مديرة المركز الثقافى: ظروف الصراع المسلح تعطل وصول الميزانية.. ونواجه «تجنيد الأطفال» بـ«الوثائقية»

كتب: أحمد عصر وهشام حجى

مديرة المركز الثقافى: ظروف الصراع المسلح تعطل وصول الميزانية.. ونواجه «تجنيد الأطفال» بـ«الوثائقية»

مديرة المركز الثقافى: ظروف الصراع المسلح تعطل وصول الميزانية.. ونواجه «تجنيد الأطفال» بـ«الوثائقية»

فى شارع النيل، بمدينة الجيزة، يقع مبنى قديم ذو طابع أثرى، مكون من 4 طوابق، يعود إلى نحو 60 عاماً تزينه الأشجار من الخارج، يحيط به سور نصفه مبنى بالحجارة والآخر بأسياخ حديدية، تعلوه لافتة مكتوب عليها «المركز الثقافى اليمنى بالقاهرة»، باب حديدى يقود إلى ممر متسع ينتهى إلى داخل المبنى، حيث توجد طرقة صغيرة، تتفرع من خلالها عدة مكاتب، وعلى جدرانها صور لأشخاص وفنانين وزعماء يمنيين، وفى نهايتها غرفة ذات باب خشبى بنى اللون، داخلها «صالون»، ومكتب تجلس عليه امرأة فى نهاية العقد الرابع من عمرها، ترتدى ثياباً تحمل الطابع اليمنى، وأمامها لافتة خشبية مكتوب عليها، عائشة العولقى، مدير المركز الثقافى اليمنى بالقاهرة. «المركز الثقافى اليمنى أنشئ منذ أواخر الخمسينات، وكان فى بدايته عبارة عن رابطة لأبناء اليمن بالقاهرة، ومع مرور الوقت تحول إلى نادٍ للطلاب اليمنيين، وفى مطلع 1991 صدر قرار بأن يكون اسمه المركز الثقافى اليمنى، وعين أحد الفنانين اليمنيين مديراً له، وكان الهدف الأول للمركز هو نشر الثقافة اليمنية بين الشعب المصرى وللعالم أجمع»، بتلك الكلمات تحكى عائشة العولقى، نشأة المركز الثقافى اليمنى فى القاهرة، وعن تراث اليمن تقول «عائشة»: «حضارة اليمن تقترب من 7000 سنة قبل الميلاد، موازية لحضارة الفراعنة، وهذا سبب آخر جعلنا نلجأ إلى إنشاء المركز لنشر حضارة وثقافة اليمن إلى دول العالم المختلفة، بالمشاركة فى الندوات والمحافل الدولية».

لم يقتصر دور المركز الثقافى اليمنى على المشاركات الدولية فقط، بل يسعى لتقديم فن يمنى ذى قيمة، للشعب اليمنى على وجه الخصوص والشعوب العربية أجمع، حسب «عائشة»، فتقول: «يسعى المركز إلى إقامة الحفلات الفنية التراثية، والرقصات الشعبية اليمنية، بجانب تقديم الندوات الثقافية، وتشمل الشعر والغناء، بالإضافة إلى غاية مهمة جداً يسعى المركز لتحقيقها وهى التواصل الثقافى اليمنى المصرى، لكى يتم المزج بين الحضارتين اليمنية والمصرية»، وأرجعت «عائشة» اعتناءها بالحضارات والثقافات العربية أجمع، إلى كونها كاتبة تاريخ، ومخرجة أفلام تسجيلية قصيرة، وهذا ساعدها على صناعة فيلم قصير يتحدث عن الحضارتين اليمنية والمصرية، وكيفية التقاء الحضارات، قائلة «لم أجد فى العالم كله تقارباً بين حضارتين مثل ما وجدت بين مصر واليمن، حيث يعدان هما منبع الحضارات، فكان يجب على المركز الثقافى اليمنى تقديم هذه الحضارات إلى العالم».

{long_qoute_1}

لم يقتصر دور المشاركة فى الأعمال الفنية المختلفة داخل المركز الثقافى اليمنى على أصحاب الخبرات فقط، أو أصحاب الأعمار الكبيرة، فالشباب وصغار السن لهم عظيم الأثر فى كل ندوة وحفلة يقيمها المركز، وفق ما قالت «عائشة»، مضيفة: «أعمالهم تنال إعجاب الكثير من الحضور، بالإضافة إلى تقديم حفلات تراثية مشتركة بين مصر واليمن وتقديم التنورة اليمنية من خلال فنانين مصريين شاركوا معنا فى الحفلات داخل دار الأوبرا المصرية، ومثل هذه الحفلات تعتبر مزيجاً ذا قيمة عالية بين الحضارتين المصرية واليمنية».

يحتوى المركز الثقافى اليمنى على مكتبة تراثية شاملة لتاريخ اليمن ومصر وعدد كبير من البلاد العربية، لمساعدة الوافدين على المركز الثقافى فى تكوين خلفية ثقافية تاريخية عن البلاد العربية، فتقول «عائشة»: «توجد مكتبة كبيرة جداً خاصة بالمركز الثقافى اليمنى، حاملة لتاريخ اليمن ومصر، والعلاقات المصرية اليمنية منذ القدم، ويوجد بها كتب قديمة تراثية، ويتوافد على المكتبة والمركز مصريون أكثر من اليمنيين، حيث يعتبر المركز الثقافى نافذة مفتوحة للمزيج اليمنى والمصرى معاً». يحتضن المركز الثقافى اليمنى، ركناً رياضياً: «يوجد ألعاب ومسابقات رياضية داخل المركز الثقافى، مثل البلياردو، وتنس الطاولة، ودورات لكرة القدم، ويزداد الاهتمام بهذه الألعاب الرياضية فى شهر رمضان المبارك، بجانب جولات تعريفية لأماكن بالقاهرة للشباب اليمنيين، ودورات لتعليم الرسم، بالإضافة إلى دورات تعليم الفوتوشوب والتصوير»، بتلك الكلمات تروى «عائشة» عن المجالات الأخرى التى يهتم بها المركز الثقافى، لافتة إلى أنه يوجد بعض الدورات تشرف عليها الجمعية القبطية، مما يبرز الترابط والتعاون بين طوائف الشعب.

مثل هذه الدورات دفعت القائمين على المركز الثقافى اليمنى، إلى إنتاج بعض الأفلام الوثائقية القصيرة، التى تناقش موضوعات وقضايا مهمة، بين الشعبين المصرى واليمنى، وذكرت «عائشة» من هذه الأفلام فى حديثها فيلم «أحلام الصغار» الذى ناقش قضية تجنيد الأطفال اليمنيين فى الحرب، وأطفال الشوارع بالقاهرة، وفيلم آخر ما زال فى طور العمل ويناقش قضية «الهجرة غير الشرعية». «الظروف والكبوات دائماً ما تقف حائلاً أمام تحقيق الأمنيات، وخصوصاً عندما تكون هذه الظروف حروباً وصراعات، فمن الطبيعى أن يصاب عوام الشعب بمؤسساته بإخفاق واضح، ومن تلك الإخفاقات التأثير بالسلب على المركز الثقافى اليمنى بالقاهرة»، تقولها «عائشة»، قبل أن تكمل بنبرة استياء: «الحرب فى اليمن أثرت على المركز الثقافى بالسلب بسبب عدم إرسال الميزانيات، وعدم القدرة على جلب الفنانين اليمنيين إلى القاهرة لإقامة الحفلات».

وعلى الصعيد الشخصى ومن أمثلة تقارب الثقافات، تقول «عائشة»: «أنا جدتى لأمى مصرية ودرست الثانوية العامة فى القاهرة، وانتقلت لدراسة الجامعة فى مدينة صنعاء، وحياتى منقسمة ما بين مصر واليمن، وزوجى مصرى الأصل، ولا أشعر باختلاف كبير عندما أنتقل من صنعاء إلى القاهرة».


مواضيع متعلقة