«البعوث الإسلامية».. آلة الأزهر العملاقة لتخريج السفراء

«البعوث الإسلامية».. آلة الأزهر العملاقة لتخريج السفراء
بوابة حديدية سمراء اللون مفتوحة على مصراعيها تعلوها لافتة كبيرة مكتوب عليها «مدينة البعوث الإسلامية» يدخل ويخرج منها طلاب كثيرون، اختلفت ألوان بشرتهم وجنسياتهم ولغاتهم لكن توحدت أهدافهم ومقاصدهم، بجوار البوابة يجلس عدد من أفراد الأمن الذين يستفسرون عن هويات الطلاب تارة ويتركونهم تارة أخرى.
مدينة البعوث الإسلامية التى تم افتتاحها فى عام 1959 بأمر من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وتحت إدارة شيخ الأزهر الراحل محمود شلتوت ساهمت فى تخريج عدد كبير من الوافدين الأفارقة بعد أن احتضنتهم بين جدرانها وأسوارها، ووفرت لهم كل متطلبات الاجتهاد والمذاكرة حتى تقلد هؤلاء الخريجون أعلى المناصب فى بلادهم فى الفترات المتلاحقة، وهم يحتفظون بحب شديد للأزهر الشريف ومصر على ما قدماه لهم من علم وثقافة، ويظهر ذلك بوضوح عندما يزورون مصر ويحرصون على زيارة غرفهم لاستعادة الذكريات، وهو ما يدلل على دور الأزهر الكبير كمصدر رئيسى من مصادر القوة الناعمة المصرية، لكن إمكانيات المدينة الحالية لا تستوعب كل الطلاب الوافدين الدارسين بالأزهر، وهو ما يضطرهم للإقامة فى سكن خارجى فى الحى العاشر بمدينة نصر، ويستطيع المواطن العادى رؤيتهم بوضوح وهم محشورون داخل أوتوبيسى رقمى 80 و24ج حشراً لأنهما الوسيلة الوحيدة للانتقال من مدينة نصر إلى الدرّاسة، حيث جامعة الأزهر القديمة ومدينة البعوث الإسلامية.
كما يشكو هؤلاء الطلاب من الإجراءات الروتينية المعقدة والبطيئة وتأخر إصدار واستلام الشهادات الحكومية التى تتطلبها الدراسة فى الأزهر، و«اللف كعب داير على شبابيك الإدارات الحكومية الكثيرة» حسب وصف أحد الطلاب الخريجين.
«اختيار الطلبة الوافدين يتم بالتنسيق بين إدارة الوافدين بالأزهر ووزارة الخارجية مع سفاراتنا بالخارج»، يقول عصام سليمان مدير إدارة قطاع البعوث الإسلامية: «نحدد لكل دولة عدد الطلاب المسموح به، وهو ليس عدداً ثابتاً لكل الدول بل يختلف من دولة لأخرى على حسب احتياجاتها، وعندما يتم ترشيح الطالب واختياره ترسل وزارة الخارجية المصرية موعد إيفاد الطلاب المرشحين، وتقوم المدينة بإرسال رئيس اتحاد الطلاب الخاص بدولة الطلاب الوافدين لاستقبالهم فى المطار، ليشعروا بالأمان والهدوء النفسى، وبالنسبة لدول أفريقيا نقوم باستخراج تذاكر الطيران لهم على حساب المدينة، وبعد وصول الطلاب للمدينة نقوم بعمل الإجراءات اللازمة لتسكين الطالب فى المدينة وإجراءات صرف منحة الاستقدام وتقدر بمائتى جنيه شهرياً، وبالرغم من اشتراطنا عمل تحاليل طبية كاملة للطلاب قبل وصولهم إلى مصر، فإننا نقوم أيضاً بعمل التحاليل الطبية نفسها للتأكد من خلوهم من الأمراض الخطيرة والمعدية».
يضيف سليمان قائلاً «تتكون مدينة البعوث من قسمين؛ الأول للطلاب ويتكون من 35 عمارة، أما مدينة الطالبات فتتكون من 8 عمارات ويفصل بينهما شارع رئيسى. ويوجد فرعان آخران للبعوث الإسلامية فى الإسكندرية ودمياط، وتستوعب المدينة بالقاهرة نحو 4 آلاف طالب من 106 جنسيات من مختلف البلدان فى العالم، وأن أكثر البلدان التى يوجد منها طلاب هى ماليزيا وإندونيسيا وتشاد والكونغو، وأن المدينة تعمل على توفير الجو الملائم للطلاب للتحصيل والمذاكرة من خلال توفير الهدوء والراحة النفسية لهم وتقيم المدينة الكثير من الدورات الدينية للطلاب فى الإجازة حتى يتم تقويتهم فى العلوم الدينية، كما أن المدينة تشرف على حل جميع المشاكل الخاصة بالطلاب الوافدين مثل مشاكل الجوازات وإنهاء بعض الأوراق الخاصة بالمنحة».
من جانبه يقول طه جمعة، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية اللغة العربية من تنزانيا وأحد المقيمين مدينة البعوث «حضرت إلى الأزهر منذ 4 سنوات بمنحة مجانية، وسعيد جداً لإقامتى بالمدينة لأنها توفر الجو المناسب للمذاكرة والهدوء والراحة، وبها إمكانيات جيدة مثل المطعم والأنشطة الثقافية والرياضية الأخرى، بجانب تنظيم العديد من دورات اللغة العربية لتعليمها لغير الناطقين بها، وهو ما أدى إلى تحسن مستواى فى التحدث والكتابة بها، وأعتقد أن هذه المنح تساعد الكثير من الطلاب على نيل العلوم الدينية، لذلك أطالب بإتاحة الفرصة للكثير من راغبى التعليم فى الدول الأفريقية لأنهم يحبون مصر».
يلتقط منه أطراف الحديث الطالب السودانى بالفرقة الرابعة بكلية أصول الدين آدم يونس، ويتحدث قائلاً «منذ قدومى إلى مصر والتحاقى بالأزهر قمت بتأسيس اتحاد طلاب لدول حوض النيل، حيث انطلقت فكرة الاتحاد من مدينة البعوث بسبب إقامة أغلب الطلاب من دول حوض النيل فيها، والاتحاد فكرة تهدف إلى تبنى أهداف ومصالح طلاب دول حوض النيل، خاصة أن عدد الطلاب المقبلين من دول حوض النيل يتراوح ما بين 700 إلى 800 طالب فى مختلف الجامعات المصرية» وهو الاتحاد الذى قال «آدم» إن إدارة مدينة البعوث كان لها دور فى إطلاق الاتحاد، قبل أن تتبناه فيما بعد.
ملف خاص
مصر وأفريقيا العودة إلى الجذور
«الجمعية الأفريقية».. مصنع الزعماء فى قلب القاهرة**
«الكراكات المصرية».. عملاق القارة يغرق فى بحر الديون
معاهد مصر العسكرية تستقبل طلاب القارة السمراء
«النصر للتصدير والاستيراد».. سلة غذاء الدول الأفريقية
«المصرية للتنمية» تنظم دورات تدريبية فى الزراعة والصحة والتعليم
معهد البحوث والدراسات.. نافذة طلاب مصر على القارة
أحمد حجاج: على الحكومة إنشاء قناة خاصة بأفريقيا لمناقشة مشاكلها