«جمال» سقط بطلقات خرطوش ولم ترحمة هراوات «الأمن»
«جمال» سقط بطلقات خرطوش ولم ترحمة هراوات «الأمن»
خرج فى صباح الجمعة من منزله بالإسكندرية، وأخبر آل بيته «أنا رايح الثورة»، ثم هبط للقاهرة ليشارك المتظاهرين رفضهم لأداء رئاسة الجمهورية، انتقل جمال السيد، صاحب الـ52 عاماً، ضمن مسيرة لقصر الاتحادية، كان يخبر أهل بيته من آن لآخر أخباره، يطمئنهم على نفسه إلى أن انقطعت الأخبار عنه فجأة. بعد ساعات، اتصل ابنه المجند به للاطمئنان عليه، فرد عليه المسعف: «الراجل صاحب التليفون قريبك؟»، فأجابه الابن فى اندهاش: «أيوة أبويا»، فأخبره المسعف: «أبوك اتصاب برصاص فى بطنه، وهننقله حالاً على مستشفى الدمرداش تعالى الحقه»، حصل الابن على إجازة للاطمئنان على والده، وسافر إلى القاهرة.
بجلباب ريفى مرفوع إلى أعلى صدره، نام جمال السيد، فبدأ الطبيب فى الضغط على الغرز التى تمتد من أعلى الصدر إلى أسفل البطن بالطول، تنبئ الناظر بضرر كبير لحق بالشيخ الخمسينى، الذى خرج لتوه من غرفة العناية المركزة، بعد جراحة استؤصل فيها الطحال المتهتك، وجزء كبير من المعدة، وقد حولوا مجرى البول له.
يقول حازم جمال، الابن: «أبويا كان نازل من بيته عادى سليم ماشى على رجليه، قال لإخواتى إنه نازل المظاهرة، وسافر وفى آخر الليل جالنا خبر إصابته بـ4 رصاصات فى البطن، وخرطوش فى دراعه، وأنه اتضرب من عساكر الأمن المركزى على ضهره ودراعه».
فى منزله البسيط، بالإسكندرية، اعتاد الشيخ جمال أن يحدث أولاده عن أداء الحكومة منتقداً، ويقول الابن: «أبويا مش ضد الإخوان، ولا كارههم على العكس والله ده انتخب محمد مرسى، وانتخب الإخوان فى كل الانتخابات والاستفتاءات، بس هو دايماً بيقول إن الحكومة سياستها غلط، وأن الإخوان بدأوا يغلطوا، وأنهم بقوا بيتاجروا بالدين» .
بصمود شاب تحمّل جمال السيد، 52 سنة، ضغط الطبيب بيده على الجرح، لتفريغ ما به من صديد، فى وجود الابن الذى راح يشيح وجهه عن الأب الملقى على سريره، بين الحين والآخر كان يقول: «يا دكتور حرام عليك.. ادينى بنج». أمسك الطبيب بقطعة من القطن راح يمررها على القطع الطولى فى البطن من أعلى إلى أسفل فتمتلئ ببقايا صديد ودم.
يوم الجمعة، الذى وقع فيه جمال مصاباً، وعندما انتقل لقصر الاتحادية، وقف بجوار السور الرئاسى، كان شاهداً على ما يحدث، كل شىء من الهتاف إلى محاولة الاقتحام رداً على خراطيم المياه التى وجهت للمتظاهرين، حتى بدأ الضرب، كانت طلقات الخرطوش تدوى فى المكان، وسط سحب الغاز، حاول الرجل الخمسينى الابتعاد عن سور القصر، فلم يتمكن من الإفلات من رصاصات الخرطوش التى أصابت بطنه وصدره وذراعه اليمنى، ويقول: «جنود الأمن المركزى انهالوا علىّ بالضرب بهراواتهم وعصيهم، حتى فقدت الوعى، ولما أفقت وجدت نفسى فى المستشفى» يظهر جمال السيد آثار التعذيب التى تبدو على ذراعه اليمنى بعلامات زرقاء.
«الراجل اللى بيصلى الفجر بيقتل فى الناس»، هكذا قال جمال السيد، الذى برر نزوله يوم الجمعة الذى أصيب خلاله بأنه نزل كغيره من الناس «كنا بنحامى على حقوقنا وحقوق الناس، وقفت جنب السور بهتف بقول: عيش وحرية وعدالة اجتماعية، بطلب حقوقى ضربونى».
يذكر جمال أنه تعرض لـ«رصاص حى، وخرطوش فى البطن والصدر والوجه، كل ده علشان كنت بطالب بحق البلد.. حقها فى قناة السويس، وحقها فى الحياة الكريمة، وحقها فى الأمن والأمان، وحق الولاد فى أنهم يوصلوا مدارسهم ويرجعوا لأهاليهم بدون ما يموتوا فى الأتوبيسات والقطرات، لما أطالب بده يضربنى عساكر من دور عيالى».
يذكر الابن، حازم جمال، أن والده لم يزره أحد ولم يطمئن على صحته أحد، ما عدا الكاتبة نجلاء بدير، التى تعرفه من المظاهرات، «لأن أبويا من أول الثورة وهو بيشارك فى المظاهرات».
أخبار متعلقة:
الاتحادية.. القمع في زمن مرسى
«عبدالرحمن» خرج متظاهراً ضد «مرسى».. فعاد بلا «طحال»
«عمرو» شهيد «الاتحادية».. «منجد» وعضو «التيار الشعبى» خرج بحثاً عن «اللقمة» وعاد جثة هامدة
«حمادة» اتسحل وشمت فينا «آسفين يا ريس»