كل الدول تبحث عن الاستقرار، الهدف الأسمى لكل دولة هو (الاستقرار)، الأمن مطلوب وضرورى، الحكومات هدفها تحقيق الاستقرار لشعوبها، إذا غاب الأمن انعدَم الاستقرار وغابت التنمية، هى معادلة مهمة جداً ومعروفة سلفاً وعدم تطبيقها يُعرِّض الدول للاضطرابات الداخلية، وتطبيقها يجلب العيش الكريم للشعوب فى هدوء وسَكينة.
مثلاً: انتشار السلاح فى أيدى المتطرفين فى «مصر» خلال الفترة من (يناير ٢٠١١) وحتى (يونيو ٢٠١٣) أسهم فى ترويع المواطنين وانتشار البلطجة وتصاعد دور الميليشيات المُسلحة لدرجة أنها لعبت دوراً سياسياً فى بعض الأحيان وتم استغلالها لتحقيق أهداف سياسية للقوى المتطرفة الأكبر التى ترعى هذه الميليشيات.
والسؤال الذى كُنا نسأله لبعضنا البعض ولا نجد له إجابة وقتها: من أين أتت كل كميات السلاح التى كانت بحوزة المتطرفين الإرهابيين الذين شكلوا تنظيمات تؤتمر بأمر من يدفع لها الأموال ويعطيها السلاح؟، الإجابة على قدر سهولتها لكنها مُعقدة إلى حد كبير، أتى السلاح من جهات خارجية شكلت لها عصابات لتهريب السلاح إلى داخل الحدود المصرية عن طريق الحدود مع ليبيا، وتحديداً عن طريق الدروب الجبلية، السلاح كان عبارة عن: صواريخ من نوعيات (كورنيت - هاون - آر بى جى) ومضادات الطائرات وسلاح كلاشينيكوف ومُتعدد، كانت الفوضى هى السائدة فوصلت كل هذه الأسلحة للداخل.. إذاً جهات خارجية تهدف لتركيع مصر وهدمها وإسقاطها تدفع أموالاً طائلة لشراء سلاح لإدخاله مصر بالتعاون مع عناصر إما مأجورة أو مُتطرفة لكى يصل السلاح إلى التنظيمات المتطرفة التى تستخدم السلاح وترفعه فى وجه كل من يخالفها فى الرأى ويمنعها من تنفيذ مخططها بإتمام الأخونة وإحكام القبضة على وطن بحجم «مصر».
ذات يوم حضرت مؤتمراً صحفياً كبيراً نظمته وزارة الداخلية حينما كان اللواء أحمد جمال الدين يتولى منصب «مساعد وزير الداخلية للأمن العام»، وتحديداً كان المؤتمر فى شهر (مايو ٢٠١٢)، وعُقد فى مقر مصلحة الأمن العام بالعباسية، كانت الأوضاع الأمنية صعبة، تناول اللواء أحمد جمال الدين عرض الموقف الأمنى، شعرت بالخطر فى البداية من جرَّاء ما قاله، لكنى شعرت بالطمأنينة بعد أن بدأت أتمعن فى كل ما قيل وأُدرك الحقائق وأعرف الكواليس، قال اللواء جمال الدين: (ضباط الشرطة يعملون ليل نهار من أجل استعادة الأمن ويبذلون جهوداً مُضاعفة، ضبطنا سلاحاً كثيراً أعلى من نسبة ما تم ضبطه العام الماضى)، سألت اللواء جمال الدين وقُلت له: البلد مليانة سلاح ما كل هذا السلاح يا سيادة اللواء؟، رد قائلاً بصراحته المعهودة: خلال أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ تمت سرقة السلاح من أقسام ومراكز الشرطة، وتم اقتحام السجون وهرب المساجين، نحن الآن هدفنا عودة الأمن، ولكى يعود الأمن نبذل قصارى جهدنا لاستعادة السلاح المسروق وضبط المساجين الهاربين، استعدنا كميات سلاح كبيرة وضبطنا مساجين، وبعض المساجين جاءوا وسلموا أنفسهم طواعيةً، وهناك سلاح تم رصد تهريبه للداخل عبر الحدود الليبية من عصابات تهريب ليصل للتنظيمات المتطرفة، لو قارنا جهودنا هذا العام فى ضبط السلاح والجناة بالعام الماضى أو بعام (٢٠١٠) ستدرك بأن الشرطة بذلت مجهودات ضخمة.
تمر الأيام والشهور والسنون، وتقف الشرطة على قدميها، تتم السيطرة على الشارع، يتم القضاء على التنظيمات الإرهابية، يشعر المواطنون بالأمن، يتم تنفيذ خطة التنمية، يعود الاستقرار، لكن بعد تضحيات أبناء الشرطة وبسالتهم فى أداء مهامهم الوطنية ويدفعون الثمن غالياً نظير أمن وسلامة مصر، عاد الأمن لمصر، لكن التحدى الأكبر الذى يواجهنا هو (عدم الاستقرار فى محيطنا العربى والإقليمى)، وعليه فإنه يجب علينا اليقظة المستمرة لحماية وطننا.