«وكالة البلح»: الطبقة المتوسطة مرت من هنا

«وكالة البلح»: الطبقة المتوسطة مرت من هنا
لم يتصور تجار وكالة البلح أن تكون ثورة يناير وتداعياتها السياسية والاقتصادية سبباً لرواج بضاعتهم بهذا الشكل، ولم يتخيلوا فى أقصى أمانيهم أن زبون محلات وسط البلد سيهرول إليهم بحثاً عن الأجود والأرخص، ورغم أن استيراد البالة كان سيتوقف فى يناير الحالى إذا لم تقم الثورة بسبب إلغاء الحصص الاستيرادية بالسوق الحرة انتقاماً من بورسعيد، فإن الثورة ألغت بالطبع القرار، ومد نواب مجلس الشعب المنحل العمل بنظام الحصص الاستيرادية إلى 2015. يقول الحاج حسن العريبى، كبير تجار وكالة البلح، «السنتين اللى فاتوا جالنا زبون غير بتاعنا اللى متعودين عليه، اللى هو زبون الطبقة المتوسطة اللى كان بيشترى هدومه من وسط البلد وروكسى»، زبائن الوكالة يقسمهم العريبى إلى قسمين «عندنا الزبون الفقير اللى عايز ييجى يشترى قميص بعشرة جنيه يعيش معاه غسيل ومكواه وعندنا زبون تانى اللى بييجى يدور على ماركة معينة ما حدش لابسها غيره ده زبون الوجاهة يعنى، لكن دلوقتى فيه الزبون اللى كان بيشترى حاجة فى حدود 150 جنيه من وسط البلد وبقى دلوقتى مش معاه المية وخمسين والحاجة زادت 3 أضعاف».
العريبى الابن الثالث لخمسة إخوة لأسرة سوهاجية كان يعمل مدرساً للغة الإنجليزية وحاصل على ماجستير اللغة من جامعة أسيوط، قرر أن يترك التدريس ويبدأ العمل مع إخوته فى «وكالة البلح» فى الثمانينات، يحكى تاريخ وكالة البلح التى سمع عنها من قبل أن يأتيها فيقول «سوق الوكالة اللى عملها واستوطنوها هما السوهاجية عشان كده إحنا أكتر ناس عارفين تاريخها ومين اللى ابتدا شغلانة البالة» بدأها المقدس «لمعى شنودة» فى السبعينات بمعونات الصليب الأحمر الدولى المقدمة للكنيسة «البالة فى الوكالة ابتدت بشارع عش النخل أيام المقدس لمعى وما كانش حد يعرف البالة دى بتيجى منين لأنها كانت بتيجى معونة للكنيسة، بس المقدس بقى وشوية تجار كانوا بياخدوها ويبيعوها وبعدين هيئة الصليب الأحمر كشفت الحكاية».
بدأ البحث عن طريق آخر مع منتصف السبعينات، وصارت «وكالة البلح معلماً لتجارة البالة فى مصر، السادات هو اللى عمل قوانين البالة عشان يرجع الناس اللى هاجروا من بورسعيد والسويس إداهم بطاقات استيرادية علشان يستوردوا بيها البالة حوالى 5 آلاف بطاقة هما دول اللى بنشتغل بيهم لحد دلوقتى عشان الباب اتقفل تانى بعدها». وبدأ العصر الذهبى لسوق البالة فى مصر فقد أصبحت الأسواق الأوروبية تضع مصر فى مقدمة البلدان التى تستورد البالة، حوالى 10% من البضاعة التى تصدر للعالم. «وش الكريمة»، كما يقول العريبى، نصيب مصر من «بالة أوروبا» كان محصوراً فى شارع «عش النخل والأحمدين» بشارع الوكالة الرئيسى فى بداية الثمانينات ثم بدأ ينتشر فى شارع بولاق الجديد ثم أوائل التسعينات ثم بدأ حجم التجارة يكبر ويتوسع فخرجت المحال إلى شارع 26 يوليو مع الألفية الثانية ثم بدأت تتوسع وتنتشر وتتوغل مع ثورة يناير.
ويضيف «التجارة فى آخر سنتين كسبت كتير حتى لو خسرنا، فالخسارة قريبة معانا مش زى ناس تانية، فيه محلات كتير صحابها غيروا نشاطها عشان يشتغلوا فى البالة حتى فرن الفينو» يحكى الحاج حسن عريبى عن إخوته الخمسة الذين يتشاركون فى نفس «الماعون» حتى لو كان منهم من يعمل فى مجال آخر «الرزق هنا بيتقسم علينا كلنا اللى بيشتغل فى المحلات واللى ما بيشتغلش»، المحل الذى بدأت به أسرة العريبى فى بداية الثمانينات منذ قدومهم من سوهاج أصبح الآن «ستة» محلات، تحتل الوكالة من أدناها إلى أقصاها. يؤكد الحاج حسن العريبى أن «تجارة البالة بدأت فى شارع «عش النخل» برأسمال أقل من 200 ألف جنيه وأصبح حجم تجارة البالة الآن يقارب الـ300 مليون جنيه، 5 آلاف بطاقة استيرادية من أيام السبعينات البطاقة دلوقتى تباع بـ100 ألف بعد ما كانت بخمسة آلاف فقط». حجم التجارة المتزايد فى وكالة البلح لا يجد له الحاج «حسن» صاحب الثلاثين عاماً من الخبرة فى تجارة البالة سبباً سوى تقسيم الأرزاق يقول «طبعا اللى حاصل فى البلد مخلى الناس معهاش فلوس واللى معاه مش قادر يشترى زى زمان، خايف فلوسه تخلص».
لا معنى للاندهاش حين تسمع أخبار التشكيل الوزارى الجديد مع «العريبى» فى محله بالوكالة فيرفع سماعة الهاتف متحدثا «مبروك لمعالى الوزير يا خاله» فالوزير الجديد فى الحكومة الجديدة يمت بصلة ما للحاج، يقول «المهنة دى عرفتنى بناس كتير ما حدش يقدر يصدق أن العبدلله كان بيلبِّس حبيب العادلى بجلالة قدره.
يمكنك مشاهدة الملف التفاعلي "العيشة واللي عايشينها" على الرابط التالي:
http://www.elwatannews.com/hotfile/details/139
الأخبار المتعلقة:
الصناعات الصغيرة والمتوسطة: أهملها.. وتوكل
عمال مصنع سجاد: «بقينا نشترى التموين بالتقسيط».. بالتقسيط يا دكتور مرسى!
رئيس اتحاد «جمعيات التنمية الاقتصادية»: الصندوق الاجتماعى «فقد ظله»
أرجوك أعطنى هذا الدواء.. ادفع أولاً و«بعدين اتعالج»
السياحة: شركات «مفلسة» وعمال «مشردون» وفنادق تسكنها «أشباح»
مأساة «مرشد سياحى»: بيوتنا اتخربت خلاص
صاحب إسطبل اضطر إلى قتل خيوله: «إحنا لاقيين ناكل؟!»
رئيس «الغرف السياحية»: العنف المتوقع فى «ذكرى الثورة» سيقضى على الأخضر واليابس
البورصة.. «فوائد» قوم عند قوم.. مصائب
«أشرف» يحدثكم رغم الألم: كنت بلعب بالفلوس لعب!
عجز الموازنة يتربص بـ«ودائع البنوك»
الخبير الاقتصادى د. أحمد السيد النجار: تحويلات المصريين أنقذتنا من الإفلاس
«دولار» بقوة «659 قرشاً» يضرب سوق العقارات.. ويكبدها خسائر فادحة
مقاول بدأ رحلة نجاحه من «الصفر» قبل عشرين عاماً.. وعاد إليه فى «عهد مرسى»
«فتحى وبدر وجابر».. 3 بأجر واحد
«عبدالعزيز»: الحكومة توقفت عن طرح مشروعات جديدة
الأرض تنتظر «رصاصة الرحمة».. و35% من الفلاحين يبحثون عن مهنة أخرى
«القمح مش زى الدهب.. القمح زى الفلاحين.. عيدان نحيلة جدرها بياكل فى طين»
«الغرفة التجارية»: نستورد 60٪ من الغذاء وتدهور الجنيه يضرب «الأمن الغذائى» فى مقتل
صناعة الدواجن تتعرض لـ«الذبح» بـ50٪ انخفاضاً فى الإنتاج
د. على لطفى: «المركزى» طبع 22 مليار جنيه فى أول شهر بعد الثورة دون غطاء نقدى.. وأتحدى أن «يكذّبنى» أحد