«الجمعية الأفريقية».. مصنع الزعماء فى قلب القاهرة

«الجمعية الأفريقية».. مصنع الزعماء فى قلب القاهرة
داخل شارع حشمت بمنطقة الزمالك، يقع مبنى عتيق من طابقين، محاط بحديقة صغيرة، يرجع تاريخه إلى عام 1948، عبارة عن «فيلا» مملوكة للبروفيسور المصرى محمد عبدالعزيز إسحاق، أستاذ الأدب العربى فى جامعة فؤاد الأول «القاهرة حالياً»، الذى أعير إلى جامعة غوردون فى العاصمة السودانية «الخرطوم»، عاد بعدها إلى مصر، ليبدأ فى تأسيس الرابطة الأفريقية، التى تحولت فيما بعد إلى «الجمعية الأفريقية».
أثناء الفترة التى قضاها «إسحاق» فى السودان، التقى الكثير من طلاب جنوب السودان الدارسين بالجامعة وأقام معهم علاقات طيبة، حتى أصبحوا يثقون به ويعرضون عليه ما يتعرض له الجنوب من مشاكل وما يعانيه المواطنون هناك من جراء الاستعمار البريطانى من أحوال سيئة وعنصرية.
يقول السفير محمد نصرالدين رئيس الجمعية الأفريقية «حين عاد إسحاق إلى القاهرة، كان من جيرانه فى منطقة الزمالك، الكاتب الراحل يوسف السباعى، فقدمه إلى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بوصفه مبادراً بالاهتمام بالقارة الأفريقية، وحينها كلفه عبدالناصر بالتواصل مع الطلبة الأفارقة وحركات التحرر الأفريقى، فتم نقله للخارجية المصرية بوصفه دبلوماسياً مصرياً، وبهذا أصبحت الجمعية الأفريقية مقراً وملاذاً لكل حركات التحرر الأفريقى فى أنحاء القارة الأفريقية جميعاً، والتى بلغت 38 حركة تحرر».
يواصل نصرالدين «كانت بالجمعية إذاعات سرية على موجات صوت العرب، تبث لشعوب أفريقيا باللغات الخاصة بهم، عن طريق ممثلى الحركات الموجودين فى مصر، للعمل على إرسال رسائل إلى شعوبهم، لبث روح الشجاعة فيهم والاستمرار فى قتال الاحتلال، كما كانت الجمعية تطبع نشرات دورية عن أفريقيا، وتقوم بتوزيعها فى أرجاء المجتمع المصرى، موضحاً أن الخارجية كان لديها اهتمام كبير بذلك، وبدأت فى ضم ممثلى الحركات الأفريقية مع وفودها إلى الأمم المتحدة، وتعطى لهم مساحة من الكلمة المخصصة لمصر، حتى يتحدثوا عن معاناة بلدانهم، وأحقية شعوبهم فى التحرر من الاستعمار».
ومن أهم الشخصيات التى عملت على إثراء الثقافة الأفريقية فى ذلك الوقت، والاهتمام بالملف الأفريقى، الكاتب يوسف السباعى، والسفير محمد فائق، الذى لعب دوراً كبيراً فى دعم حركات التحرر الأفريقى، وكذلك الدور الثقافى المصرى الأفريقى وتنفيذ سياسات مصر تجاه أفريقيا، بعدها واصل بطرس غالى هذا الدور، عندما تولى منصبه كوزير للخارجية، حيث زار عام 1977 جميع الدول الأفريقية بدون استثناء بطائرة رئاسية وأنشأ الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا، ونادى وقتها بمذكرة رسمية للإفراج عن نيلسون مانديلا.
فى هذا السياق يقول رئيس الجمعية «نصرالدين»، إن الجمعية أصبحت داعماً للدبلوماسية المصرية الأفريقية، ظهر ذلك فى إقبال رؤساء ومسئولى أفريقيا على زيارتها عند قدومهم لمصر، فعلها «مانديلا» عام 1995، وكتب عن تلك الزيارة فى كتابه «حديث مع الذات» مشيداً بحفاوة الاستقبال، وتدافع الأفارقة حوله فى الزمالك بمقر الجمعية الأفريقية حتى فقد حذاءه وتاهت زوجته، ولم يجدها إلا بعد عشر دقائق.
وتقول الدكتور آمنة فزاع مديرة قطاع التدريب والتنمية البشرية فى الجمعية الأفريقية، إن الجمعية بها 3 قطاعات، وهى القطاع الدبلوماسى، وقطاع الطفل والمرأة، وقطاع التدريب والتنمية البشرية، وتقدم الجمعية الخدمات للطلاب الأفارقة الموجودين فى مصر، من خلال كيان يعمل تحت مظلة ورعاية الجمعية الأفريقية، وهو الاتحاد العام للطلاب الأفارقة فى مصر، ويضم 38 اتحاداً فرعياً، يضم ما يقرب من 15 ألف طالب وطالبة من مختلف الدول الأفريقية.
وتؤكد «فزاع» أن الجمعية ما زالت تقوم بدورها فى رعاية وتثقيف الطلاب الأفارقة فى مصر، وكذلك الجاليات الموجودة، ويأتى هذا الدور عن طريق الدورات التدريبية التى تقوم بها الجمعية، فيما تقدم الجمعية دورات اللغات الأفريقية السواحيلية والأمهرية والهوسا واللغة العربية لغير الناطقين بها، كما تقوم بعمل الندوات التثقيفية والتوعوية فى كل الشأن الأفريقى، وكذلك تقدم الرحلات الترفيهية وتسهم فى الاحتفالات القومية لكل الدول الأفريقية.
ملف خاص
مصر وأفريقيا العودة إلى الجذور
«الكراكات المصرية».. عملاق القارة يغرق فى بحر الديون
معاهد مصر العسكرية تستقبل طلاب القارة السمراء
«النصر للتصدير والاستيراد».. سلة غذاء الدول الأفريقية
«المصرية للتنمية» تنظم دورات تدريبية فى الزراعة والصحة والتعليم
معهد البحوث والدراسات.. نافذة طلاب مصر على القارة
«البعوث الإسلامية».. آلة الأزهر العملاقة لتخريج السفراء
أحمد حجاج: على الحكومة إنشاء قناة خاصة بأفريقيا لمناقشة مشاكلها