بروفايل| اليونان المستقلة.. "منبع" الديمقراطية

كتب: سلوى الزغبي

بروفايل| اليونان المستقلة.. "منبع" الديمقراطية

بروفايل| اليونان المستقلة.. "منبع" الديمقراطية

أول حضارة نشأت من "مستوطنة" تعود للعصر الحجري، كانت من أوائل الحضارات المهمة في التاريخ، التي ساهمت بقوة في إثراء العالم بالعلوم المختلفة والمتنوعة، كما أن غزوات غيرها عليها، لم تقلل من أصالتها، وظلت اليونان رغم ما شهدته عبر تاريخها "مستقلة".

أُنشئت أسس الحضارة الغربية في أثينا، وأصبحت أكبر قوة بحرية في اليونان القديمة، وفي ذلك الوقت بدأت إنتاج مجالات الثقافة المختلفة، ومنها "الفلسفة، الموسيقى، الدراما، والخطابة"، وحتى النظام الجديد الذي سمي بـ"الديمقراطية"، وكان من مجريات تغيير العالم، فكانت أثينا وإسبرطة أقوى دولتين في اليونان القديمة، وكانت دول المدن الأخرى تتحالف في الواقع إلى واحدة أو أخرى من هاتين المدينتين.

في القرن الخامس قبل الميلاد، تمكنت دول المدن اليونانية المتحالفة من صد غزو الفرس، ومع ذلك، فإن الحرب بيلوبونيزية التي تلت ذلك، بين أثينا وإسبرطة، أدت إلى تراجع العصر الكلاسيكي المجيد، وبعد وفاة الملك فيليب الثاني، بدأ ابنه الإسكندر الأكبر في 334 قبل الميلاد رحلة كبيرة في آسيا، وغزا بجيشه الإمبراطورية الفارسية، إضافة إلى المدن على طول الطريق حتى الهند، ومات في بابل في سن 33، بعدها مُزقت إمبراطوريته المقدونية.

توالت الممالك الحاكمة لليونان، حتى غزا الأتراك العثمانيين القسطنطينية، في 1453 قبل الميلاد، وبدأ العمل تدريجيًا على بقية اليونان، عانت البلاد كثيرًا في ظل الاحتلال العثماني وتكررت الثورات غير المنظمة، حتى مارس 1821، عندما اندلعت الحرب اليونانية للاستقلال، حيث يعد هذا العام هو حجر الزاوية في تاريخ البلاد، التي حصلت على حريتها في العام 1829، عندما تشكلت دولة اليونان المستقلة.

بدأت بذور الثورة اليونانية في الظهور، من خلال نشاطات "أخوية الصداقة"، وهي منظمة يونانية وطنية سرية، تأسست في العام 1814 في أوديسا الواقعة اليوم في أوكرانيا، وفي تلك الفترة كانت رغبة الاستقلال متفشية بين اليونانيين بجميع طبقاتهم وفئاتهم، بعد شحن مشاعرهم الوطنية لفترة طويلة من الزمن، بفضل جهود الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية التي كانت تعمل على تعزيز روح القومية الهيلينية أو اليونانية في نفوس أتباعها، وكانت الكنيسة حينها الحصن الأخير للغة اليونانية والمسؤول الإداري عن اليونانيين أمام السلطان العثماني.

اندلعت شرارة الحرب في مارس من العام 1821، عندما عبر أليكساندروس إبسيلانتيس زعيم الفيليكي إتيريا نهر بروت باتجاه مولدافيا الرومانية، والتي كانت حينها مقاطعة عثمانية، وكانت برفقته فرقة صغيرة من 4.500 محارب يوناني، وكان أليكساندروس يأمل بأن تحض تحركاته الريفيين الرومانيين للتمرد على الأتراك، ولكن بدلا من ذلك هاجم الرومانيون الأثرياء من بني جلدتهم، فاضطر ألكسندروس ورجاله للفرار سريعًا من أمام وجه العثمانيين.

وفي نفس الفترة، انتفض اليونانيون ضد الحكم التركي في شبه جزيرة بيلوبونيس شمال خليج كورنثوس، والتي تشكل جزءا كبيرا من مساحة البلاد، كذلك امتدت الثورة إلى عدة جزر يونانية، وعندما وصلت أنباء الثورة إلى السلطان، أمر بشنق بطريرك القسطنطينية الأرثوذكسي جريجوريوس الخامس المقيم في إسطنبول، بعد أن اتهمه بالفشل بضبط المسيحيين اليونانيين في طاعة السلطات العثمانية، وذلك بحسب المهمة التي كان من المفترض أن ينفذها، وتم ذلك مباشرة بعد احتفال البطريرك بقداس عيد الفصح في العام 1821 وأعدم وهو مرتدٍ كامل زيه الديني، وإكراما لذكراه، أُغلقت بوابة المجمع البطريركي منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا.

التفت بعدها مجموعة من يونانيي إسطنبول بشأن البطريرك الجديد في إدانة التمرد، وفي 25 مارس من العام 1821، رفع جيرمانوس مطران باتراس علم الثورة في دير آيا لافرا، بالقرب من كالافريتا، هاتفًا "الحرية" أو "الموت"، لتصبح كلماته الشعار الذي تبناه الثوار في السنين اللاحقة، وأصبح "يوم عيد الاستقلال في اليونان".


مواضيع متعلقة