حبه لمصر حرك غيرة البعثات الدبلوماسية.. علاقة الإمبراطور الإثيوبي بمصر

كتب: هبة وهدان

حبه لمصر حرك غيرة البعثات الدبلوماسية.. علاقة الإمبراطور الإثيوبي بمصر

حبه لمصر حرك غيرة البعثات الدبلوماسية.. علاقة الإمبراطور الإثيوبي بمصر

شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، الزعماء الأفارقة في إزاحة الستار عن تمثال الإمبراطور هيلا سلاسي بمفوضية الاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، خلال تسلم مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي من رواندا.

ويعتبر الإمبراطور هيلا سلاسي، آخر أباطرة إثيوبيا وأطولهم بقاءً في السلطة فقد نصب ملكا عام 1928 ثم إمبراطورًا عام 1930 وخلال حكمه لإثيوبيا تزعم تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، وانتهى حكمه عام 1974.

وتربط الإمبراطور الإثيوبي "هيلا سلاسي" بمصر علاقة قوية، تستعرضها "الوطن" في التقرير التالي، حسب مذكرات الدبلوماسي والمؤرخ المصري فرج موسى فأول قنصل مصري في إثيوبيا.

يقول "موسى" إن فترة حكم الإمبراطور الإثيوبي كان التمثيل الدبلوماسي محدودا في أديس أبابا لم يكن هناك سوى مفوضيات تمثل عددا محدودا من الدول وهي بريطانيا العظمى، وإيطاليا والولايات المتحدة، وبلجيكا، وفرنسا وألمانيا، بينما اليونان ومصر تمثلهما قنصليتان، وأن الدبلوماسيين الغربيين يكتبون تقارير سنوية إلى حكوماتهم عن أعضاء البعثات الأخرى، وكان انطباعهم جيدا في معظم الأحيان، إلا أن بعض التقارير التي حصل "موسى" على نسخة منها مثل تقرير رئيس البعثة الإيطالية تظهر أن البعض كان لديه تحفظات على شخصية القنصل المصري وعمله، فيبدو أن علاقة الصداقة التي نشأت بين الإمبراطور وزوجته من ناحية وبين موسى قد أشعلت غيرة البعض، حتى أن الوزير الأمريكي آنذاك على سبيل المثال اعترض على أن مساحة مقر إقامته أصغر من مساحة مقر إقامة القنصل المصري.

وأكد أول قنصل لدى إثيوبيا في مذكراته، أن العلاقة القوية بين "هيلا سلاسي" ومصر متمثلة في قنصلها "موسى" كانت تزعج الأوربيون، فكان يحرص إمبراطور إثيوبيا على دعوة "موسى" بشكل رسمي لحضور مأدبة غذاء بالقصر الإمبراطوري، وكان الإمبراطور يعتبر فرج ميخائيل موسى الممثل الشرعي لمصر في إثيوبيا، حسب مذكراته.

وعشق "هيلا سلاسي" لمصر لم يتوقف عند تفضيل أول قنصل لمصر على غيره من البعثات الدبلوماسية، فحسب مذكرات "موسى" فإن إمبراطور إثيوبيا كان يحرص على أن يكون مطران إثيوبيا مصريا، فكتب أول قنصل في إثيوبيا: "يعد أقباط مصر أقدم من اعتنق المسيحية في العالم، وانتشرت في إثيوبيا في القرن الرابع على يد مبشرين مصريين ولمدة تقرب من 16 قرنا كان بابا الإسكندرية يرسم مطرانا واحدا للحبشة مدى الحياة".

ويستكمل بهذا الشأن: "ورحب أباطرة الحبشة بهذا الإجراء على مر العصور ولم يضايقهم كون المطران مصريا لأنهم كانوا يعتبرون الكنيسة القبطية المصرية حليفا قويا لهم تعضد ملكهم ونفوذهم، ولكن بمرور الوقت توترت العلاقة بين الكنيسة المصرية والكنيسة الإثيوبية التي أعلنت انفصالها في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر".

بعد انفصال عامين، قررت الحكومة المصرية التدخل لحل هذا الأمر وقام وزير الخارجية في ذلك الوقت حافظ عفيفي بزيارة البابا في مقره بالقاهرة بصحبة "موسى"، حيث أوضحوا له الأهمية القصوى التي توليها الحكومة المصرية لهذا الأمر وضرورة ترسيم مطران جديد لإثيوبيا وحل المشكلات المعلقة بين أقباط مصر وأقباط الحبشة، وبالفعل وصل الطرفان إلى اتفاق بأن المطران سيكون مصريا كالعادة، ولكن لأول مرة في التاريخ سيرسم معه خمسة مطارنة إثيوبيين ليتولوا المسؤولية في أنحاء البلاد.

وفي عام 1930 توج الإمبراطور الإثيوبي رئيسًا لإثيوبيا، وخلال التتويج حضرت الوفود من كل الدول للتهنئة وكان يتكون الوفد المصري من ستة من المقربين للقصر وعلى رأسهم نسيم باشا رئيس الوزراء، وبعد مدة قصيرة أهدى الملك فؤاد هدية إلى سلاسي، كما روى أحد أعضاء الوفد المصري فكانت مكونة من صالون كامل على الطراز العربي.

ثقة "هيلا سلاسي" في مصر وملكها وقنصلها "موسى" جعله يرسل ولي العهد الإثيوبي أسفا ووسن إلى القاهرة عام 1931، وكان عمره حينها 16 عاما وصاحبه عدد من كبار المسؤولين المقربين من الإمبراطور، حيث تم استقبالهم استقبالا رسميا في بورسعيد، واستقلوا منها القطار لأداء الحج في القدس، وبدأت الزيارة الرسمية بعد عودة ولي العهد من القدس واستقبله الملك فؤاد بالقصر، ثم أقام البابا حفل استقبال على شرف ولي العهد.

واحتفت الصحافة المصرية بالزيارة ونظمت عدة جولات لولي العهد لتفقد المستشفيات والمدارس والمصانع، ثم توجت الزيارة بدعوته لمشاهدة أحد الأفلام في سينما رمسيس، وخلال هذه الزيارة أهدت إثيوبيا لمصر شبلين تم إيداعهما بحديقة الحيوان، وهو تقليد إثيوبي، حيث يمثل ملك الغابة القوة والسلطة.

وتطورت العلاقة فيما بعد، حيث أصبح لوزارة المعارف المصرية دورها في إيفاد المدرسين المصريين إلى المدارس الحكومية في إثيوبيا بناء على طلب الإمبراطور هيلا سلاسي، كما استقبلت مصر أبناء الأمراء والنبلاء الإثيوبيين للتعليم في مصر، وكانت كلية فيكتوريا بالإسكندرية إحدى وجهاتهم المفضلة، وتخرج فيها العديد من الطلبة الذين تولوا مناصب كبيرة بعد عودتهم إلى إثيوبيا.

وكانت تربط الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالإمبراطور الإثيوبي علاقة قوية، حتى إن "ناصر" دعا "هيلا سلاسي"، لوضع حجر أساس الكاتدرائية المرقسية في 24 يوليو 1965.  


مواضيع متعلقة