معهد البحوث والدراسات.. نافذة طلاب مصر على القارة

معهد البحوث والدراسات.. نافذة طلاب مصر على القارة
مبنى ضخم على أطراف مجمع كليات جامعة القاهرة، لا يعلم عن دوره كثير من مرتادى الجامعة، رغم وجوده داخلها منذ عدة عقود، لافتة صغيرة أعلى المبنى تغطيها فروع الشجر، مكتوب عليها «مركز الدراسات والبحوث الأفريقية»، هنا مقصد طلاب أفارقة ومصريين وعرب يأتون من بلادهم لإجراء الدراسات العليا فى شئون دول أفريقية، ربما لم يزوروها من قبل.
أنشئ معهد الدراسات والبحوث الأفريقية فى عام 1947 تحت مُسمى «معهد الدراسات السودانية»، وكان ملحقاً بكلية الآداب جامعة القاهرة، وتم فصله عنها فى عام 1954، فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتحوّل إلى كيان منفصل بذاته تحت مسماه الحالى فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1971، وكان المقر الرئيسى له فى 33 شارع المساحة بالدقى، حتى عام 1987، حيث تم نقله إلى المبنى الحديث المقام حالياً داخل جامعة القاهرة.
فى بهو المعهد من الداخل أربع لوحات تحتوى على أعلام دول أفريقيا يعلوها علم مصر، ساحة ضخمة تطل على جميع الأدوار العليا التى تحتوى على أقسام المعهد الستة، والمدرجات والمعامل، بينما يستقر فى الدور الأرضى متحف يحتوى على بعض المقتنيات الأفريقية.
تقلص دور المعهد قليلاً عما كان عليه فى عهد «عبدالناصر»، هذا الكيان الذى كان يُخرّج أعداداً كبيرة تصبح سفراء مصر لدى بلادها وتنقل صورةً جيدةً عن مصر، أصبح دوره مقصوراً على التدريس لـ52 طالباً أفريقياً وعربياً، فيما توسّع دوره فى التدريس لطلاب مصريين، هدفهم الحصول على درجات علمية تتعلق بأفريقيا.
كانت مصر منذ أيام «ناصر» تعطى الطلاب الأفارقة منحاً مجانية للدراسة فى المعهد، والحصول على الدرجات العلمية، سحبت مصر يدها منذ سنوات، ولم تعد تتحمّل نفقات هذه المنح، فقلّ عدد الطلاب الأفارقة فى المعهد، وأصبح على الطلاب الدارسين إما أن يتحملوا ثلاثة آلاف جنيه إسترلينى تقريباً قيمة التسجيل فى الماجستير أو الدكتوراه أو يحصلوا على منح من دولهم التى تتحمّل نفقات الدراسة على مدار ثلاث سنوات، منهم من يتعثّر خلال سنوات المنحة ولا يستطيع إكمالها لانتهاء فترة المنحة دون إنهاء دراسته فى الدرجة العلمية التى يدرسها.
عدد الدارسين فى المعهد طبقاً للأرقام الرسمية خلال عام 2013 - 2014 حوالى 358 طالباً فى درجات الدبلومة والماجستير والدكتوراه فى ستة أقسام «التاريخ» و«الجغرافيا» و«السياسة» و«الاقتصاد» و«الأنثروبولوجيا» و«اللغات» و«الموارد الطبيعية»، وحالياً لا يوجد سوى 52 وافداً فقط من دولة نيجيريا وتشاد وليبيا والسودان، ولا يوجد طلاب من دولة إثيوبيا، والبقية من الطلاب المصريين.
داخل المعهد لا يوجد سوى بضعة طلاب أفارقة رفضوا الإدلاء بأحاديث، وفى كل قسم يوجد غرفة للمعيدين بالأقسام المختلفة، وفى الطابق الثانى داخل غرفة المعيدين بقسم الأنثروبولوجيا، يتحدث محمد عبدالراضى المدرس المساعد بالقسم، عن دور أقسام المعهد المختلفة فى التعريف بأفريقيا، قائلاً: «هنا بيت الخبرة الأفريقى، كل الدراسات التى تتعلق بأفريقيا تاريخا وحضارة وعلم إنسان ولغات مختلفة وسياسة واقتصاديات تجد مكانها فى معهدنا، لكن للأسف لا يأخذ هذا المكان العريق حقه الطبيعى، فمن الطبيعى أن كل من يريد أن يذهب إلى أفريقيا مستثمراً أو زائراً سياسياً أن يأتى إلينا لنُعطى له دليل وقاموس التعامل الأمثل، ونعطى له توضيحاً لكل الثقافات والطريق الأمثل للتعامل».
فى مكتبه بالدور الأول علوى، يجلس الدكتور سلطان فولى حسين، وكيل المعهد لشئون الدراسات العليا، يتابع شئون الطلاب الدارسين، خاصة الطلاب الأفارقة، ويحاول أن يحل مشكلاتهم، يقول الرجل الذى يعمل فى المعهد منذ ثلاثة وثلاثين عاماً، إن المعهد بدأ يستعيد دوره خلال السنوات الماضية، حيث خصّصت جامعة القاهرة ميزانية لا بأس بها تساعد الباحثين والأساتذة على الذهاب فى بعثات تشمل 25 باحثاً أو أستاذاً مساعداً أو دكتوراً للذهاب إلى دول أفريقيا، لإجراء بحوثهم وزياراتهم الميدانية خلال كل عام.
ما يقرب من 140 أستاذاً ومدرساً ومدرساً مساعداً ومعيداً يشكلون هيئة التدريس داخل المعهد، كما يقول الوكيل، موزّعون على جميع أقسام المعهد، وتم توجيه رسالة المعهد ودراساته فى مراحلها المختلفة، سواء الدكتوراه أو الماجستير فى الفترة الأخيرة حول مشاكل وأزمات وطبيعة دول حوض النيل، لتكوين صورة واقعية تخدم توجّهات الدولة فى تكوين علاقات جيدة مع دول حوض النيل.
«عايزين نرجّع تانى دور المعهد مرة أخرى، كجسر بين مصر والدول الأفريقية»، بهذه الكلمات، بدأ الدكتور حسن صبحى، عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية حديثه، مواصلاً: «المعهد كان له الدور الرئيسى فى التواصل العلمى والأكاديمى مع دول أفريقيا المختلفة، بعض قيادات الدول الأفريقية الحاليين تخرجوا فى معهدنا، كما أن كل من كان يدرس فى المعهد يتخرّج ويصبح لديه ولاء لمصر ولشعبها وأرضها، بعد ولائه لبلده الأول الذى ينتمى إليه».
يضيف الرجل الذى تولى عمادة المعهد مؤخراً: «لم يكن دور المعهد أيام (ناصر) فقط هو التدريس والدعم العلمى والأكاديمى، بل كان لنا دور كبير فى مجال دعم الدولة المصرية فى دول أفريقيا، كان لزاماً على كل طالب مصرى أن يذهب إلى دول أفريقيا لإجراء دراساته الميدانية، ويقدّم فى مجال دراسته احتياجات الدولة الأفريقية التى زارها، ويعود ليقدّم توصياته إلى الجهات المعنية فى الحكومة حتى تقوم بتقديم العون أو المساعدة فى ذلك المجال، أيام (ناصر) كانت مصر تقدم خدمات كثيرة للدول الأفريقية فى مجال الزراعة وبعض المجالات الأخرى». ويشير إلى أن ميزانية البحث العلمى المخصصة له من جامعة القاهرة تحتاج الزيادة إلى خمسة أضعاف، لتلبى احتياجات البحث الميدانى، وخدمة جميع الدراسات التى تتطلب الذهاب إلى الدول الأفريقية.
ملف خاص
مصر وأفريقيا العودة إلى الجذور
«الجمعية الأفريقية».. مصنع الزعماء فى قلب القاهرة**
«الكراكات المصرية».. عملاق القارة يغرق فى بحر الديون
معاهد مصر العسكرية تستقبل طلاب القارة السمراء
«النصر للتصدير والاستيراد».. سلة غذاء الدول الأفريقية
«المصرية للتنمية» تنظم دورات تدريبية فى الزراعة والصحة والتعليم
«البعوث الإسلامية».. آلة الأزهر العملاقة لتخريج السفراء
أحمد حجاج: على الحكومة إنشاء قناة خاصة بأفريقيا لمناقشة مشاكلها