طلاب المدرسة: ننفذ وصية الإمام «علي» بأن «حُسن الخط أكبر داعم للحق»

كتب: أحمد ماهر أبوالنصر

طلاب المدرسة: ننفذ وصية الإمام «علي» بأن «حُسن الخط أكبر داعم للحق»

طلاب المدرسة: ننفذ وصية الإمام «علي» بأن «حُسن الخط أكبر داعم للحق»

حكايات كثيرة يرويها طلاب مدرسة خليل أغا للخط العربى عن بدايات محبة الخط العربى، وكيف كانت اللحظات الأولى داخل المدرسة، من بينهم محمود أبوالسعود، من محافظة القليوبية، الذى أحب الخط العربى منذ نعومة أظافره، وسعى لتطوير موهبته التى ظهرت فى المرحلة الابتدائية بعدما اكتشف أحد أساتذته فى مدرسة القرية موهبته فى الكتابة.

ورغم صغر سنه ووجوده فى المرحلة الابتدائية، إلا أنه كان يبدع فى عمل لوحات الخط لطلاب المرحلة الإعدادية: «كنت حافظ القرآن وملتحق بالأزهر الشريف، كنت باكتب كل لوحات المدرسة لزمايلى، وده كان شىء لافت للانتباه، علشان كده المدرسين عندى فى المعهد الأزهرى كانوا بيطلبوا منى أكتب لوحات لطلاب إعدادى وثانوى، وفضلت على كده فترة طويلة، لحد ما والدى لاحظ موهبتى، واهتم بتنمية المهارة عندى وكان هو سبب مباشر فى التحاقى بعد كده بمدرسة خليل أغا للخط العربى».

محمود: كنت من تلامذة الأستاذ حسن عبدالقادر

اهتمام أسرة «محمود» به جعله يشعر بأهمية أن يتعلم فنون وقواعد الخط العربى وكذلك أنواعه الكثيرة، حتى جاءه صديقه حسن مصطفى، الذى كان يتعلم الخط العربى، وأقنعه بضرورة تعلمه، لتبدأ من هنا رحلة الالتحاق بالمدرسة: «كنت من تلامذة الأستاذ حسن عبدالقادر، من المدرسين الكبار فى المدرسة، واللى شجعنى كتير إنى أنمى موهبتى، وكان بيقعد معايا يعرّفنى أنواع الخطوط، وقال لى إن الموهبة عمرها ما تنتهى طالما فيه استمرارية فى الكتابة والإبداع، كان عندى وقتها 11 سنة بس، وكنت باروح المدرسة زائر».

من شدة تعلق الثلاثينى بالخط العربى أحب أساتذة المدرسة كثيراً لدرجة جعلته يقرر زيارتهم داخل منازلهم، ليستغل أى فرصة تُتاح للقرب منهم من أجل التعلم: «أول ما دخلت جامعة الأزهر، والدى شجّعنى أدخل بشكل رسمى المدرسة، ماكانش مجرد زائر، وفعلاً قدّمت ودخلت امتحان القبول بالمدرسة، كنا 40 طالب فى الامتحان، ورغم مرور سنين على المرحلة دى إلا إنى لسه فاكر الجملة اللى طلبوا مننا وقتها نكتبها، وكان نصها بيقول كان بر الوالدين واجباً».

سعادة كبيرة شعر بها «محمود» بعد ردود فعل بعض أساتذة المدرسة عقب الانتهاء من أداء الامتحان، لأنه أحس أن هذه هى البداية الحقيقية له فى هذا الفن الذى يعبر بوضوح عن الحضارة والأصالة: «نصحونى أحضر مع كبار الخطاطين، وفى المدرسة عرفت أنواع الخط، ودلوقتى أنهيت دراسة الأربع سنوات وباكمل فى التخصّص».

شعور مماثل بالسعادة تملك حسن مصطفى، أحد طلاب المدرسة، الذى درس الخط العربى عقب الانتهاء من الثانوية العامة مباشرة، ورغم بلوغه 54 عاماً إلا أنه يرى أن التعلم لا سن له، ويجب على الجميع أن يخلقوا لأنفسهم تحديات بشكل مستمر، مثلما فعل هو الآن بعدما قرر كتابة القرآن الكريم كاملاً بخط يده: «كنت باروح الكتّاب وأنا صغير، شيوخ زمان كانوا بيعلمونا بالحبر والقلم البوص، ومن هنا كانت المواهب بتظهر، لأن القلم البوص بيسمح للإبداع، بدأت أحب الخط العربى، وكان كل شغلى بالقلم البوص، ولما كبرت بقى عندى موهبة وقدّمت فى مدرسة خليل أغا، ووقتها قدم لى ورقى الأستاذ غلاب، وده خطاط مهتم بالخط العربى، وعنده قدرة رهيبة على اكتشاف المواهب».

يتذكر «حسن» يوم أن قرر الذهاب إلى المدرسة وأجرى امتحان القبول بها، ووجد عدداً كبيراً من الطلاب مختلفى الأعمار، حينها تأكد أن تعلم الخط العربى من بين الأمور الجيّدة التى تفيد الدارسين: «من مميزات المدرسة أنها لا تتقيّد بعامل السن، أنا أناشد بضرورة إلغاء القلم الجاف، لأنه لا يُعلم الخط ولا يفيد، بعكس القلم الحبر بتاع زمان اللى كان بيخلى الطالب يبدع، لازم كمان أساتذة كل المدارس ياخدوا دورات تدريبية علشان يشجعوا الطلاب على تعلم الخط العربى، أنا تعلمت الخط العربى للحفاظ على الهوية، وعلشان أسيب من بعدى ذكرى طيبة لأولادى، ومن هنا بدأت أكتب المصحف بخط اليد مش للتوزيع ولا النشر، مجرد تركة لهم».

أحد المتفوقين: هو مفتاح الحياة بالنسبة لي..وخالد تعلم فنونه دون مؤهل جامعي

ربما تختلف قصة الطالب خالد يوسف نوعاً ما عن زملائه، كونه لم يحصل على مؤهل عالٍ، ولكنه قرّر أن يتعلم الخط العربى ليُصبح واحداً من أبرز طلاب المدرسة، ومن شدة براعته تمكن من الحصول على المركز الأول فى التخصّص بعد سنوات كثيرة من الدراسة: «أعشق الخط العربى، فهو بالنسبة لى بمثابة مفتاح الحياة، لأنه شىء جميل، وفن من الفنون التى ما زالت عظمتها جليلة، وأتذكر قولاً للإمام على حينما قال عن الخط العربى، إن حسن الخط يزيد الحق وضوحاً».

حصل الخمسينى على شهادة التعليم المتوسط، لتبدأ بعد ذلك رحلة البحث عن الذات، بعدما قرر الالتحاق بكلية الإعلام، تعليم مفتوح، وبعدها كلية دار العلوم، وتوسطتهما رحلته داخل مدرسة الخط العربى: «تعلمت الخط عن حب، دخلت أكاديمية الخط العربى فى نوبار، وأخدت منها دبلوم الخط العربى سنة 2003، وبعدها مباشرة درست الإعلام». ويتابع: «بانصح الشباب بضرورة التركيز فى المستقبل وعدم النظر إلى الماضى، وأن يعتبروا أن اللغة العربية هى أساس التقدّم فى كل شىء، وأن يتعلموا الخط العربى».


مواضيع متعلقة