فلسطينيون: مصر القوة المحورية في مواجهة المخططات الإسرائيلية لتصفية القضية والتهجير القسري أو الطوعي

فلسطينيون: مصر القوة المحورية في مواجهة المخططات الإسرائيلية لتصفية القضية والتهجير القسري أو الطوعي
أكد عدد من السياسيين الفلسطينيين أن مصر رفضت تصفية القضية الفلسطينية منذ اللحظة الأولى، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى إيقاف العدوان الإسرائيلى الهمجى على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة والضفة الغربية، وإلزام إسرائيل بحفظ أرواح وممتلكات الفلسطينيين ومقدساتهم من واقع مسئوليتها كقوة احتلال وفقاً للمنصوص عليه فى القوانين والمواثيق الدولية.
وقال الدكتور شفيق التلولى، المحلل السياسى الفلسطينى، إن التطورات الأخيرة فى الأراضى الفلسطينية تضع العالم أمام مسئولية تاريخية تجاه الشعب الفلسطينى، إذ يسعى الاحتلال الإسرائيلى، من خلال سياسات التصفية الممنهجة والتهجير القسرى أو الطوعى، إلى فرض واقع جديد فى الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال ممارسة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وجرائم غير مسبوقة فى التاريخ تستهدف هويتهم وحقوقهم الأساسية، مؤكداً أن مصر حافظت على موقفها الثابت فى دعم القضية الفلسطينية ورفض جميع محاولات تصفية حقوق الفلسطينيين.
وأشار «التلولى»، لـ«الوطن»، إلى أن الموقف المصرى التاريخى فى هذا الصدد كان حاسماً منذ اندلاع العدوان الأخير على غزة، وحتى قبل ذلك، إذ رفضت مصر تصفية القضية الفلسطينية منذ اللحظة الأولى، وعبَّرت عن رفضها القاطع لأى نوع من التهجير القسرى للفلسطينيين، مضيفاً أن مصر قامت بدور كبير فى فض هذا العدوان، عبر سلسلة من الفعاليات والمبادرات السياسية والدبلوماسية على جميع المستويات، على رأسها استضافة مؤتمرات دولية فى القاهرة، إلى جانب دورها البارز فى القمة العربية الأخيرة التى عُقدت فى الرياض، حيث صادقت الدول العربية على خطة مصر لمواجهة «صفقة القرن» التى تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، أيضاً أطلق السيد الرئيس السيسى القمة العربية فى نوفمبر من العام الماضى، مؤكداً رفض مصر لجميع أشكال التهجير القسرى، وداعياً إلى تبنى خطة دولية قائمة على إعادة الإعمار والتعافى، مع التركيز على إحياء العملية السياسية لتحقيق السلام العادل والشامل، وهى المبادئ التى لطالما دافع عنها السيد الرئيس، معتبراً أن الظلم الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى يجب أن يتوقف.
وأوضح «التلولى» أن مصر كانت ولا تزال الراعى الأساسى للمصالحة الفلسطينية، منذ عام 2007، أى منذ بداية الانقسام الذى أدى إلى تفتيت وحدة الصف الفلسطينى، مؤكداً أن مصر مراراً وتكراراً لا تدَّخر جهداً من أجل استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتدرك أن أى انقسام داخلى بين الفصائل الفلسطينية يُضعف قدرتها على التصدى للاحتلال، فكانت تسعى لإقامة جسور من التعاون بين الأطراف الفلسطينية، لتحقيق المصالحة الشاملة، وظهرت هذه الجهود فى نتائج ملموسة على الأرض من خلال العديد من اللقاءات التفاوضية التى سعت إلى إعادة توحيد القوى الفلسطينية.
وأشار إلى أن هناك تحولاً تدريجياً فى الإطار الدولى، حيث بدأ الرأى العام العالمى يتبنى مواقف أكثر دعماً للقضية الفلسطينية، ويعود الفضل فى هذا التحول إلى الدور المصرى والعربى الفاعل على الساحة الدولية، إذ دفعت مصر من أجل العمل على إحداث ضغوط دولية على الحكومات الغربية، ما أسهم فى تحولات لافتة فى المواقف السياسية لبعض الدول، مثل التأكيد على حل الدولتين، واعتراف الدول بالدولة الفلسطينية المستقلة، موضحاً إلى أن هذا التحول لم يقتصر على الدبلوماسية الرسمية فحسب، بل شمل أيضاً الضغط الشعبى، إذ ظهرت تحركات من شعوب العالم مطالبة بحق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة، وهو ما أصبح أكثر وضوحاً فى جلسات الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى، حيث باتت الدعوات لحل الدولتين تجد صدى أكبر فى الأوساط السياسية العالمية.
وأشار «التلولى» إلى أن الدور المصرى والعربى كان العامل الأساسى فى هذا التحول، سواء على المستوى الدبلوماسى أو الشعبى، حيث تمكَّن التحرك العربى والمصرى من التأثير بشكل كبير على القرارات الدولية وعلى مستوى مجلس الأمن الدولى، ما أحدث فارقاً جوهرياً فى شكل المناقشات الدولية حول القضية الفلسطينية، وأدى إلى تحولات ملموسة على مستوى القرار السياسى الدولى.
وأكد أن مصر، من خلال هذه التحركات، تعزز موقفها كداعم أساسى للحقوق الفلسطينية، وتحاول إحداث تغيير على الساحة الدولية لصالح حل عادل وشامل يكون فى صالح الشعب الفلسطينى، ويؤدى إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، مشدداً على أن التزام مصر تجاه القضية الفلسطينية لن يتغير، وأن مصر ستستمر فى لعب دور محورى فى التصدى للتهجير القسرى والمساهمة فى إحياء الأمل فى تحقيق السلام العادل، باعتباره الحل الوحيد الذى يمكن أن يضمن الأمن والاستقرار فى المنطقة بأسرها.
بدوره، قال الدكتور عبدالمهدى مطاوع، المحلل السياسى الفلسطينى، إن الموقف المصرى من القضية الفلسطينية يُعد حجر الزاوية فى مواجهة محاولات تصفيتها، خاصة من خلال السياسات الإسرائيلية التى تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، موضحاً أن مصر تدرك المحددات والمخاطر التى تهدد القضية الفلسطينية، خاصة فى ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلى لتصفية الوجود الفلسطينى عبر سياسات التهجير القسرى والطوعى.
وأضاف «مطاوع» أن الموقف المصرى يذهب إلى أبعد من مجرد التنديد بالانتهاكات، إذ يركز على حقيقة أن المعركة ليست محصورة فى غزة فقط، بل تشمل الضفة الغربية، مما يتطلب حلاً شاملاً يأخذ بعين الاعتبار جميع أبعاد القضية الفلسطينية، موضحاً أن «الخطة التى قدمتها مصر قد تمكنت من معالجة هذه القضايا الجوهرية بشكل متكامل، حيث تشمل نقل ولاية السلطة إلى قطاع غزة وتوحيد الصف الفلسطينى، وهو ما يعزز الجبهة الداخلية الفلسطينية ويعطيها القدرة على مواجهة محاولات الاحتلال، كما أن هذه الخطة تتضمن خطة إعمار بدون تهجير، وهو العنصر الأهم فى مواجهة محاولات تصفية الشعب الفلسطينى».
وأشار إلى أن أحد الأبعاد الأساسية التى عالجتها مصر هى مسألة سلاح الفصائل الفلسطينية، وهى قضية حساسة كانت محوراً رئيسياً فى النقاشات الإقليمية والدولية، قائلاً: «لولا إدراك مصر لأهمية هذه القضايا وما تمثله من تهديدات استراتيجية، لما تمكّنت من تقديم حلول واضحة لمواجهة محاولات (ترامب) و(نتنياهو) لتهجير الفلسطينيين، ومصر قدمت بالفعل حلولاً تُحبط هذه المخططات وتبنى أسساً جديدة لمواجهة التصفية الإسرائيلية».
وأضاف: «الموقف المصرى يعكس فهماً عميقاً للقضية الفلسطينية وقدرة على مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية، وهو ما أثبتته مصر عبر تقديم خطط واضحة ومؤثرة للتصدى لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية». وشدد على أنه لا يمكن تشكيل تحالفات إقليمية تمس القضية الفلسطينية دون أن تكون مصر جزءاً أساسياً منها، لأنها هى القوة المحورية فى مواجهة المخططات الإسرائيلية.
وأكد أن الهدف الاستراتيجى من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هو تغيير الوضع الديموغرافى فى الأراضى الفلسطينية، لافتاً إلى أن إسرائيل تعتبر أن التهديد الأكبر لها يأتى من النمو الديموغرافى الفلسطينى، حيث تعتقد أن وجود فلسطينيين يزيد من مخاطر توازن القوى فى المنطقة.