تركيا تخالف القانون الدولي.. وأردوغان يشعل المنطقة بسبب "أطماع الغاز"

تركيا تخالف القانون الدولي.. وأردوغان يشعل المنطقة بسبب "أطماع الغاز"
تعد منطقة شرق المتوسط، مطمعا كبيرا لدول المنطقة برمتها لما تحتويها من مخزون هائل من الغاز الطبيعي يقدر بأكثر من 100 تريليون متر مكعب، لذلك ترغب أنقرة في أن يكون لها نصيب وفير من تلك الثروات.
قبرص واليونان والرغبة التركية في السيطرة
لا تسيطر الحكومة القبرصية إلا على القسم الجنوبي من الجزيرة، ما مساحته ثلثي البلاد فقط، ويخضع الشطر الشمالي لسيطرة تركية منذ عام 1974، عندما تدخلت أنقرة عسكريا ردا على محاولة قام بها قبارصة يونان، أرادوا ضم الجزيرة إلى اليونان، في حين تحظى جمهورية قبرص اليونانية باعتراف دولي، فيما لا تعترف بجمهورية "شمال قبرص التركية" سوى أنقرة.
وتقع قبرص التي تبلغ مساحتها 9250 كيلو متر مربع، في شرق البحر المتوسط على بعد 60 كيلو مترا من السواحل التركية، و100 كيلو متر عن الشواطئ السورية، ويسكن الجزيرة نحو 1.15 مليون نسمة، 80% منهم مسيحيون و18% مسلمون والبقية أقليات دينية مختلفة.
وتقدر احتياطات الغاز الطبيعي بها ما بين 102 و170 مليار متر مكعب في منطقة تعتبرها قبرص منطقتها الاقتصادية، وكانت شركة "نوبل إنيرجي"، ومقرها تكساس، أول من أعلن عام 2011، اكتشاف الغاز قبالة قبرص في حقل "أفروديت" الذي يقدر ما يحتويه بـ 4.5 ترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وفي فبراير من عام 2019، اكتشفت "إكسون موبيل" و"قطر للبترول" احتياطيا ضخما من الغاز الطبيعي قبالة ساحل قبرص، قدر بأنه يحتوي على ما بين 85 تريليون قدم مكعب.
والجدير بالذكر أن قبرص أعلنت في فبراير الماضي عن اكتشاف مكمن ضخم للغاز الطبيعي، وذلك من خلال أعمال حفر ينفذها "كونسورتيوم" يضم شركتي "إيني" الإيطالية و"توتال" الفرنسية، في منطقة بحرية شمال غربي قبرص.
أما عن اليونان، فإن الحكومة اليونانية لم تعلن عن اكتشافات غازية في البحر المتوسط لكنها أعلنت قبل سنوات عن بدء تنفيذ المسح السيزمي لبدء خطط التنقيب والحفر.
الموقف التركي من اكتشافات المتوسط
عارضت تركيا عمليات التنقيب قبالة سواحل قبرص، كما أنها منحت ترخيصا لشركة "تركيش بتروليوم" في 2009 و2012، للتنقيب في المياه قرب الشطر المسيطر عليه من تركيا، وأكدت أن تحركاتها في التنقيب والبحث عن النفط والغاز تتم ضمن القانون الدولي، وأن التنقيب يجري داخل "جرفها القاري".
كما أرسلت تركيا في 20 يونيو "يافوز"، وهي السفينة الثانية التي تجري عمليات تنقيب قبالة سواحل قبرص، بعد أن كانت قد أرسلت السفينة "فاتح" للتنقيب في مياه المنطقة الاقتصادية الحصرية القبرصية، بالإضافة إلى منطقة "أوفشور" التي أرسلت إليها السفينتان، هي قسم مما تعترف به المجموعة الدولية على أنه "المنطقة الاقتصادية الحصرية" لجمهورية قبرص، والتي وقعت عقود استثمار مع مجموعات نفط عملاقة مثل "إيني" الإيطالية و"توتال" الفرنسية و"إكسون - موبيل" الأمريكية، للتنقيب عن النفط والغاز.
مدى قانونية التحركات التركية في المتوسط
يأتي التحرك التركي في المتوسط مخالفا للقانون الدولي، إذ أن أنقرة لم توقع إلى الآن على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1994، وحسب هذه الاتفاقية تمتد المياه الإقليمية لبلد ما 12 ميلا في البحر، إلا أن المنطقة الاقتصادية الخاصة لذلك البلد يمكن أن تمتد إلى 200 ميل، حيث باستطاعته المطالبة بحقوق الصيد والتنقيب والحفر، وعندما تكون المسافة البحرية بين البلدين أقل من 424 ميلا، عليهما تحديد خط فاصل متفق عليه بين منطقتيهما البحرية. وتلحظ الاتفاقية حقوق الجزر البحرية كما هو حال قبرص، ولعل هذا ما يفسر سبب عدم توقيع تركيا الاتفاقية، وتطالب بدلا من ذلك بحقوق استنادا إلى جرفها القاري، وتوقيع اتفاقية للجرف القاري مع جمهورية شمال قبرص التي يعترف بها أحد إلا أنقرة، بعد أن أعلنتها تركيا جمهورية مستقلة عقب غزوها لشمال قبرص عام 1974 بحجة حماية الأقلية التركية هناك.
ويتناقض هذا السلوك التركي مع حقوق قبرص وفقا للقانون الدولي، إذ إن العالم لا يعترف إلا بجمهورية قبرص اليونانية التي هي عضوا في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني قانونا الاعتراف بسيادتها على جميع أراضيها، وهذا الاعتراف الدولي ينزع عن تركيا الذرائع القانونية التي ترفعها في معركة الطاقة في البحر الأبيض المتوسط.