"شاعر الرصيف".. ماسح أحذية: نفسي أبقى مشهور والناس تشاور عليا

"شاعر الرصيف".. ماسح أحذية: نفسي أبقى مشهور والناس تشاور عليا
على بعد خطوات من ميدان رمسيس بمحافظة القاهرة، يجلس أمام صندوق ورنيش أحذية، شاب عشريني تبدو عليه ملامح التعب والإرهاق بملابس باليه وقبعة على رأسه تحميه من أشعة الشمس الحارقة، ليس له ما يحميه منها سوى تلك القبعة التي تشير إلى أنها لم تفارقه منذ زمن بعيد، ممسكا بيده إحدى روايات الكتاب أحمد خالد توفيق، يقرأ حين ينتهي من تلميع أحذية المارة، وعند الانتهاء يمسك إحدى الروايات التي يحصل عليها بالمجان من أحد الباعة المجاورين له وحين ينتهي يعيدها مرة أخرى، ويأخذ غيرها، وهكذا الحال منذ ما يزيد عن 8 سنوات.
أحمد فتحي جابر، 27 عاما، من محافظة البحيرة، ماسح أحذية اعتاد على قراءة الروايات منذ زمن بعيد ووجد فيها ضالته، فكثيرا ما عانى من الوحدة بعد انفصال أبويه وهو ما زال في عمر 40 يوما، وعاش في كنف جدته لأمه، التى أشرفت على تعليمه، قبل أن تجبره الظروف المعيشية على تركها وشراء صندوق تلميع أحذية، حتى يتمكن من الحصول على قوت يومه: "باكل عيش من تلميع جزم الناس، ظروف العيشة صعبة، وبحاول مامدش إيدي لحد"، ويتابع: "بصحي من الفجر أفضل ألمع جزم لحد بعد صلاة العشاء، في المدة دي كلها بكون أكلت مرة واحدة بس".
وعن حبه لقراءة الروايات والكتب يقول الشاب العشريني، ذو العينين الحائرتين، والوجه النحيف المائل للسمرة، أنه يجد فيها ما يشبع شغفه الشديد لتعلم كل ما هو جديد وينمي لديه حسه الأدبي، حيث يمكن له أن يستوحي منها أشعاره التي يجلس كثيرا بين المارة يرددها: "بقرأ لكل الكتاب مصريين وأجانب، زي أشرف غريب وثائق الفنانين وكمان أحمد خالد توفيق والبيرت اينشتاين، وباولوكوينو، وبرضه بحب رواية الفيل الأزرق لأحمد مراد، قرأت لحد دلوقتي أكتر من 500 رواية وكتاب".
وسط محبيه العاملين في المحال المحيطة بالميدان يردد "جابر" بعضا من أشعاره قائلا: "ياللي رماك الهوا وأنا استلاقيتك، سحرتني رقتك وبقلبي حبيتك، وفضلت ماشي وراك أعرف طريق بيتك، وروحت أطلب وصالك لأني حبيتك، ومن كتر شوقي يا شوقي تملي بسأل عليك أمتى يهل الوصال وأتهنى وأفرح بيك، الحسن والجمال دول هما عنوانك، ده الورد في البستان خد الجمال منك وكل يوم الزهور تقول كلام عنك".
يتمنى" جابر" أن تصل أشعاره إلى الجميع ويصبح ذات صيت وشهرة عالية: "اللي زيي محدش هيحس بيه".