حقاً أصبحت لعبة الأمم مفضوحة، وعلى الملأ، فهذه اللعبة تؤكد أن العالم أصبح عبارة عن عصابات صغيرة تتجرأ على عصابات أكبر وعصابات كبيرة تحاول السيطرة على جنوح عصابات صغيرة صنيعة يديها، وكل هذا يحدث على جثث الشعوب.
يستوى فى ذلك شعوب فقيرة، مثل شعوب الدول العربية المنكوبة أو شعوب مرهفة ومتقدمة، مثل شعوب أمريكا وأوروبا.
وإذا كانت المنطقة العربية تعانى من سعار الذئاب العالمية فشعوبهم أيضاً ضحايا ألعابهم القذرة.
إذا كنا شعوباً محرومة من الحياة الكريمة، فشعوبهم مخدوعة بأشكال ديمقراطية، وبفكرة توفير رفاهية الحياة، فتأتيهم الصدمات العصبية الجماعية عندما يصطدمون بأى حدث مثل أحداث 11 سبتمبر وأحداث باريس الأخيرة، ولأنهم غير مهتمين بالشرق الأوسط ولا يعرفون عنا شيئاً، وماذا تفعله سياسات بلادهم خارجياً نجدهم فى حالة فوبيا وصدمة، وهل تنكشف لهم الخديعة؟
حكوماتهم التى تعلمنا كعرب حقوق الإنسان والديمقراطية والتحضر والتقدم وتعاقبنا لأننا لسنا أهلاً لذلك ترتكب أكبر جريمة ضد شعوبها وتقوم بتضليلهم، بينما هم مبدعون فى إزهاق حقوق وروح الإنسانية بداية من العراق ومروراً بحال العالم العربى منذ بيعهم تسويق أكذوبة الربيع العربى وهم يريدون الشعب العربية أشلاء.
لعبة الأمم الكبرى والأكبر أصبحت مكشوفة وأصبحنا فى زمن الحكومات آخر من يعلم، ومن يفعل فقد أصبحت لعبة فى أيدى أجهزة المخابرات العالمية وأجهزة المخابرات أصبحت لعبة فى أيدى بنى صهيون.
قطعا لا بد أن نوقن أنه لا أحد سيساعدنا بعد اليوم لا كعرب ولا كمصريين، وإذا لم تخرج الدول العربية من حالة الغيبوبة القبلية التى تعيش فيها منذ مئات السنين، وإذا لم يخرج الشعب المصرى من غفلته ومن الهيستيريا التى يعيش فيها، فعلينا أن نقبل بالانقراض كدول، والانقراض كبشر لهم مساحة من الحياة الكريمة تحت الشمس.
طوق النجاة الوحيد لمصر وللعرب هو الاعتماد على أنفسنا وخلق تكتلات اقتصادية عربية قوية. لا أحد سيساعدنا بعد اليوم ولا أحد سيرغب فى ذلك وربما لا أحد سيقدر على ذلك. الحديث عن القومية العربية لم يعد كلاماً من قبيل الرومانسية والشعارات، فهذه القومية هى الهوية التى يمكنها تجميع الشظايا العربية المتناثرة، وهى الجدار الحامى الطبيعى لحالة التناحر الطائفى والمذهبى الموجود الآن، القومية العربية حلم بعيد عن كونها خيالاً أدبياً أو علمياً، وإذا كان البعض يراها مستحيلاً أو حالة رومانسية فالمؤكد أنه من باب الواقعية أن نقول إن الشعب المصرى عليه أن يعتمد على نفسه فى كل شىء بداية من ضرورة إنتاج ما يأكله وصناعة ما يلبسه وأن يبنى بيديه ما يسكنه دون انتظار منحة أو قرض.
الشعب المصرى لن يخرج من معاناته المزمنة إلا إذا أصبح شعباً آخر مختلفاً تماماً عن الـ30 عاماً الأخيرة.
الشعب المصرى لا بد أن يعى ويعمل منتصراً على كل أمراضه من جهل وسلبية وفساد حتى لا يصبح قوته فى أيدى ذئاب عالمية أو يكون فى انتظار دائم لمساندة من أشقاء ربما لم يعودوا قادرين على المساعدة.
الشعب المصرى لا بد أن يدرك ويثق بأن كل متر فى أرضه يمكن أن يتحول إلى مورد رزق ويثمّن كل دقيقة من حياته حتى تعود عليه بالفائدة، ويوظف كل ذرة طاقة من جهده لتكون خطوة فى تغيير حياته.
قطعاً كل حدث وحادث يؤكد أننا فى لحظة اختيار نكون أو لا نكون سنكون شعباً يحكم على نفسه بالانتحار لو بقينا كسالى ننسج من السلبية أثواباً ونصبح المادة الخام للتواكل فقط ببغاوات نشكو.. نتكلم.. نتجادل.. فى التوافه والصغائر ونتطاحن ولا ننتج سوى الكلام غير المفيد وننفعل دون أن نحل دون أن نبتكر دون أن نجتهد دون أن نتغير للأفضل دون أن نفعل بحب وإيجابية ودقة وإتقان. لو أن أزماتنا جبل وتحركت إليه الملايين، فالمؤكد أنه سينهار، ولكن المؤكد أيضاً أنه لن يتطوع أحد بإزاحته عن الشعب هو من يستطيع تحويل الجبل إلى نهر حياة..