طبيب بعزل بلطيم: خالتي توفيت بين يدي.. وشوفت أخويا معرفتش أحضنه

كتب: سمر عبد الرحمن

طبيب بعزل بلطيم: خالتي توفيت بين يدي.. وشوفت أخويا معرفتش أحضنه

طبيب بعزل بلطيم: خالتي توفيت بين يدي.. وشوفت أخويا معرفتش أحضنه

أن تكون بطلًا فى الجيش الأبيض فهذا فخر وشرف ومسئولية، وأن ترى قريبًا أو عزيزًا على بعد متر ونصف منك ولا تستطيع أن تحتضنه فى أضعف لحظاته فهذا إحساس صعب، أما أن تستقبل أهلك وذويك وأحدهم يتوفاه الله بين يديك فهذا هو الأصعب.

التى من الممكن أن تمر على الأنسان فى حياته، أن ترى شقيقك بجوارك يؤدى نفس البطولة ولا تستطيع أن تُقبله وأنت لا تعلم إذا كنت ستعود أم لا فهذا حزن يؤدى لتساقط دموعك،

كل هذه المواقف والمشاعر عاشها الدكتور محمد نصر الزيات، البالغ من العمر 29 عامًا، والذى يعمل اخصائي الأمراض الباطنة والرعاية المركزة بمستشفى كفر الشيخ العام، خلال فترة تواجده ضمن أبطال الصفوف الأولى بمستشفى عزل بلطيم لمواجهة فيروس كورونا المستجد.

ففي الأول من أبريل الجاري، وبينما كان الطبيب فى منزله يستعد للنوم، دق هاتفه فى الواحدة صباحًا، ليخبره زميله بأنه وقع عليه الاختيار ليكون بين أفراد الطاقم الطبي الأول الذي سيتوجه بعد ساعات لمستشفى العزل ببلطيم.

لم يتردد الطبيب الشاب ووافق فورًا، لكنه لم يدر بخلده أنه سيستقبل خالته أو أحدًا من أهل قريته، ولم يكن يتخيل يومًا ما أنها ستقابل ربها وهى بين يديه، وأنه لن يستطع احتضانها أو تقبيلها، وسيكون مطلوبًا منه أن يتماسك ويخفي دموعه خلف سترته الواقية حتى يتمكن من أداء صلاة الجنازة عليها وتوديعها.

ولم يكن الطبيب الشاب يعلم أيضًا أنه سيقابل شقيقه الذي يعمل مسعفًا داخل جدارن المستشفى ولم يستطع تقبيله، لكن هذا ما حدث.

بطل فى الجيش الأبيض: تركت زوجتى حاملاً في الشهر الخامس وتلقيت الصدمة وحدي

الطبيب الشاب الذى تخرج فى كلية طب الأزهر عام 2014، حياته تغيرت بعد قضاءه 14يومًا داخل مستشفى العزل ببلطيم، كانت هى الأصعب فى حياته، "الساعة واحدة الصبح كلمنى دكتور زميلي وقالي خلاص جهز نفسك علشان طالعين على مستشفى بلطيم، قولتله أنا جاهز، مقدرتش أتأخر، ومن غير ما أبلغ أهلي قولت هروح، وروحنا بلطيم بعد ماودعت أهلي وتركت زوجتي الحامل فى الشهر الخامس، لكن مقدرتش أقول لأمي وأبويا وقتها علشان أخويا الكبير مسعف، وبينقل حالات فخفت عليهم، لكن كنت مقدر المسئولية ولازم أخدم بلدى، دا وقت محدش ينفع يقول لا، كنا عارفين إن الموضوع كبير وصعب، وعارفين إنه تضحية لكن كنا بنعمل ده لوجه الله ولخدمة أهالينا".

يحكى بطل فى الجيش الأبيض، حكايته مع المرضى وأصعب المواقف التى مر بها قائلًا: "كانت الامور ماشية تمام ، لكن بعد أيام قليلة استقبلت أهل بلدي، وكانت أولى إصابات المحافظة من قريتي شباس عمير، وحصل معايا موقف دا هيفضل فى ذاكرتى مدى الحياة".

ويروي "بعد 8 أيام جت حالة من بلدي واكتشفت أنها خالتي، قولتلهم انا اللى هستقبلها، نزلت وإستقبلتها وكان موقف صعب، مش قادر أحضنها ولا أسلم عليها وبكيت وغرقت بدلتى وأستحملت ، وعدى الموقف وحجزتها، وكانت حالتها سيئة لأنها كانت كبيرة فى السن وتوفيت بين أيديا".

ويضيف: "كان ذلك أول صدمة فى حياتي، لكن استطعت تحملها بفضل الزملاء الي قدروا يخففوا عني، وصليت عليها الجنازة".

الطبيب: التجربة صعبة لكن خدمة الوطن ودعوات المرضى خففت حدتها

ويقول الطبيب الشاب "بعد وفاة خالتي استقبلت الطفلة أروى، من قريتي أيضًا، ومكانتش مدركة يعنى إيه فيروس أو حجر، وقدرت أطمنها وتماسكت".

ويتابع  "تالت أصعب المواقف عندي كان أخويا الأكبر مني بسنة ونص، ويعمل في الإسعاف، ومكنتش شوفته من 15يوم، وقابلته وهو بينقل حالة فى بلطيم، وكان الموضوع صعب إنى مش قادر أحضنه ولا أقبله، مش متخيل أشوف أخويا ونتقابل وجهًا لوجه ومش قادر حتى أسلم عليه".

وعن التعامل مع المرضى، يتابع الطبيب: "إحنا أول فريق راح المستشفى، وقسمناه، واشتغلنا أنا ومجموعة من الأبطال، وكنا مسؤولين عن العناية المتوسطة، ومرحلة ما قبل دخول المريض الرعاية المركزة، وكان دورنا مهم فى الدعم النفسى، بنقضى معاهم الـ24ساعة، فلازم نطمنهم ونهون عليهم، بنحاول نزرع الأمل.. دي تجربة صعبة لكن مفيدة، وخدمة الوطن ودعوات المرضى خففت حدتها، وكانت فاصلًا فى حياتي".

 


مواضيع متعلقة