«المركزى للمحاسبات»: صناديق سوداء ولا توجد جهة فى مصر تعلم عددها ويجب ضمها للموازنة

كتب: وائل سعد

«المركزى للمحاسبات»: صناديق سوداء ولا توجد جهة فى مصر تعلم عددها ويجب ضمها للموازنة

«المركزى للمحاسبات»: صناديق سوداء ولا توجد جهة فى مصر تعلم عددها ويجب ضمها للموازنة

وصف المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، الصناديق الخاصة بـ«الصناديق السوداء» داخل الجهات الحكومية، مؤكداً أنه لا توجد جهة فى الدولة لديها حصر حقيقى بها، ولا بحجم الأموال المودعة بها، ولا أوجه إنفاقها، وهذه مسألة غائبة تماماً عن كل جهات الدولة، مضيفاً أنه لا يوجد جهاز رقابى فى مصر يعلم، على وجه الدقة، حجمها وعددها فى سائر المحافظات، أو الإدارات أو الجهات الحكومية، مشدداً على ضرورة إصدار البرلمان قانوناً يُلزم مؤسسات الدولة بالكشف عنها، وإعلان سندها القانونى وأوجه إنفاقها، وتحويل أى مسئول بالدولة يرفض الكشف عنها للمُساءلة التأديبية.

{long_qoute_1}

وأوضح «جنينة» أنه ليس بالضرورة لكل الصناديق حسابات فى البنوك، حيث تتعدد نوعياتها، فمنها صناديق منشأة بقانون، وأخرى بقرارات، وثالثة ليس لها سند قانونى، مشيراً إلى أن تلك الأخيرة، «لا يعلم أحد عنها أى شىء بشكل دقيق».

وحول إصلاح وضع الصناديق الخاصة، قال: «لا بد أن نبدأ بحصر هذه الصناديق وتصنيفها وفقاً لما يخضع منها لرقابة البنك المركزى، أو بعض الصناديق المنشأة فى بعض الجهات، مثل هيئة البريد، وهناك صناديق منشأة فى الجهات، ولا تُراقب من (المحاسبات)، وبالتالى بداية المشكلة فى حصر تلك المنشأة بقوانين أو قرارات أو غير المنشأة بقانون، ثم معرفة حجم الأموال المودعة فيها، والسند القانونى لكل صندوق، وأوجه إنفاقه، وهل تتفق مع القانون أم لا، ودراسة ما إذا كانت هناك حاجة إلى الاستعانة بهذه الصناديق والأموال المودعة فيها، لسد عجز الموازنة العامة للدولة».

وأكد رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، أنه لا يمكن إنكار حقيقة أن هناك عدداً كبيراً من هذه الصناديق تم إنشاؤه لغياب دور الدولة الحقيقى، وسد النقص فى دورها، مضيفاً: «ليست جميعها صناديق سيئة، فإذا غاب دور الدولة عن توفير المعاش الكريم لكل من أفنى عمره فى خدمتها، حيث يفاجأ بفارق كبير بين المرتب والمعاش، فإن البعض يرى حينئذ فى الصناديق الخاصة سبيلاً لسد تلك الفجوة من خلال معاشات تكميلية، وكنوع من التكافل بين الأعضاء فى جميع أمور الرعاية الصحية والاجتماعية، بما يضمن إيجاد مورد كريم للمتقاعدين يؤمّن حياتهم من خلال مكافأة نهاية الخدمة». {left_qoute_1}

وأردف قائلاً: «لا بد من حصر تلك الصناديق وتصنيفها، ومعرفة ما يؤدى منها خدمات صحية أو اجتماعية أو تكافلية للأعضاء، وفى هذه الحالة، لا بد أن تحترم الدولة هذه الرغبة ولا تقترب منها، طالما أنها لن تستطيع القيام بهذا الدور التكميلى، وهناك صناديق أخرى لا تقوم بدور خدمى، وبالتالى يصبح السؤال: لماذا أنشئت؟ وهل هى موجودة لمنح مرتبات خيالية للعاملين ببعض الجهات؟ فعندما تقتطع هذه الصناديق أجزاء من المال العام، ثم تؤول حصيلته من المال العام إلى جيوب أشخاص بأعينهم، فإن ذلك يُعد فساداً».

وأكد رئيس الجهاز، أنه يوجد فى جميع جهات الدولة صناديق خاصة، وأنه لولا غياب دور الدولة الحقيقى فى الماضى، ما كانت نشأت، فالدولة كانت لا تعالج أحداً من الموظفين علاجاً صحياً ولا ترعاهم اجتماعياً ولا تكفل لهم معاشاً كريماً، ولا تكفل مكافأة نهاية خدمة تُعينه على مشقة الحياة بعد خروجه للتقاعد، وكل هذا كانت تغطية الصناديق، أما الصناديق الأخرى فهى المعنيون بحصرها حالياً.

{long_qoute_2}

وكشفت تقارير لهيئة الرقابة الإدارية، أن التوسّع فى إنشاء الصناديق الخاصة أحد أسباب الفساد. وأوضحت أن الصناديق تتمثّل فى مجموعة من الرسوم المالية التى يتم فرضها على المواطنين ووضعها فى صناديق تتبع عدة جهات، وتكون خارج الموازنة العامة للدولة، ومن ثم فلا تُعرض تفاصيلها على مجلس النواب، رغم أنه يتعيّن إخضاعها لمراجعة الجهاز المركزى للمحاسبات.

ووفقاً للتقارير، فإن القوانين المنشئة لهذه الصناديق لا تقتصر سلطة إنشائها على رئيس الجمهورية فقط، بل تمتد لتشمل المحافظين ورؤساء المراكز والقرى، وهو ما أدى إلى التوسّع بشكل كبير فى إنشائها، وصعوبة حصرها فى الماضى، وإيجاد بيئة خصبة لجرائم فساد تتعلق بهذه الصناديق.

وقال عاصم عبدالمعطى، وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات السابق، ومدير مركز الشفافية ومكافحة الفساد، إن الصناديق الخاصة تعتبر موازنة موازية للدولة، مؤكداً ضرورة إعداد حصر دقيق بعدد الصناديق والحسابات الخاصة بكل من الحساب الموحّد بالبنك المركزى والبنوك التجارية المتخصصة والخاصة، ورصد أرصدتها والحركة الدائنة والمدينة بها فى نهاية السنة محل الحصر، وكذلك إعداد بيان بالصناديق والحسابات الخاصة المنشأة لهدف نبيل، وتحقق الهدف الذى تم إنشاؤها من أجله لصالح المواطن للتوصية ببقائها خارج نطاق الموازنة العامة، وضم باقى الصناديق والحسابات الخاصة للموازنة العامة للدولة.

وأكد «عبدالمعطى»، ضرورة إعادة النظر ببند الاحتياطى بالموازنة العامة للدولة، فى ضوء ضم الصناديق والحسابات الخاصة للموازنة، توفيراً للنفقات، إلى جانب سنّ قانون يُجرم كل من يؤسس صندوقاً أو حساباً خاصاً دون الرجوع إلى السلطة المختصة، مع تشديد العقوبات اللازمة فى هذا الشأن، وتجريم عدم الإفصاح بشفافية عن كل تلك الصناديق والحسابات الخاصة المفتوحة حالياً.

وطالب وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات السابق، بتشديد العقوبة على كل من يثبت تورطه فى هذا الشأن، وتأكيد مبدأ شمولية الموازنة العامة للدولة، وفقاً لأحكام المادة 3 من القانون 53 لسنة 1973، وكذلك ما ورد بلائحته التنفيذية، وضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن الصناديق التى ترتبت على إنشائها زيادة الأعباء على كاهل المواطن المصرى، معتبراً أن أعمالها من صميم عمل أجهزة الدولة التى يُسدد المواطن عنها ضرائبه، أو رسومه القانونية اللازمة، وذلك إما بغرض إلغاء تلك الصناديق أو إلغاء المصروفات المقررة عليها لصالح فئات معينة بتلك الأجهزة.

 


مواضيع متعلقة