40 يوماً من «الوجودالغامض» للإرهابيين

40 يوماً من «الوجودالغامض» للإرهابيين
تتعامد الشمس على ورشة الأخشاب، تلهب سقفه الحديدى المُجلفن، يطرق أحد الجيران البابَ على أصحاب الورشة والعاملين به فى ساعة مبكرة من الصباح طالباً «فتح محبس المياه.. لكى تصل الماء إلى مطبعته المجاورة للورشة، والمشتركة معهم فى ماسورة المياه ذاتها» يُفتح الباب بهدوء، يواربه أحد العمال بالداخل بعدما حجب الرؤية عما بالداخل بجسمه، ليُجيب السائل بكلمات مختصرة «حاضر.. ماشى»، ثم يُغلق الباب مرة أخرى.
جيران المخزن الذى تقع فيه الورشة لم يدركوا خطورة جيرانهم «المُبهمين» إلا بعد المعركة التى دارت أمس الأول بين «خلية القليوبية» التابعة لتنظيم «أنصار بيت المقدس» وقوات الجيش والشرطة، لمدة أكثر من 6 ساعات متواصلة.
40 يوماً قضاها أفراد الخلية الأكثر خطورة بين خلايا تنظيم «بيت المقدس»، وتضم 13 فرداً استوطنوا ورشة تصنيع الأثاث بـ«عزبة عرب شركس» فى مركز القناطر الخيرية، بمحافظة القليوبية، 40 يوماً بدأت أوائل فبراير الماضى بتدخل محمد إبراهيم عبدالشافى، سمسار من مدينة قليوب، كوسيط بين صاحبى الورشة أحمد وتامر سالم ومستأجريها الجدد، الوافدين من محافظة الشرقية لتحويلها لورشة لتصنيع الأثاث.
صابر نصر، خمسينى العمر، يملك مصنعاً للبلاستيك يجاور ورشة الأثاث التى استهدفتها قوات الشرطة والجيش، قال لـ«الوطن» إن عمال الورشة كانوا يترددون عليها ليلاً ونهاراً، على خلاف المصانع المنتشرة بالقرية، التى تعمل فى فترات النهار فقط، و«كانوا بيجيبوا الأخشاب ويصنّعوها باستخدام 3 سيارات وتروسيكل». ويتابع «نصر» أن مستأجرى المخزن الذى تقع فيه الورشة لم يكن لهم أى احتكاك بسكان العزبة «حتى باكو الشاى كانوا بيجيبوه معاهم من برة. مكانوش بيشتروه من بقالين العزبة».
ويقول محمد ربيع، أحد العاملين بالمطبعة المجاورة لورشة الأثاث «المطبعة اللى بشتغل فيها كانت بتستقبل المياه من نفس الخط والماسورة، وعلشان المياه توصل للمطبعة لازم همّا يفتحوا المحبس من عندهم، ولما كنت أروح أطلب منهم يفتحوا المحبس، كانوا يواربوا الباب بس، ويكلمنى حد فيهم يقول لى حاضر ويقفلوه تانى بعد ما أمشى، وكان كلامهم بلهجة عامية عادية مفيش فيها لسان بدوى، ومكانش لىّ اختلاط بيهم، ولا حد غيرى كان مختلط بيهم من أهل العزبة، وكان إيجار ورشتهم 1900 جنيه فى الشهر».
ووفقاً لـ«ربيع» فإن ما أثار استغرابه هو أن «سيارات النقل كانت تدخل الورشة لتحميل البضاعة والمكاتب والأثاث المُصنّع، وكانت لا تقف خارج المخزن لحين تحميلها بالأثاث».
حسين ربيع، شاب عشرينى من سكان العزبة، يروى أن عمال الورشة الذين تبادلوا إطلاق النار مع الشرطة «كانوا يخرجون إلى الشارع بهدومهم البالية الرثة، بأخشاب على التروسيكل أو على عربات النقل، ومكانش لهم أى احتكاك رغم إنهم كانوا على ناصية الشارع مباشرة مش فى شارع داخلى، وكان خروجهم ودخولهم محدود، وقبل المغرب بساعة ونص كانوا بيقعدوا سوا وبعدين يخرجوا، وكانت الورشة بتشتغل عادى فى الخشب بالنهار».
يذكر أحد أهالى القرية أن «مستأجرى المخزن رشّوا السيارة الميتسوبيشى اللى استخدموها فى العملية الإرهابية اللى قتلوا فيها 5 من قوات الجيش فى كمين مسطرد من كام يوم، رشوها بالكمبروسر اللى بيستخدموه فى رش الخشب».
روايتان يرددهما أهالى القرية عن الطريقة التى توصلت بها قوات الشرطة والأجهزة الأمنية لمكان الخلية المسلحة التى استغلت أحد مصانع عزبة «عرب شركس» كوكر لها، الأولى يرويها حسين ربيع، أحد شباب القرية، وملخصها أن «واحد من أصحاب المصانع المجاورة للورشة لاحظ السلوك غير الطبيعى لمستأجرى المخزن، حيث كانوا لا يغادرونه أبداً، ولا يسمحون لأحد بدخوله، ولا يحتكون بأحد، ولا يخرجون البتة، فتشكك فى سلوكهم الانطوائى غير المعتاد وأبلغ الأجهزة الأمنية».
أما الرواية الثانية، حسب أحد الأهالى من الذين رفضوا ذكر أسمائهم، هى أن «أحد أكمنة الشرطة ألقت القبض على شخص تابع للخلية على الطريق الدائرى، وبالضغط عليه قال إنه من عزبة شركس، فاصطحبه بعض رجال الشرطة للمكان الذى يدعى سكنه فيه وكان هذا المكان هو الورشة وأطلق وابلاً من الرصاص على رجال الشرطة الذين أبلغوا على الفور بوجود مسلحين فوصلتهم فى غضون ساعة قوات إضافية من الجيش والشرطة وخبراء مفرقعات ودخلوا فى معركة مسلحة حامية بدأت فى تمام الساعة 11 مساء الثلاثاء، وانتهت فى تمام التاسعة صباح الأربعاء، وحمى وطيسها جداً فى الفترة بين الثانية والسابعة صباحاً، وقُتل خلالها 5 من العاملين المسلحين بالورشة، واثنان من خبراء المفرقعات أحدهما عميد والآخر عقيد بالقوات المسلحة».
اخبار متعلقة
القرية بعد العملية: هدوء حذر واستمرار الحصار الأمنى
اعترافات المتهمين تكشف: 4 من القتلى زعماء لـ«أنصار بيت المقدس»
«الأمن الوطنى»: من أخطر الخلايا العنقودية وكانت تستعد لتنفيذ تفجير مديريات أمن جديدة
قصة الأربعة الكبار فى «الخلية»
مدير الأمن العام: نواجه تحديات غير مسبوقة
مخزن الإرهاب.. بقايا قنابل وجدران دمرها الرصاص