طبيب بعزل كفر الشيخ الجامعي: أخفيت عن أهلي وتأثرت بمريضة مُسنة كفيفة

طبيب بعزل كفر الشيخ الجامعي: أخفيت عن أهلي وتأثرت بمريضة مُسنة كفيفة
- كفر الشيخ
- عزل بلطيم
- عزل كفر الشيخ الجامعي
- أبطال الجيش الأبيض
- كورونا
- فيروس كورونا
- كفر الشيخ
- عزل بلطيم
- عزل كفر الشيخ الجامعي
- أبطال الجيش الأبيض
- كورونا
- فيروس كورونا
تجربة صعبة عاشها الطبيب الشاب محمود ضيف، البالغ من العمر 27 عاماً، داخل قسم العزل بمستشفى كفر الشيخ الجامعي، فالطبيب لم يتردد لحظة حينما جرى اختياره ليكون بين الطاقم الطبي الذي سينضم لقسم العزل الجديد داخل المستشفى الجامعي، لعلاج المصابين بالوباء العالمي الجائح فيروس "كورونا - كوفيد 19"، أيقن أن رسالته لم تُؤدَ بعد وأنه لا يستطيع التردد، لكن كل ما كان يشغل تفكيره حينها كيف سيخبر والديه وخاصة أنه ولد وحيد، ليهديه التفكير في الانضمام للعزل دون إخبار والده خوفاً من قلقهما.
14 يوماً قضاها الطبيب الشاب داخل قسم العزل بمستشفى كفر الشيخ الجامعي، تعرض خلالها لمواقف كثيرة صعبة أحياناً وسعيدة أخرى تأثر بعدد من المرضى من كبار السن، لكنه كان سعيداً حينما يخرج المتعافون يشعر بالانتصار على الفيروس الذي ما زال غامضاً وتحاول دول العالم أجمع البحث عن لقاح له، لكنه خرج من تلك التجربة القاسية بدروس كثيرة وتعلم كيف يدير أزمة.
في السابع من يوليو الماضي، أعلنت إدارة جامعة كفر الشيخ، عن تخصيص طابقين لاستقبال مصابي كورونا، لوجود أجهزة تنفس صناعي المستشفى الجامعي، ومن منطلق مسؤوليتها المجتمعية تجاه المجتمع، ومعاونتها لمستشفيات وزارة الصحة في هذه الأزمة، حينها جرى تدريب عدد من الأطباء وأعضاء هيئة التدريس على كيفية التعامل مع المرضى، وجرى اختيار الطبيب الشاب الذي تخرج في كلية طب الزقازيق عام 2017 وعُين معيداً بها لكنه انتقل لجامعة كفر الشيخ في 2019، ضمن الطاقم الطبي، وهو ما جعله يلبي النداء من منطلق مسؤوليته: "مكنش ينفع اتأخر دا واجب علينا ورسالة ومسئولية، المرضى أهالينا ومحدش بيتأخر عن أهله"، هكذا يؤكد الطبيب الشاب.
بطل الجيش الأبيض: الدعم النفسي يساعد على استجابة المريض للعلاج
يروى "ضيف"، لـ"الوطن" قصته مع التعامل اليومي مع مصابي فيروس كورونا خلال الـ 14 يوماً قائلًا:" لم أتردد لحظة في الإنضمام للطاقم الطبي الذي سيعالج مصابي الفيروس داخل المستشفى الذي أعمل به، لكن كنت في حيرة للحظات من أمر والدي حيث أننى لم أستطع إخبارهما، كوني ولدا وحيدا، وفضلت الانضمام دون علمهما خوفاً على قلقهما، وبدأت مهمتى بدعم المرضى نفسياً لتقوية الجهاز المناعي، لأن العامل النفسي أهم بكثير من العلاج، كنت أداعبهم بشكل يومي وأنا أمر عليهم، أتأكد من أنهم قاموا بالاتصال بذويهم، للاطمئنان، وجدت مرضى تركوا كل شيء وانتقلوا للمستشفى دون ذنب، تركوا ذويهم وركبوا سيارات إسعاف وتواجدوا بمفردهم، البعض فيهم اعتقد أنه لن يعود فتأثر وآثر فينا، فكانت مسؤوليتنا الأولى طمأنة هؤلاء ثم علاجهم".
يضيف الطبيب الذي كان طالباً مثالياً ومن أوائل دفعته بجامعته، " كنا جميعاً نحاول التخفيف عن المرضى، هناك الكثيرمنهم يموتون بسبب الخوف والإحباط والانكسار النفسي، لذلك كنا نحارب الاحباط والانكسار وكورونا، المسؤولية كبيرة لكن دعواتهم لنا كانت تهون علينا الصعاب، كنت أتاكد من حمل المرضى لهواتف محمولة للاطمئنان على ذويهم، أحياناً كنت أهاتف أهاليهم لتوفير موبايل للتحدث معهم مساعدتنا في الدعم النفسي، أصعب ما كنا نواجهه خلال رحلة العزل هي الروح المعنوية للمريض، تأثرت بمريض كان لا يريد التحدث مع أحد حاولت الحديث معه ومداعبته ولاحظت تحسن نفسيته واستجابته للعلاج".
مواقف صعبة مر بها بطل الجيش الأبيض، خلال رحلته القاسية داخل قسم العزل، "تأثرت بمريضة كبيرة في السن كفيفة، كنت أتأكد من أن التمريض والعاملين يقومون على خدمتها، هذه المريضة تحديداً شعرت أنها واحدة من أهلي، لا ترى وخرجت من منزلها تاركة أهلها، حالتها كانت صعبة نفسيا وليس طبيا، تحتاج رعاية خاصة، كنت أشعر بالقلق طوال الوقت عليها، وكنت أداعبها لأخرجها من إحباطها، كنت أسمع دعواتها وأشعر أنها مُجابة، سيدة فجأة تركت ذويها في أشد الاحتياج إليهم، مرضى كورونا أصعب إحساس لديهم هو أنهم يتركون ذويهم إجبارياً في أصعب لحظات حياتهم ووقت يحتاجون إليهم فيه، لذلك منا نتأكد أنهم يطمئنون عليهم بشكل دائم".
الطبيب: نهون عن المرضى ودعواتهم دعمتنا وأتمنى التزام الناس
يتابع بطل الجيش الأبيض: "كنا جميعاً كفريق طبي نتعامل مع المرضى بلطف، نحاول التخفيف عنهم، نهون عليهم ويهونون علينا، نؤمن أن المرض من الممكن أن يقتل الناس معنوياً، لذلك كانت مسؤوليتنا تجاه الحفاظ على نفسية المرضى كبيرة، رفعنا شعار الدعم النفسي قبل العلاج فتحسنت الكثير من الحالات وخرجت بعد تمام الشفاء".
لم تكن اللحظات القاسية وحدها عاشها الطبيب بل مر بلحظات سعيدة أيضاً خلال رحلته: "عشنا لحظات سعيدة، لحظة خروج المريض على رجله فى الأسانسير ومن غير أى ماسكات، كنا بنحتفل بانتصارنا وكانت بتهون علينا كل الصعب، ودعوات المرضي كانت بتهون علينا، وقتها كنت بكلم أهلي اللى خبيت عليهم وأطمنهم وأقولهم أنا في شغل، إحساس إنك محتاج تشارك حد لحظات الانتصار بعد الإكسار من غير ما يكون عارف دي برضو صعبة، كنت بكلم أمي وأبويا في التليفون أطمنهم، ومقولتش أني في عزل غير لما رجعت البيت، وأنا واثق في الانتصار لكن لازم الناس تحافظ على نفسها أكتر من كده".