الملوخية والكوارع والمحشى.. أكلاتهم المفضلة.. وفى الكرة «أهلاوية»

الملوخية والكوارع والمحشى.. أكلاتهم المفضلة.. وفى الكرة «أهلاوية»
- أرواح المصريين
- أكثر أمانا
- أم الدنيا
- أم كلثوم
- أهم الأسباب
- ارتفاع الأسعار
- الأراضى المصرية
- الأمور الحياتية
- الشعب المصرى
- الطريقة المصرية
- أرواح المصريين
- أكثر أمانا
- أم الدنيا
- أم كلثوم
- أهم الأسباب
- ارتفاع الأسعار
- الأراضى المصرية
- الأمور الحياتية
- الشعب المصرى
- الطريقة المصرية
جاءوا إلى مصر فى ظروف وأوقات مختلفة، منهم من استقر فيها، ومنهم من جعلها مهبطاً له، يروح ويجىء إليها بين الحين والآخر، إلى أن اندلعت الحرب فى بلدهم، فأصبحت مصر هى البلد الأكثر أماناً لهم، بعدما امتزجت أرواحهم بأرواح المصريين، وأنسوا مساكنهم، وألفوا طعامهم، وكونوا انطباعات عن مصر والمصريين لا يمحوها التاريخ مهما طال، حسب قولهم.
من هؤلاء أنيسة حسن عباس، اليمنية الأربعينية التى كانت أولى زياراتها لمصر وهى فى التاسعة من عمرها، لم تكن تعلم حينها الكثير عن مصر، لكنها أحبتها، فكانت أغلب إجازاتها الصيفية بها: «معتقدش إن فيه يمنى جه مصر ومقدرش يتعايش مع الأوضاع فيها، لأن الشعب المصرى هو أكتر شعب تقبل اليمنيين فى الفترة الماضية، وسهل كثيراً من الأمور لينا فى ظل الحرب»، هكذا عبرت «أنيسة» عن مدى ارتباطها بمصر الذى يزداد بحكم طبيعة عملها فى اليمن، فهى رئيسة قسم الفنون الشعبية والباليه فى معهد جميل غانم بمدينة عدن، ما ساعدها على تكوين علاقات مع آخرين فى معهد الباليه العالى بمصر.
سنة متواصلة قضتها «أنيسة» فى مصر لم تفوت فيها شيئاً مما تحبه إلا وفعلته، فهى تحب معبد الكرنك ووادى الملوك فى محافظة الأقصر: «أنا أموت عليهم وأستعد أروحهم فى عز الصيف والشتاء، وأول ما يخطر فى بالى بمجرد ما أنزل القاهرة إنى أروح الحسين، وأحب جداً من الأكل المصرى الفطير المشلتت والعسل»، وإلى جانب الأماكن والأكلات المصرية عرفت «أنيسة» عن اللهجة المصرية الكثير، فهى حسب قولها، أقرب لهجة من اللهجات العربية الأخرى إلى اليمنية، وحاولت الاستدلال على ذلك ببعض كلمات تلفظت بها أثناء حديثها، قبل أن تنتقل إلى رياضة كرة القدم، التى أحبت فيها نادى الزمالك المصرى، وهى نفسها لا تعرف سبباً كافياً لحبه سوى كونه قريباً من مسكنها: «معرفش بحبه ليه، يمكن عشان كنت دائماً فى مصر عايشة فى منطقة قريبة من الزمالك فكنت بحب أشجعه وكنت بتفرج له على ماتشات كتير».
{long_qoute_1}
طيبة الخاطر هى أكثر العوامل المشتركة بين الشعبين اليمنى والمصرى، حسب قول «أنيسة»، ما جعل مصر الوجهة الرئيسية الآن لجميع اليمنيين سواء من أجل العلاج أو من النواحى الثقافية أو السياسية أو غيرها، لتختم حديثها قائلة: «الشعب المصرى شعب مضياف وخلوق ومثقف، ومنذ أيامى الأولى فى مصر كان اندماجى بسهولة مع المكان والسكن والناس ولم أشعر بغربة».
منذ نحو 3 أشهر فقط، جاء إلى مصر الشاب الثلاثينى بدر الدين الحاتمى، وبصحبته زوجته وطفلته، فاراً من ويلات الحرب التى طالت بلاده، وكانت هذه هى المرة الأولى له التى يزور فيها مصر، فلم يحتك بالمصريين فى بلدهم قبل ذلك، إلا أنه كان على معرفة بهم من خلال الأفلام والمسلسلات المصرية التى كان يتابعها فى اليمن، فضلاً عن المعلمين فى مدرسته وقت أن كان طفلاً، فكان فيهم مصريون أيضاً، حسب قوله، ما جعله يتحدث المصرية بلا أى صعوبة، فسهل عليه التعايش وسط جيرانه فى شارع خاتم المرسلين بمنطقة الهرم التى يسكن فيها، ليُقسم بنبرة صوت مرتفعة قائلاً: «والله العظيم أنا مرتاح جداً فى مصر، لأن الناس فيها رجالة، وخلال الـ3 شهور اللى قعدتهم بقى عندى أصحاب مصريين أكتر من اليمنيين».
سهولة المعيشة من أهم الأسباب التى دفعت «الحاتمى» للنزوح إلى مصر، فهى حسب قوله، ورغم موجات ارتفاع الأسعار التى حدثت بها خلال الأعوام الماضية، مناسبة للعيش إلى حد كبير: «تصلح للغنى والفقير»، وسفره إلى بعض الدول الأخرى جعله يقر بهذا الأمر عند قدومه للعيش فى مصر: «الجميع متعاون هنا معانا، وإحنا شُفنا بلاد تانية كتير مالقيناش زى مصر فى التعامل معانا»، بعض مكالمات هاتفية يجريها «الحاتمى» من حين لآخر مع ذويه ومعارفه فى اليمن وخارجها ليطمئن عليهم ويطمئنوا عليه، وحينما يسأله أحد عن ظروف معيشته يكون رده بجملة واحدة، حسب قوله: «أنا فى مصر أم الدنيا».
يعيش «الحاتمى» فى بناية كل من فيها مصريون، ما ساعد زوجته على تعلم الكثير عن كيفية طهى الطعام المصرى، فأصبح غالبية طعامهم فى البيت على الطريقة المصرية، حتى أصبحت المحاشى بأنواعها هى طعام «الحاتمى» المفضل وعلى رأسها محشى ورق العنب: «عندنا فى اليمن أغلى حاجة العنب وبنرمى الورق بتاعه هنا فى مصر أغلى حاجة ورق العنب لدرجة إنى فكرت أتاجر فى ورق العنب»، وإلى جانب الطعام المصرى انخرط «الحاتمى» فى العديد من الأمور الحياتية المصرية الأخرى، مستغلاً فى ذلك ملامح وجهه القريبة من المصريين، وكان له دور فى تشجيع المنتخب المصرى فى كأس العالم حتى نسى أنه يمنى، حسب قوله: «لما كنت بتفرج على مباريات مصر فى كاس العالم كنت ببقى متوتر جداً وزعلت على خسارتها وخروجها جداً».
{long_qoute_2}
وفى منطقة العجوزة بمحافظة الجيزة، كان مشهد آخر من مشاهد انخراط اليمنيين مع المصريين، جسّده الخمسينى مراد العقربى، الذى كانت أولى زياراته إلى مصر فى نهاية التسعينات من القرن الماضى، ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن أصبحت مصر وجهة «مراد» الأولى، يأتى إليها معظم شهور السنة: «لازم آجى مصر عشان أشوف أصحابى المصريين اللى هنا، وبستقر فى العجوزة لدرجة إنى بقيت أحسها منطقتى، والأولاد اللى فى المنطقة هناك أنا اللى مربيهم، وتعتبر أكتر مكان بعشقه فى مصر».
يستقر «مراد» حالياً فى مصر بعدما زادت الأحداث اشتعالاً فى اليمن، حيث أصحبت مصر مهبطاً له، حسب تعبيره، يروح ويجىء إليها نظراً لكثرة سفره بحكم عمله، فهو ملحن ومنفذ موسيقى، وينتظر الآن سفره إلى ألمانيا لتنفيذ أحد الأعمال خلال الشهور المقبلة، ويرى «مراد» أن الروابط بين المصريين واليمنيين كثيرة منذ القدم وكانت الملامح المتشابهة على رأسها، برهن عليها فى حديثه من خلال قصة طريفة تعرض لها خلال فترة وجوده فى مصر، يحكى عنها بنبرة ساخرة، حيث بدأت عندما أرسل له أحد أصدقائه اليمنيين صورة لأحد الأشخاص المصريين فى منطقة إمبابة يشبهه تماماً على حد قوله، ما دفعه للذهاب إلى هناك والبحث عنه بنفسه: «فضلت أدور عليه 3 أيام لحد ما لقيته، لما دخلت عليه وقتها استغرب جداً وقال لى إنت مين، قلت له إنت اللى مين، وفعلاً كان شبهى جداً ومفيش اختلاف بيننا غير فى اللهجة، واتعرفنا على بعض ومن ساعتها وإحنا أصحاب جداً».
متابعة «مراد» لكرة القدم المصرية منذ أن كان فى اليمن جعلته يحرص على متابعتها أكثر أثناء وجوده فى مصر، فهو من مشجعى النادى الأهلى، كما هو الحال بالنسبة لغالبية اليمنيين، حسب قوله: «بقيت أروح أحضر مباريات للفريق فى الاستاد، وزُرت النادى نفسه وخدت العود بتاعى معايا وعملت قعدة هناك من نحو شهر وعزفت وديه كانت من الحاجات اللى حابب أعملها جداً»، وإلى جانب حب النادى الأهلى كان للطعام المصرى نصيب أيضاً فى قلب «مراد»، وكان الكشرى هو أحب الأكلات المصرية بالنسبة له: «معرفش بيعملوه إزاى بس بحبه، وبحس إنه بيدينى طاقة ونشاط ولو قعدت كام يوم من غير ما أكله بحس إنى ناقصنى حاجة».
«الشعب المصرى ابن نكتة وقلبهم كبير وبنحس معاهم إننا فى بلدنا»، بهذه الكلمات بدأت «إيمان إبراهيم» حديثها، وهى مطربة يمنية فى أواخر عقدها الثالث، ولدت على الأراضى المصرية، ورغم تأكيدها على أن جميع اليمنيين يحافظون على ثقافتهم اليمنية وانتمائهم إلى جذورهم أينما ذهبوا إلا أنها فى مصر أخذت الكثير عن المصريين، فأخذت منهم أسلوب حياتهم، وكان للأكل المصرى النصيب الأكثر فى ذلك: «باطبخه بنفسى، ومن أكتر الأكلات اللى بحبها الملوخية، وضرورى وأنا بعملها أعمل الشهقة بتاعتها وبحب الكوارع ولحمة الراس وغير كده كل الأكلات المصرية بتعجبنى حتى وزنى زاد من كتر الأكل المصرى».
أماكن وجود «إيمان» تنقسم بين المقاهى التى يتجمع فيها اليمنيون وبين كورنيش النيل الذى تقضى عليه أغلب الوقت منفردة تستمع فيه إلى «الطرب الأصيل» حسب ما وصفته، من أغانى أم كلثوم وفايزة أحمد ومحمد عبدالوهاب وغيرهم من المطربين القدامى، كما تحب أيضاً مشاهدة أفلام الثمانينات، فهى بالنسبة لها حقبة مختلفة، لتضيف قائلة: «كانت بتناقش قضايا اجتماعية مهمة على عكس دلوقتى ونادراً حالياً لما تلاقى عمل سينمائى يربطك بالواقع».