انتفض المصريون جميعاً إلا قلة قررت وفضَّلت أن تصفِّى حساباتها مع الوطن. «هبة مصر» عارمة مبهرة تعلن أن مصر لن تركع، وأن المصريين يدعمون الرئيس باعتباره رمزاً، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعى بعبارات التأييد والدعم والمساندة للوطن والرئيس السيسى، لمواجهة ما رأوه مؤامرة لضرب الاقتصاد المصرى وتشويه سمعة البلد عالمياً فى حملة مسمومة على خلفية سقوط الطائرة الروسية. تندَّر المصريون بخفة ظل معهودة على البريطانيين والأمريكيين الذين استبقوا التحقيقات وتحليل معلومات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة. عرف المصريون بفطرتهم وذكائهم أنها مؤامرة ضد مصر، ولم يعد هناك شك لدى أحد أن كل هذه التداعيات بتعليق الرحلات السياحية البريطانية والأمريكية، ما هى إلا بداية سيناريو حصار وعزلة، لتخضع مصر لضغوط ومساومات تتنازل بموجبها تدريجياً عن سيناء للفلسطينيين. شرم الشيخ أصبحت عند المسئولين البريطانيين والأمريكيين منطقة محظورة، فكان رد المصريين حملة شعبية واسعة النطاق «أنا رايح شرم الشيخ»، مواطنون، شباب وفتيات وقنوات تليفزيونية ومحطات إذاعية ذهبت إلى شرم، لتبث رسالتها من هناك فى رسالة واضحة أن «شرم الشيخ آمنة».
دعوات ومبادرات لزيارة المدينة وتنظيم رحلات إليها وتسهيلات كثيرة من جانب الفنادق و«مصر للطيران»، بل من جانب دول عربية، مثل: الإمارات، والبحرين، والسعودية، لدعم السياحة فى شرم الشيخ.
هذه الحالة يجب استثمارها جيداً، وأن نمسك بها، وألا نسمح أن تمر دون الاستفادة القصوى، ونبنى عليها لدعم الجبهة الداخلية، فالمصريون يريدون أن يفعلوا الكثير، لكنهم يحتاجون البوصلة، والدولة تملك هذه البوصلة، لا نريد أن يقتصر الأمر على الاحتفاء باصطفاف المصريين وقت إحساسهم بالخطر على الوطن وكفى.
إن المصريين فى حاجة لمن يبعث فيهم الأمل بخطاب إعلامى ورسائل مباشرة بأن القانون يطبق على الجميع دون تمييز، وأن العدالة الاجتماعية من إجراءات وقرارات مستمرة يستفيد بها من يستحق. إن المواطن هو السيد فى هذا الوطن، وإننا بحاجة لأن نحبط كل محاولات تشويه صورة المؤسسة الأمنية، سواء بمحاسبة كل من يخطئ أو تصحيح الصورة عندما يكون بها تشويه إعلامى صاحب هوى وغرض.
رقابة المحليات التى ثبت فشلها فى الإسكندرية والبحيرة فى مواجهة الأمطار، رقابة تشعر المواطن بأنه ليس وحده فى مواجهة «دولة الروتين» أو «خفافيش الفساد». إن الدولة المصرية تحتاج قرارات حاسمة الآن، وليس غداً فى ملفات كثيرة، نكرر من جديد الآن، فالمصريون على قلب رجل واحد داعمون لتطهير مؤسسات الدولة ممن ثبت تورطهم فى دعم الإرهاب، داعمون للإعلام والحرية المسئولة فى مواجهة دعاة الفوضى وأصحاب مدارس تشويه الدولة أو المواطن على حد سواء. حفنة من الإجراءات والجراحات العاجلة، لتشعر بقبضة القانون فى إصلاح المؤسسات والمصالح الحكومية، وأن يتحول الانحياز فى الخطاب السياسى لقرارات ملموسة على الأرض، وأعتقد أن التدخل فى تخفيض الأسعار بداية لخطوات أخرى قادمة.