أهالى وأصدقاء ضحايا «رحلة الموت» فى سانت كاترين لـ«الوطن»: استغثنا.. ولم يسمعنا أحد

أهالى وأصدقاء ضحايا «رحلة الموت» فى سانت كاترين لـ«الوطن»: استغثنا.. ولم يسمعنا أحد

أهالى وأصدقاء ضحايا «رحلة الموت» فى سانت كاترين لـ«الوطن»: استغثنا.. ولم يسمعنا أحد

أسند رأسه على أحد جدران المستشفى، المتاخم للغرفة التى يجلس داخلها الناجون من حادث العاصفة الثلجية، وقف صديقهم إسلام جوهر، الذى اعتاد مشاركتهم تلك الرحلات، لكنه تخلف عنهم فى تلك المرة «المشؤومة» لظروف عمله. يتذكر مواقفه مع الضحايا، مشدوهاً من هول الموقف، فأصدقاء العمر عاد 4 منهم فى حالة يرثى لها، والأربعة الآخرون لقوا مصرعهم، «الموضوع صعب، والموقف خيالى» يقول إسلام. اعتاد «جوهر» والثمانية أصدقاء من ضحايا العاصفة الثلجية، زيارة منطقة سانت كاترين، كل بضعة شهور، لتسلق الجبال، والاستمتاع بالطبيعة الخلابة، فالإجازة دائما ما تكون سانت كاترين أو سيوة، وفى كل مرة كان الصعود لجبل موسى أو سانت كاترين، ولم تكن «وادى الجبال» التى تضم جبل الزيتون أو جبل عباس وباب الدنيا، فى حسبانهم، لما تحتاجه من رحلة طويلة تمتد لـ3 أيام، علاوة على خطورة ووعورة الطريق، يقول: «دى المرة الأولى اللى المجموعة تطلع فيها جبل باب الدنيا، وعمرنا ما طلعناه عشان هو أكبر الجبال وشديد الخطورة». تعددت الروايات التى نقلت لـ«جوهر» عن الحادث وظروفه وملابساته، لا يصدق منها إلا ما قيل على العاصفة الثلجية وما خلفته «فى ربع ساعة الثلج غطى المنطقة واتفرقوا ومعرفوش يرجعوا وضلوا الطريق». الشاب الذى ساعد وزملاؤه فى تصعيد الموقف إعلامياً من خلال الحديث للصحفيين للمطالبة بتدخل الحكومة والمساعدة فى استعادة أصدقائه، والتسويق لقضية الشباب الذين ظلوا 3 أيام عالقين بالجبل وسط الثلوج والأمطار، مات منهم من مات ونجا من نجا، وظل البقية محملين بألم وفاة الرفاق وأوجاع الجسد المتجمد من صقيع الهواء، ويضيف: «إحنا فى كل وقت بنتابع الأرصاد وبنأجل الرحلة لو فيه جو وحش، لكن المرة دى العاصفة فاجأتهم». «جوهر» الذى اعتاد تسلق الجبال مع أصدقائه من الضحايا، يؤكد أنه كان يرى فرق الإنقاذ موجودة فى طريقهم أثناء تسلق الجبال، لكنه لم يلتفت فى أى مرة من ترحاله إلى سانت كاترين لحادث مماثل، ولكن فى النهاية يتنفس الصعداء ويقول «سعيد إن فيه 4 من أصحابى رجعوا بسلام». بعينين زائغتين، وأيادٍ مرتعشة، يلتفت «جوهر» يمينا ويساراً، يتحدث عن حالة الناجين، وحالتهم النفسية السيئة، الجميع فى حالة صمت، لا أحد منهم يتحدث، الكل يرفض الحديث، أو يتجاهله، استقبلهم بالأحضان، امتثل لمطالبهم برفض الحديث عن الواقعة، ويرفض «جوهر» تسمية الضحايا بالقتلى «مش هقدر أقول ماتوا غير لما أشوف جثثهم قدام عينى». يمسك رجل مسن بذراع «جوهر» وبالأخرى يمسك بسجادة الصلاة ويسأل «فيه أخبار عن خالد يا ابنى رجع ولا لسه»، هو والد خالد، أحد الضحايا، الذى لم يكن يعلم وفاة نجله الذى ما زال جثمانه عالقا فوق الجبل، ويقول «جوهر»: «ما حدش قدر يقوله ابنك مات، واحنا نفسنا مش هنؤمن إنهم ماتوا غير لما جثامينهم ترجع». أمام باب مستشفى سانت كاترين العام، احتشد مئات من أسر وأصدقاء ضحايا رحلة السفارى الـ7 إلى «وادى الجبال»، حيث قطع الأهالى أكثر من 450 كيلومتراً من القاهرة إلى محافظة جنوب سيناء، بمجرد وصول خبر اختفائهم داخل الجبل، تقول مروة ممدوح، إحدى الموجودات: «أنا مفروض كنت هاطلع معاهم الرحلة دى، لكن حصلت عندى ظروف»، اكتفت «مروة» بمتابعة أخبار الرحلة من على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى الخاصة بهم، والتى كانوا يدونون عليها ما يحدث لهم، وكذلك رفع الصور التذكارية التى جرى التقاطها لهم، واستبدال سواد الليل بنهار يوم السبت، الموعد المنتظر للعودة من الجبل الأكثر خطورة بين جبال سانت كاترين، ولم تصل أى أخبار عنهم، أجرت الفتاة العشرينية مكالمة تليفونية بأحد الأصدقاء الذى كان موجوداً ضمن الفوج، ولكن نظراً لحالة الإرهاق الشديدة التى أصابته قرر أن يعود ولا يستكمل الرحلة «من الوارد أن تتأخر الرحلة عدة ساعات»، وتم التعامل مع الموقف بصور طبيعية، فى اليوم التالى، الأحد، لم تظهر أى أخبار عنهم، ومع نهاية اليوم بدأت تتردد أنباء عن احتمالية أن يكونوا قد ضلوا الطريق، لتتحرك مروة مع عدد آخر من الأصدقاء إلى موقع الحادث. ساعات الانتظار أمام المطار تمر ببطء شديد، كما تقول مروة، ينتهى نهار يوم الاثنين ولا تصل الطائرة، تعود جميع الأسر إلى سانت كاترين لقضاء الليلة وليس للنوم، فالنوم لا يقترب من الجفون المتعبة، لكن هربا من برودة الجو، كما يقول أحمد سليمان، القادم من القاهرة بحثاً عن الأصدقاء ومعرفة مصيرهم. فى صباح يوم الاثنين يتحرك الجميع إلى المستشفى العام، بعد وصول أخبار تؤكد نقل أربعة من الضحايا إلى المستشفى، يسأل أحمد سليمان المرشدين من البدو عن باقى المجموعة «الطيارة لسه هترجع كمان ساعة»، يذهب ليطمئن على «يسرا ومها ومحمود وإيهاب»، حالتهم الصحية كما ينقلها أحمد «الحمد لله هما صحتهم كويسة، لكن نفسيتهم مدمرة ومنهارين»، يرفضون التحدث مع وسائل الإعلام. يصطف فى طرقات المستشفى عشرات الأهالى، يكسو وجوههم الحزن، بينهم من ينتظر جثمان ابنه أو قريبه وآخر يريد الاطمئنان على صحة صديقه. أخبار متعلقة مصادر عسكرية لـ«الوطن»: القوات المسلحة لم تقصر بأى شكل فى أزمة ضحايا رحلة «سانت كاترين» تفاصيل لحظات «الرعب والثلج» فى «باب الدنيا» الشباب يلغون رحلتهم إلى الجبال: «الرحلة بـ150 جنيه.. بس الكفن أغلى» شاهد عيان: الطائرة وصلت لموقع الحادث يوم الاثنين ولم تنقل الأحياء إلا صباح الثلاثاء «أبومينا» سائق الضحايا: «تأخروا عن موعدهم فأبلغنا الشرطة» سيناء محاصرة بـ«الإرهاب.. والظروف الطبيعية.. والإهمال» «بدوى» شارك فى إنقاذ الضحايا: الطائرة رفضت نقل الناجين «كاترين» المنسية.. معاناة مع الفقر والتهميش والانفلات الأمنى منظم الرحلات: الضحايا تعاقدوا مع مكتب غير مرخص «الإنقاذ».. مجاناً للأجانب وبفلوس للمصريين