طبيب بعزل بلطيم: اعتبرت مهمتي ضد كورونا تكليفا من الله وتلبية لنداء الوطن

طبيب بعزل بلطيم: اعتبرت مهمتي ضد كورونا تكليفا من الله وتلبية لنداء الوطن
- كفر الشيخ
- عزل بلطيم
- أبطال الجيش الأبيض بمستشفى عزل بلطيم
- أبطال الجيش الأبيض
- كورونا
- فيروس كورونا
- كفر الشيخ
- عزل بلطيم
- أبطال الجيش الأبيض بمستشفى عزل بلطيم
- أبطال الجيش الأبيض
- كورونا
- فيروس كورونا
في الثانى من أبريل الماضى، وأثناء قيامه بعمله داخل مستشفى كفر الشيخ الجامعى، دق هاتف الطبيب محمد سعيد رضوان، طبيب مقيم كبد وجهاز هضمي وأمراض معدية ، رقم هاتف غير مسجل ظن أن المتصل مريضاً يحتاج لاستشارة فرد قائلا: "اتفضل يا فندم شكوتك إيه أنا معاك"، الا أنه فوجئ بشخص يضحك ويقول له أنا من وزارة الصحة، ببلغك انت معانا فى بلطيم يوم السبت، ليرد الطبيب: "قافلة طبية إن شاء الله ولا إيه"، ليرد عليه "لا أنت ضمن الطاقم الطبى الذى سيتوجه لمستشفى العزل الصحى ببلطيم، إيه خايف ولا ايه؟"، ليتفاجأ الشاب مسرعاً "أنا معنديش أي مانع بس لازم أكمل الطاقم عندي فى القسم، والجامعة لسه مبلغتناش بحاجة"، ليجيبه المتصل: "إن شاء الله الساعة 10 الصبح حضرتك تكون فى بلطيم".
انتهت المكالمة الهاتفية وبدأ الطبيب الشاب البالغ من العمر 29 عاماً، والذى تخرج فى كلية طب الزقايق عام 2015 بتقدير امتياز، فى التفكير كيف سيُعد نفسه فى هذا الوقت القصير، كيف سيخبر والديه اللذين يعيش معهما، لحظات قليلة أيقن الطبيب أن هذا تكليف من الله، بدأ في مهام تجهيز حقيبته وإخبار أسرته، بدأ فى إخبار شقيقته خوفاً على والديه كبار السن، مؤكداً أنه سيخدم المرضى داخل المستشفى، وأن الوطن في احتياج لكل طبيب في هذه الفترة، كان الخوف يتملكه لأنه الذى يعيش مع والديه المسنين، لكن نداء الوطن تغلب على الخوف: "مكنتش عارف أقولهم إزاي الموضوع صعب، والدى ووالدتى فوق الـ70 سنة وانا اللى عايش معاهم، لكن توكلت على ربنا وقدرت أقنعهم، وجهزت شنطتى وروحت مع زمايلى".
بطل الجيش الأبيض: "رأيت ممرضة تبكى من الرعب فتأثرت ودعمت المرضى نفسياً"
شعور بالرهبة انتاب الطبيب لحظة وصوله للمستشفى، فالمهمة الجديدة لايعلم عنها شيئاً، ولا الملابس التى سيرتديها، دخل الطبيب لسكنه مع زملائه وقبل أن ينال قسطاً من الراحة، جاءتهم تعليمات بتجهيز أنفسهم جميعاً لاستقبال 22 حالة مرة واحدة من مصابى الوباء العالمي الجائح فيروس "كورونا المستجد"، دقائق وجد نفسه يرتدى ملابس لم يتعرف عليها من قبل، رأى ممرضة تبكى: "كانت لحظات صعبة ملحقناش نرتاح قالولنا جهزوا نفسكم فى 22 حالة على وصول، لما روحنا غرفة الملابس استغربت وكنت متوتر، لكن تسلحت بالدعاء وبدأت مهامى، لكن شوفت ممرضة بتبكى من الخضة، هتقع مننا، عمال كانوا فاهمين إنهم هيموتوا خلاص كان واجبنا اننا نهديهم، نسيت توترى، وبدأت أهدى فى الممرضة واقولها إرتاحى بس ومتبكيش، دا كله لوجه الله، وبدأنا جميعاً ناخد نفس عميق وتوكلنا على الله واستقبلنا أول فوج من المرضى".
مع استقبال أول فوج من المصابين، عاد الشعور بالخوف مرة أخرى ينتاب الطبيب الشاب، المرضى تركوا ذويهم في محافظات أخرى، مهمة جديدة ستُضاف إلى مهمتنا وهي طمأنة المرضى أولاً قبل بدء العلاج: "مكنتش شايف أوي من القلق الحالات كانت خايفة جداً، أتذكر مريض قالي أنا خايف من شكلكم انتم عاملين كده ليه، وفضلنا نهديهم برغم توترنا، لأول مرة نلبس كده، وكان علينا مهام كبيرة، إننا نطمن التمريض حديثى التخرج والمرضى، ونعالج، كلنا مكناش مستوعبين فى اللحظة دي، لكن قولت لو مقدرتش تكون قائد وتتمسك وتهدي إللي حواليك كل حاجه هتبوظ، والمريض الأهم فى المنظومة، لو هيحس اننا خايفين منه، هيقول أنا هموت مش هخف، فكان علينا دور كبير أننا نطمنهم الأول، والحمد لله البدلة كان ليها دور فى إخفاء ملامحنا علشان الناس متخافش".
الطبيب الشاب: "التجربة صعبة لكني سأكررها.. وسعدنا بشفاء مصابين"
يروى رضوان رحلة الـ14 يوماً داخل جدران المستشفى قائلا: "بعد ما مر أول يوم تاني يوم قسمنا نفسنا للمرور ع الأقسام الداخلي، كنا بنتكلم مع الحالات ونظمنهم، لكن مرينا بمواقف صعبة، منها ممرضة كانت بتمر معايا على المصابين، وفجأة وقعت مننا، شيلناها وقعدناها لحد ما فاقت، كانت بتمر علينا لحظات بنبكى فيها، لكن اكتسبنا خبرة وثقة، وأنا تعلمت إزاي أسحب تحاليل صعبة بالنسبة للتمريض، هناك اتعلمنا كل حاجة، أهمها أننا إيد واحدة وفريق واحد مفيش فرق بين طبيب أو ممرضة أو عامل، إلا فى الأدوار، تذكرت لما رفضت كان تعييني معيداً فى جامعة الزقازيق، بجراحة مخ وأعصاب، لأنى كنت بحب التخصصات الباطنية، واستلمت تكليفي نائب فى قرية الأبطال بشمال سيناء، كانت الحياة صعبة، عشت وقت طويل بدون مياه، واللى كان مصبرني حب الناس هناك، واحتياجهم بجد لخدمة طبية كنا بنكمل الوحدة الصحية بجهود ذاتية، كنت بكشف لحد 2 الظهر على من 120 لـ160 مريض، اعتبرت نفسى جيت هنا لتأدية واجب عليا أن ده تكليف زى اللى فات، فلازم أكون قد المسئولية".
مواقف صعبة مرت على بطل الجيش الأبيض خلال الـ14 يوماً بمستشفى العزل، سيظل يتذكرها طوال حياته: "الموقف الأصعب بالنسبة لى، كنا بنغيير ملابسنا، لقيت استغاثات، إلحق يا دكتور فى مريضة فى العناية المركزة، الأنبوبة الحنجرية فكت، ودكتور العناية لسه قالع بدلته والمناوب عنه لسه بيلبس، محتاجين حد يركبها بسرعة، خوفت وقتها وقولت أنا مش طبيب عناية، هتصرف أزاى، دا أنا آخر مرة ركبت أنبوبه حنجرية من 4 سنين، توكلت على ربنا ونسيت خوفى، روحت جرى غرفة الرعاية، وبدأت أتعامل مع المريضة، كان أخطر مهمة على الطبيب فى رحلة كورونا هى تركيب الأنبوبة دى، لأن الطبيب بيبقى قريب جدا جدا من التنفس للمريض، لكن لبست الفيس شيلد، ومترددتش، لقيت التمريض واقف جنب الحالة وبيبكى، وبفضل الله ركبتها برغم إن الحالة وزنها كان تقيل ورقبتها صعبة، لكن ربنا وفقنى، وجه طبيب الرعاية كمل بعدى".
يضيف الطبيب الشاب: "لن أنسى الطفله ذات الـ9 أعوام، كانت خايفة وبتبكى، وفجأة ضحكت لما هزرت معاها وعملتلها ألعاب أطفال، كان الدعم النفسى مهم جداً، ودا نتيجته ان 90% من الحالات كانت ما بين شفاء تام وما بين تحسن، وخروج لنزل الشباب، كنت بتصور مع الحالات، وهما خارجين من فرحتى، وما زلت على تواصل معاهم على الواتس أو الفيس و بجاوب على كل أسئلتهم، الفريق كله بذل مجهود كبير، والتمريض قام بدور بطولى، وتواصلي مع ناس من دمياط وبورسعيد وإسكندرية حتى فى العزل الذاتي لنا بعد المده دا تفريج هم وتخفيف ألم عن مريض لا يوصف".
رضوان: "أفضل أسبوعين فى حياتى العملية وسننتصر على الوباء"
يختتم رضوان حديثه: "أفضل أسبوعين فى حياتي العملية كانوا خلال علاج مصابى كورونا، عشت روح أخوة وتعاون مشوفتهاش قبل كده كلنا واحد طبيب ممرض عامل، عشان كده تم العمل بنجاح خرجنا دلوقتي وأتمنى التجربة تتكرر تاني مع نفس الفريق بتاعنا ونرجع تاني نخدم مرضى جدد، حسيت إن ربنا بيكافئنى، إنى إخترت تخصصي، وبقول هننتصر على الوباء قريباً".