يعتقد البعض أن الإقبال على الاقتراع فى انتخابات برلمان ٢٠١٥ هو بمثابة تصويت على مدى شعبية الرئيس عبدالفتاح السيسى. أو على ما تحقق من إنجاز فى فترة ولايته العام الماضى، وهذا الأمر يحمل الكثير من الخلط بين الأمور ويكاد يكون رسالة يبدو فى ظاهرها الرحمة ولكن فى باطنها العذاب.. تلك الرسالة تروج لها التيارات الإرهابية فى محاولة لإفشال الاستحقاق الثالث لإفشال عملية انتقال سلمى للسلطة التى تحدث لأول مرة فى تاريخ مصر الحديث.
علينا أن ندرك أننا أمام واقع سياسى جديد بالحياة السياسية والحزبية فى مصر التى تتبلور من جديد، لقد خرجت من ساحة المنافسة الانتخابية كتلتان تنظيميتان كبيرتان، هما الحزب الوطنى والإخوان المسلمين. شئنا أم أبينا كانا الأقدر على الحشد والتنظيم. الوطنى كان يحشد من خلال المجالس المحلية التى كان يحتكرها وعمل كل مؤسسات الدولة له وانتماء الكثير من العائلات له وكانت دائماً هذه العائلات تحشد وهى مطمئنة على الفوز بمساندة الحزب لهم. والإخوان كانوا قادرين على الحشد بالمتاجرة بالدين وإظهار أنفسهم بأنهم يراعون الله أكثر من الأشرار المنتمين للحزب الوطنى من وجهة نظرهم ويقدمون الخدمات واعتلاء المنابر. ولكننا الآن أمام قوى سياسية وأحزاب وتحالفات جديدة تخطو على طريق الحياة السياسية بفكر وتوجه مختلف، وبالتأكيد أن خريطة الحياة السياسية تُرسم من جديد. وأنا أعلم أن نسبة التصويت لم ترض أحداً بعد ثورتين. كنا نأمل أن تفوق نسبة التصويت الخمسين بالمائة ولكن طريقة الانتخابات كانت جديدة على المواطن؛ أن يتم التصويت فى الفردى لشخص أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة بالإضافة للقائمة، والكثير من الناس كانت لا تعلم هل كل هذا العدد سوف يكون فى ورقة واحدة أم ورقتين، وهل القوائم سوف تكون بالاسم (المرشحون الخمسة والأربعون) والكثير منهم لا يجيد القراءة والكتابة، مما يصعّب عليه عملية التصويت، وهذا فى تقديرى ما جعل اليوم الأول يوم تعرف على طريقة الانتخاب والمرشحين وأعدادهم الكبيرة وبهم عدد يخوض الانتخابات لأول مرة. ولكننا لا بد أن ندرك جميعاً أننا لا نشارك من أجل شخص أو قائمة ولكننا نشارك من أجل مصر الجديدة، نحن جميعاً نتطلع لإنجاح الاستحقاق الديمقراطى الثالث وعلينا أن نواجه محاولات الإفشال.. المشاركة هى السبيل لإفشال محاولات التيارات المتطرفة. ويبقى سؤال مهم: من الذى سيرسم ملامح الخريطة الانتخابية؟ بالتأكيد الأغلبية التى لم تعد صامتة.
إن نسبة المشاركة فى البدايات الأولى للعملية الانتخابية قد تبدو أقل من المتعارف عليه، ولكنها تمثل بداية موفقة لرسم الواقع السياسى الجديد دونما أن يكون هناك كتل تنظيمية كبيرة. أصواتنا ومشاركتنا هى التى ستقى الحياة السياسية من سطوة المال السياسى. أصواتنا ومشاركتنا هى التى ستضع المرأة المصرية فى مكانتها فى البرلمان المقبل. مشاركتنا هى التى تؤكد أنه لا عودة للوراء.. لقد تحملنا جميعاً سنوات من المواجهات الصعبة من أجل أن نصل إلى نقطة بداية جديدة.. وها نحن على أعتابها، فلا داعى لأن نتردد أو ننساق لمؤثرات لا تتسم بالوعى الكافى لإدراك أهمية اللحظة.
أدعوكم جميعاً أن تخرجوا من أجل مصر.. صوتك لمصر.