خبراء: أفريقيا الشابة تثير المطامع.. والصراع الدولى يحولها إلى «برميل بارود»

كتب: بهاء الدين عياد

خبراء: أفريقيا الشابة تثير المطامع.. والصراع الدولى يحولها إلى «برميل بارود»

خبراء: أفريقيا الشابة تثير المطامع.. والصراع الدولى يحولها إلى «برميل بارود»

فيما تحاول دول منطقة القرن الأفريقى لملمة جراحها بتحولها الاستراتيجى نحو السلام وإنهاء الصراعات، التى استنزفتها لسنين طويلة، يُطل شبح الفتنة الناتج عن الصراع التجارى والسياسى بين القوى الإقليمية والدولية الكبرى برأسه مرة أخرى، مهدداً بضرب حالة السلام والهدنة التى بدأت قبل شهور قليلة، وفقاً لخبراء فى الشئون الأفريقية.

وقالت الباحثة البريطانية، أماندا كلاركسون، فى مقال نشره موقع مركز «موجز السياسة الدولية»، إنه «على الرغم من تحركات السلام، التى بدأت خلال صيف 2018 بين الدول الأربع، التى كانت متحاربة فى القرن الأفريقى، وهى جيبوتى وإريتريا وإثيوبيا والصومال، فإن القوى الأجنبية تهدد بسحب هذه الدول مجدداً إلى منطقة الخلافات والصراع»، واستطردت «بدلاً من تقاسم أرباح تجارة بحرية تقدر بـ700 مليار تمر كل عام من القرن الأفريقى، فإن حراس البوابات، القوى الدولية المتمركزة فى تلك المنطقة، أغرقوها فى صراعات حدودية وحروب أهلية»، وأوضحت الكاتبة أن دول المنطقة لديها تطلعات اقتصادية كبيرة، حيث تضخ إثيوبيا أموالاً كثيرة فى مشروعات ضخمة للبنية التحتية، على رأسها «سد النهضة»، وتحاول إريتريا إخراج نفسها من دائرة الدول المعزولة، بإنشاء ميناء جديد، لجذب الاستثمار الأجنبى، كما ترغب جيبوتى فى أن تكون نموذجاً أفريقياً لدبى كمركز تجارى إقليمى، وشددت الكاتبة على أن الصين تنافس القوى الإقليمية والدولية الأخرى فى الاستحواذ على المنطقة، حيث تخطط جيبوتى لتسليم ميناء «دوراله» إلى بكين، بعد خروج شركة موانئ دبى العالمية، فيما تقوم الصين أيضاً بدعم «سد النهضة»، وخط سكك حديد بين جيبوتى وأديس أبابا، بينما تطور منجماً فى إريتريا، ووفقاً للكاتبة فإنه فى ظل الصراع التجارى بين بكين وواشنطن، فالصين ستظل تحتفظ باهتمامها بالمنطقة لأنها جزء من طريق الحرير البحرى، ليس ذلك فحسب، لكن لديها دوافع سياسية أيضاً جعلتها تلجأ إلى سياسة مصائد الديون فى السنوات الأخيرة، لإغراق هذه الدول بقروض ميسرة للاستيلاء على أصولها، عندما لا تستطيع أن تسدد قروضها، موضحة أن ديون جيبوتى وإثيوبيا لها أصبحت مرتفعة جداً، وأكدت كلاركسون أن التحرك العسكرى الصينى فى المنطقة، لا سيما بناء بكين منشآت عسكرية فى جيبوتى مؤخراً، يثير استياء واشنطن، التى تقع قاعدتها العسكرية بالقرب من المنشآت الصينية، وهو ما يدفع لعداء واضح بين البلدين فى ظل الحرب الباردة الجديدة التى بدأها الرئيسان الصينى والأمريكى قبل شهور، خاصة أنه لم يعد صعباً على بكين الاستيلاء على أصول استراتيجية أساسية من شركائها فى القرن الأفريقى، واستخدامها لتهديد القوات الأمريكية هناك، ولفتت الكاتبة إلى وجود صراع إقليمى بين دول الخليج من جانب، وقطر وتركيا من جانب آخر، حيث تقدم الدوحة وأنقرة مساعدات إلى الصومال للسيطرة على الموانئ الرئيسية فى مقديشيو التى وضعت تركيا يدها عليها، وانتهت الكاتبة إلى أنه على الرغم من محاولات القرن الأفريقى تجميع نفسه من جديد، فإنه يظل مثل «صندوق بارود»، يتطاير منه الشرر فى كل مكان.

{long_qoute_1}

وفى السياق ذاته قالت الدكتورة ريم أبوحسين، الباحثة فى الشئون الأفريقية، لـ«الوطن» إن منطقة القرن الأفريقى تشهد صراعات إقليمية ودولية ممتدة، يتغير الفاعلون بها وأطرافها، وفقاً للمتغيرات الإقليمية والدولية، فتلك المنطقة تتمتع بموقع استراتيجى جنوب البحر الأحمر وتتحكم فى طرق التجارة المقبلة من الشرق عبر المحيط الهندى، مروراً بباب المندب، إلى أوروبا، خاصة تلك المقبلة من دول الخليج (الصادرات النفطية)، وأشارت إلى أن ذلك الصراع انعكس بوضوح على الحرب الدائرة فى اليمن، جنوب شبه الجزيرة العربية، ورغبة أطراف النزاع الوجود بمنطقة القرن بشكل يخدم أهدافهم السياسية، حيث كانت الإمارات والسعودية تدعمان علاقاتهما الاقتصادية بدول القرن الأفريقى دون النظر إلى الحصول على مكاسب سياسية، لكن فى ظل دعم إيران للحوثيين فى اليمن ومعرفة الدور الإيرانى الفاعل والمناهض للمصالح العربية فى تلك المنطقة، فكان لا بد من تحرك سعودى لاستضافة مؤتمر يدعم المصالحات الإقليمية بين تلك الدول، التى سعت إليها إثيوبيا متمثلة فى رئيس حكومتها الجديد آبى أحمد، فضلاً عن تحرك الإمارات، التى تضررت مصالحها بشدة فى الصومال لصالح تركيا، التى تملك قاعدة عسكرية بالصومال، وقطر، التى تعانى من العزلة بعد أزمة الخليج، وأضافت «أبوحسين» أنه على صعيد القوى الدولية فإن أمريكا تحتاج لاستمرار وجودها فى المنطقة لتأمين المنافذ البحرية وضمان تدفق النفط، وكذلك استخدام قواعدها فى حربها على الإرهاب، أما فيما يتعلق بالعملاق الصينى فوجوده فى منطقة القرن الأفريقى يأتى فى إطار استراتيجية صينية عالمية للسيطرة على الموارد الطبيعية إينما وجدت، وكذلك الطرق التجارية ما يدعم من موقفها فى حربها التجارية المشتعلة مع الولايات المتحدة.

{long_qoute_2}

وقالت الدكتورة إيمان زهران، عضو لجنة العلوم السياسية بالمجلس الأعلى للثقافة، إن منطقة القرن الأفريقى تمثل ساحة كبيرة للتنافس الدولى والإقليمى بين مختلف القوى الفاعلة، كما أنها بيئة خصبة لنشر الأفكار والأيديولوجيات لعدة عوامل داخلية، تجعل من السهل نشر أى أفكار بين الأفارقة، وأضافت أن المنطقة جاذبة للقوى الإقليمية لا سيما تركيا وإيران، والقوى الدولية التى تتكالب على شرق أفريقيا لاستغلال ثرواتها الطبيعية وتعزيز نفوذها فيها، لما لها من أهمية جيوبوليتيكية كبيرة، لأنها تطل على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، الذى يعتبر أحد أهم الممرات المائية المتحكمة فى حركة التجارة العالمية، فضلاً عن أنه ممر هام لأى تحركات عسكرية مقبلة من أوروبا أو من أمريكا إلى المنطقة، وأوضحت زهران أن القيادة المصرية أدركت فيما بعد 30 يونيو جُملة التهديدات الأمنية والسياسية المحيطة بمجالها الحيوى الأفريقى، وهو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى تعميق سياسات التكامل الأفريقى فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، ودعم ذلك تأييد كل القوى الإقليمية بالإجماع، رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى فى دورته الجديدة للعام 2019، اعترافاً بمجهوداتها فى تكريس أهمية العلاقات الأفريقية - الأفريقية.


مواضيع متعلقة