"الحاجة باتعة" تقاوم الزمن والمرض: تبيع الجرائد لتكفل أبناء ضرتها وترفض الصدقات

"الحاجة باتعة" تقاوم الزمن والمرض: تبيع الجرائد لتكفل أبناء ضرتها وترفض الصدقات
- سيدة
- سيدة ستينية
- جرائد
- بائع جرائد
- بائع صحف
- شبراخيت
- البحيرة
- سيدة مكافحة
- سيدة
- سيدة ستينية
- جرائد
- بائع جرائد
- بائع صحف
- شبراخيت
- البحيرة
- سيدة مكافحة
على رصيف أحد الشوارع المزدحمة، تجلس سيدة في نهاية العقد السادس من عمرها، بين تجاعيد وجهها تجتمع هموم البشر، وأمامها أوراق مسودة بأخبار الناس، لم تبرح مكانها منذ أكثر من 15 عاما، أقل من نصف متر تقريبا يفصلونها عن إطار السيارات، ولن تستطيع حتى الجري إذا غيرت أحدها مسارها خطأ، بعمدما تمكن المرض منها وأفقدها أجزاء من قدمها.
"الحاجة باتعة" والعمر المسروق
في مدخل مدينة شبراخيت بالبحيرة، حيث أكثر الأماكن ازدحاما بالمدينة، وربما المحافظة، تجلس باتعة فريد، 68 عاما، بين السيارات، لا تخشى الدهس، تبيع الجرائد والصحف للمارة، لا تتحرك سوى بعد انتهاء عملها، وبيع ما لديها من جرائد: "بافضل قاعدة صيف وشتا طول اليوم، عشان أبيع كم جورنال، في نفس المكان ده بقالي 15 سنة".
بشمسية داس عليها الزمن وأهلك نسيجها، تتحامى "الحاجة باتعة" من أشعة الشمس تارة، ومن ضربات المطر المفاجئة تارة أخرى، تمسكها بصعوبة بسبب عمليات بتر في أصابعها، تنظر إلى المارة والسيارات، تسرح بعيدا وتتذكر سنينا مضت، زهرة شبابها التي أذبلتها الأيام ومحطات الفقد والوداع في عمرها المسروق، لا يفيق غفلتها إلا صوت أحد الزبائن.
مكان موت زوجها تجلس "باتعة"
فقدت "باتعة" زوجها في نفس المكان التي تجلس فيه حاليا، إثر حادث سيارة أطاحت بعمره من فوق الرصيف، لتقرر أن تأخذ موقعه مقرا لها لبيع الجرائد، لتصرف على أبناء زوجها من زوجة ثانية غيرها، إذ توفي أولادها الثلاثة، بسبب معاناتهم من مرض وراثي، ينهي حياتهم عند مرحلة سنية معينة.
تحكي السيدة الستينية: "كان معايا 3 أولاد، وكان عندهم مرض وراثي، الدكاترة قالوا لنا إنهم هيوصلوا لسن معين وهيتوفوا، فزوجي تزوج واحدة تانية عشان يخلف منها أولاد يشيلوا اسمه طول العمر، ولما توفوا أنا اللي بصرف عليهم، لأن مراته التانية مريضة".
تربي أبناء ضرتها وترفض الصدقات
ترتدي "باتعة" الكمامة، لا تطيقها سوى دقائق قليلة، لكنها سرعان ما تعود مجددا لها، خوفا من أن يودي فيروس كورونا القاتل بحياتها، ولا يجد أبناء زوجها من يصرف عليهم بعدها، ولا ترضى بمساعدة مالية أو صدقة من أحد، رغم أن أحيانا يمر عليها أيام لا تجد أموالا لشراء علاجها.
تقول العجوز، وحبات الدموع تفر من عينيها: "الأسبوع اللي فات مكانش معايا حتى 100 جنيه أجيب بيها علاج، ومش باخد فلوس من حد، تديني فلوس من غير ما تشتري مش هاخد، هتديني فلوس يبقى تاخد جورنال".
تعاني "باتعة" من مرض السكر، الذي قضى على أصابع يديها الأربعة وكعب قدمها وبترهم، وتتمنى شيئا واحدا فقط: "كل أحلامي في محل صغير أو باترينة أبيع فيها الجرائد".