دينا عبدالفتاح تكتب: التصنيع ثم التصنيع!

كتب: دينا عبدالفتاح

دينا عبدالفتاح تكتب: التصنيع ثم التصنيع!

دينا عبدالفتاح تكتب: التصنيع ثم التصنيع!

من الصعب أن تجد اقتصاداً واحداً على مستوى العالم حقق نهضته وازدهاره بعيداً عن الصناعة، وبأبسط المبررات؛ لأن الصناعة تمثل أعلى قيمة مضافة فى مختلف الأنشطة الاقتصادية، والقطاع الأكثر ثباتاً على المدى الطويل، والمورد الأول لاحتياجات الأسواق المختلفة حول العالم.

وفى مصر حققنا تنمية اقتصادية ملحوظة على مدار السنوات الماضية، وتحديداً منذ عام 2016 الذى شهد انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى الذى نفذته مصر بالتعاون مع مؤسسات دولية رفيعة المستوى، وارتكزت الخطة التنموية على مدار السنوات الماضية على عدة محاور أساسية فى مقدمتها تهيئة البنية التحتية وبناء علاقات اقتصادية خارجية متوازنة مع المعسكرين الغربى والشرقى، وتنفيذ الإصلاحات النقدية والمالية المؤهلة للانطلاق الاقتصادى، وعلاج تشوهات آلية سعر الصرف وتداول النقد الأجنبى، والإصلاح التشريعى العام والخاص بالقطاعات المختلفة مثل المقاولات والصناعة والاتصالات والبنوك وغيرها.

ولكن مع كل هذه النهضة لم تتحرك بالقدر الكافى معدلات النمو الصناعية والتصديرية، الأمر الذى يدعو إلى ضرورة مراجعة خطة العمل ودراسة نقاط القوة والضعف الخاصة بالقدرات والمزايا الإنتاجية التى تمتلكها مصر، وتنافسية منتجاتها فى السوقين المحلية والعالمية.

وقطاعا التصنيع والتصدير يرتبطان ببعضهما البعض، ففى حالة قوة النشاط الصناعى عادة ستجد قوة فى النشاط التصديرى، خاصة أن الصادرات تعتمد بنسبة لا تقل عن 70% على منتجات صناعية أو مخرجات هذا القطاع المحورى.

ولأن الصناعة تمثل الركيزة الأهم فى خطة التنمية، التى ينبغى أن تصنع الفارق فى تجربة الاقتصاد المصرى، لا بد من القيام بعدد من الإجراءات التى يأتى فى مقدمتها:

أولاً: مراجعة أسباب انحسار معدلات النمو فى الصناعة المصرية، وتوضيح إذا ما كانت هذه الأسباب ترتبط بمشاكل فنية فى الإنتاج، الأمر الذى ينعكس على جودة السلع الصناعية المصرية فى السوقين المحلية والعالمية، أو مشاكل مالية تتعلق ببنود تكلفة الاستثمار والإنتاج وانعكاسها السلبى على التسعير النهائى للمنتج وتنافسيته، أو مشاكل تسويقية تتعلق بفقدان المصنعين والمصدرين والأجهزة المرتبطة بهذا المجال لملكة الترويج الجيد للمنتجات الصناعية المصرية خارجياً وتعزيز تنافسيتها داخلياً لمنحها حصة أكبر من السوق.

ثانياً: ضرورة تعزيز قدرة وكفاءة الأيدى العاملة فى المجال الصناعى بقطاعاته المختلفة، وتعزيز معرفتهم التكنولوجية؛ حتى ينعكس ذلك على تطوير النظم الإنتاجية وزيادة مساهمة التكنولوجيا فيها بما سيتناسب إيجاباً مع معدلات الإنتاج ومستويات الجودة والأسعار التنافسية.

ثالثاً: لا بد من مراجعة الاتفاقيات التجارية الحاكمة لتبادل السلع الصناعية بين مصر والدول المختلفة ومراجعة المزايا التى تحصل عليها مصر بموجب هذه الاتفاقيات وما إذا كانت هذه المزايا مستغلة بالفعل أم هى عبارة عن بنود على ورق فقط، بينما يستغل الطرف الآخر هذه الاتفاقيات فى تعزيز نفاذية منتجاته للسوق المصرية.

رابعاً: لا بد من تعزيز الأدوات الإلكترونية المروجة للمنتجات المصرية فى الخارج والتى تخاطب العالم بلغته وتحفزه على شراء المنتجات المصرية ذات الجودة العالية والسعر التنافسى، الأمر الذى سينعكس بكل تأكيد على صادراتنا الصناعية خلال الفترة المقبلة.

خامساً: من الضرورى انتظام صرف المساندة التصديرية للشركات المصرية المصدرة للعالم الخارجى لتحفيزها على مواصلة نشاطها التصديرى والتوسع فيه خلال الفترة المقبلة.

سادساً: لا بد من توسع المصنعين أنفسهم فى الإنفاق على البحث والتطوير الصناعى حتى تتحسن جودة منتجاتهم، بما يعزز من تنافسيتها فى السوقين المحلية والأجنبية، ولا بد أن يدرك الصناع جيداً أنه لن تستمر الصناعة دون تطوير وبحث مستمر، ودون تخصيص جانب مهم من الأرباح لإعادة إنفاقه واستثماره فى التطوير.

سابعاً: لا بد من تعديل وتطوير البرامج التعليمية ذات العلاقة بالنشاط الصناعى والتى تخرج لنا الجيل الحديث من العاملين فى القطاع الصناعى، بحيث يتم دمج المواد المتطورة والتكنولوجيا الحديثة بهذه المناهج لتناسب الثورة الصناعية الثالثة وتقنيات تصنيع الألفية الثالثة.


مواضيع متعلقة