شيخ النجارين فى «بحرى» يتحسر على ضياع مهنته: المستورد خلى حالنا «ضنك»

شيخ النجارين فى «بحرى» يتحسر على ضياع مهنته: المستورد خلى حالنا «ضنك»
يجلس داخل ورشته على كرسى خشبى من صنع يديه، يتأمل ماكينات تقطيع ومسح ونقر الخشب، تلمس يداه القطع الخشبية الصغيرة المتناثرة فى كل الأرجاء، يبتسم حين يتذكر الأثاث والديكورات التى صنعها وأبهرت المصريين والأجانب، قبل أن تغزو المحلات الصناعات المستوردة فيتحول من فنان يبدع بالخشب إلى نجار خدمات للمنازل المجاورة.
تقع ورشة دوريش مصطفى، 73 سنة، شيخ النجارين، فى منطقة بحرى فى الإسكندرية، يعود تاريخها لأكثر من 100 عام، هى آخر ما تبقى من رائحة الزمن القديم، كانت قبلة للصيادين من سكان تلك المنطقة والمناطق المجاورة، فجميع الأجيال القديمة وأبناؤهم كانوا يفرشون منازلهم من صنع يديه: «المهنة انقرضت والحالة بقت ضنك، مابقاش فيه عمال يساعدوا فى الشغل والعامل اللى يوافق يشتغل بيطلب 200 جنيه يومية، طيب وهو الشغل بيجيب كام 200 جنيه فى اليوم؟!».
انصراف الزبائن عن ورشته جعله يرضى بالأمر الواقع: «بعد ما كنت ببدع بالخشب دلوقتى بروح لزبون أركب كالون أو أفتح باب مفتاحه ضاع، وأكتر حاجة ممكن أشتغلها أنى أعمل كمودينو صغير أو أحاول أصلح الموبيليا المستوردة، بس للأسف صعب تتصلح لأن خشبها تبن مش زان». يتحسر «درويش» على ضياع عمره فى تلك المهنة دون تطوير أو إيجاد من يكمل مسيرته، فأبناؤه الثلاثة رفضوا العمل معه وأكملوا دراستهم الجامعية: «عيالى مايعرفوش قيمة الورشة دى، وأول ما أموت هيبيعوا كل اللى فيها بالبخس، لأنهم لا حسوها ولا جربوها، نفسى الناس ترجع تقدر الصناعات دى، ونرجع بلد منتجة تانى عشان الخير يعم على الكل بدل ما بنستهلك وخلاص والأجانب هما اللى يكسبوا».