مسئول مالى بأحد المصانع أن إدارة الشركة تقوم بالسحب على المكشوف من البنوك التجارية وبالفوائد لسداد مرتبات العمال ومستحقات المزارعين، بعدما تم نقل تبعية المصانع إلى وزارة التموين وعدم دفعها قيمة السكر المورد لها أولاً بأول، لافتاً إلى أن ذلك يتسبب فى خسائر فادحة بسبب تراكم فوائد البنوك.

وحذر مهندس زراعى بأحد المصانع من الاستمرار فى الاعتماد على زراعة القصب من نفس النوعية الحالية التى بدأت تضعف إنتاجيتها، مطالباً وزارة الزراعة وهيئة البحوث ومصانع السكر بتشجيع زراعة أصناف أخرى من القصب ذات الإنتاجية الأعلى، مثل (س57/14)، وجيزة 3، التى تتراوح إنتاجية الفدان فيها من 40 إلى 50 طناً، وتتناسب زراعتها مع أجواء الصعيد، وتزيد فيها نسبة الحلاوة، للحفاظ على قلعة تعد من أعرق القلاع الصناعية وإحدى ركائز الاقتصاد المصرى.


مواضيع متعلقة