مخزن الإرهاب.. بقايا قنابل وجدران دمرها الرصاص
مخزن الإرهاب.. بقايا قنابل وجدران دمرها الرصاص
بقايا جدران من الطوب الأحمر، يصل ارتفاعها نحو 6 أمتار، يعلُوها سقف من الصاج المجلفن، تملؤه ثقوب أحدثتها طلقات الرصاص المتبادل بين قوات الأمن والإرهابيين، تتسلل من خلالها أشعة الشمس على ركام المخزن، الذى كان فى الظاهر ورشة نجارة وفى الباطن مخزناً للمتفجرات تابعاً لتنظيم أنصار بيت المقدس «الإرهابى». هذا ما تبقى من المعركة التى اندلعت مع الإرهابيين الذين احتموا بالمخزن أثناء المواجهة مع قوات الجيش والشرطة، على مدار 7 ساعات متواصلة بدأت الثانية منتصف الليل وانتهت فى التاسعة صباحاً فى قرية «عرب شركس» بالقليوبية أمس الأول.
المخزن الممتد على مساحة 500 متر، يقع على ناصيتين، يغلق ببوابة واحدة لونها بنى، مُدون عليها بلون الأصفر «بسم الله ما شاء الله». البوابة تتحرك على مجرى حديدى (جرار)، حولتها طلقات الرصاص إلى شبكة، تتنوع فيها الثقوب حسب حجم الطلقات التى كانت تُطلق من الداخل أو الخارج. هكذا يظهر مخزن المتفجرات من الخارج، ويقع وسط 10 مخازن وورش عشوائية بدائية التصنيع.
بمجرد عبور بوابة المخزن، تظهر ملامح ورشة نجارة بالداخل، حيث يوجد منشار كبير الحجم مُثبت فى مواجهة البوابة، على بُعد متر منه، توجد أخشاب، فى مواجهتها مثقاب، بينما فى نهاية الورشة يظهر «كمبروسر» يستخدم فى رش وطلاء الأخشاب، وبعض قطع الأثاث مثل «مكتبة منزلية» بعد عملية الدهان فى صورتها النهائية وأخرى ما زالت فى مرحلة التصنيع.
أثناء محاولة تفحص المكان والتنقيب بين مقتنياته، بعد انصراف قوات الأمن، يجب التحرك بحذر شديد، بين الحطام، استجابة لنصائح بعض الأهالى من وجود كهرباء فى الأسلاك الكهربائية المتساقطة، إضافة إلى ظهور بركة من المياه تكسو أرضية المكان، ويزيد حالة الخوف احتمالات حدوث ماس كهربائى، بسبب محاولة تجار الروبابيكيا سرقة الأسلاك الكهربائية وغيرها مما يسهل حمله، فى ظل خوف أهالى القرية من الاقتراب من المكان أو محاولة دخوله.
يقلب أحد عمال الروبابيكيا، فى الحُطام، ثم يصيح هائجاً «قنبلة.. قنبلة، ممكن تنفجر فينا»، فيهرول الجميع إلى خارج المكان، ويقف فى حيرة من أمره، خوفاً من انفجارها إذا ألقاها على الأرض، ويجتمع أهالى القرية، يمسك شاب ثلاثينى منه ما يدعى أنها «قنبلة» بحذر شديد، وبخبرته السابقة أثناء خدمته فى الجيش يهدئ الجميع «يا جماعة دى مُفجر بس»، فهى عبارة عن 4 بطاريات 9 فولت، ومفتاح تشغيل أسود اللون صغير الحجم موصول بالبطاريات، وقطعة سوداء اللون فى حجم علبة الكبريت «جهاز تفجير» عليها شريط لاصق، وتمتد منها وصلتان لسلك، مخرج لـ «سوكت شحن»، لكن كيفية التخلص تخلق حالة من الجدل، فهناك من يطالب بتسليمه لقوات الشرطة ويحذر من إلقائه فى مياه المصرف حسبما يطالب البعض الآخر، لينتهى الأمر فى النهاية بإلقائه فى المصرف بسبب إصرار البعض على ضرورة التخلص منه خوفاً من انفجاره.[FirstQuote]
مخزن المتفجرات، المغلق معظم الوقت، نادراً ما كانت يُترك بابه موارباً، مثلما يحدث فى جميع الورش والمصانع الموجودة فى عزبة عرب شركس، ويوجد فى أقصى يمين البوابة غرفتان، فوق بعضهما من الطوب الأحمر ويفصل بينهما سقف من الخرسانة وبجوارهما حمام صغير، لكل غرفة منهما شباك، الغرفة الأرضية كانت مخصصة لتخزين البراميل المملوءة بالمواد التى تستخدم فى إعداد المتفجرات مثل «سى فور» شديدة الانفجار ومادة «TNT»، غيرها من المستلزمات والمعدات التى تستخدم فى تصنيع المتفجرات، كما يروى الحاح سعد فتحى، أحد شهود العيان على استخراج المواد المتفجرة من الغرفة، أنه «من الغريب أن قوات الأمن عثرت فى أحد البراميل على كيس بلاستيكى كبير به بُن»، مضيفاً «مش عارف كانوا بيستخدموه فى إيه، خصوصاً أنه بكميات كبيرة».
الغرفة الثانية كانت مخصصة لمبيت عناصر التنظيم الخمسة، التى استخدمها العناصر الإرهابية فى إطلاق النار على قوات الأمن، حيث اعتلوا أسطح البنايات المواجهة للمخزن، لتتمكن إحدى المدرعات من تحطيم السور من الجهتين، لتصل المعركة إلى ذروتها فى تبادل إطلاق النار بعد رفض العناصر الإرهابية تسليم أنفسهم.
ووسط الركام، تتناثر بعض الملابس التى كان يستخدمها المسلحون والتى تتنوع ما بين الشال الفلسطينى وثلاثة جواكت، 5 بنطلونات، 7 بطاطين، سجادة، حصيرة بلاستيك، وبجوار الغرفة، يوجد بعض أكياس المخلفات، التى تتضمن بعض أكياس البطاريات وأزرار إلكترونية تتحكم فى الغلق والتشغيل، وكميات محدودة من البارود التى توجد وسط القمامة، بالإضافة إلى مخلفات الفاكهة وعلب التونة الفارغة، الخبز الجاف وبعض الأوراق المدون عليها عبارات، بعضها مشوه.
تامر سالم، شاب ثلاثينى، يشارك شقيقه الأكبر أحمد سالم فى ملكية المخزن، وألقت قوات الأمن القبض عليه هو وشقيقه الأكبر لاستجوابه ومعرفة معلوماتهما عن الإرهابيين قبل تأجير المخزن لهما، ومن يقف وراء هذه العناصر، وكيف تعرّف عليهم، ويقول «جاءوا مثل من كان يستأجر من قبلهم ولم نعرف عنه حاجة»، مؤكداً أن اكتشاف حقيقتهم كان صدمة بالنسبة لهم، وينظر بحسرة إلى ما حدث فى المخزن، ويقول «لو كنا نعرف عنهم حاجة والله كنا بلغنا إحنا عنهم الشرطة».
اخبار متعلقة
40 يوماً من «الوجودالغامض» للإرهابيين
القرية بعد العملية: هدوء حذر واستمرار الحصار الأمنى
اعترافات المتهمين تكشف: 4 من القتلى زعماء لـ«أنصار بيت المقدس»
«الأمن الوطنى»: من أخطر الخلايا العنقودية وكانت تستعد لتنفيذ تفجير مديريات أمن جديدة
قصة الأربعة الكبار فى «الخلية»
مدير الأمن العام: نواجه تحديات غير مسبوقة