الطلاب محاصرون بين مطرقة الدراسة وسندان العمل

كتب: منة عبده ورؤى ممدوح

الطلاب محاصرون بين مطرقة الدراسة وسندان العمل

الطلاب محاصرون بين مطرقة الدراسة وسندان العمل

الدراسة والعمل معادلة صعبة أجبر عليها شريحة كبيرة من الطلاب السوريين فى مصر لتغطية نفقاتهم، فلم يكن ليخطر بمخيلة أحمد المصرى أنه بمجرد بلوغه عامه الـ18 ستتبدل حياته وتنقلب رأساً على عقب، وسيحمله قدره المكتوب لترك وطنه ومسقط رأسه حلب التى عشقها منذ نعومة أظافره ليستقر به المطاف فى أرض الكنانة، ويضطر للعمل والدراسة فى بلد غريب لم يسبق له زيارته وشعب لم يكن محظوظاً فى التعامل معه من قبل.

يحكى أحمد صاحب الـ22 عاماً عن المشاعر المختلطة التى اجتاحته بين الأمان والحنين إلى موطنه منذ اللحظات الأولى التى وطئت فيها قدماه أرض مصر، والتى كلفته تأشيرة دخولها فى ذلك الوقت 4000 دولار، دبرها له والده محدود الدخل عقب حصول الطالب العشرينى على شهادته الثانوية هرباً من التجنيد الإجبارى مفتوح المدة، وأملاً فى أن يشق نجله الأكبر طريقاً جديداً نحو حياة أفضل بعيداً عن ويلات الحرب وجحيم القتال. يقول أحمد إنه بعد شهور من الاستقرار فى مصر والتحاقه بكلية الطب، ونظراً لتكلفتها العالية بداية من الكتب وليس انتهاء بالكورسات، كان عليه تدبير جزء كبير من مصاريفه بنفسه لتخفيف العبء عن والده الذى يعول أسرة مكونة من 5 أفراد فى ظل ظروف العمل غير المستقرة فى مدينته.

{long_qoute_1}

كل تلك الظروف دفعت أحمد للعمل محاسباً فى إحدى شركات قطع غيار السيارات فى منطقة شبرا مصر لتغطية نفقاته، بجانب بعض الأموال التى يرسلها له والده بشكل غير منتظم، والتى قد تتأخر شهوراً نظراً لصعوبة الإجراءات البنكية فى سوريا، ويقول أحمد إن الراتب الذى يحصل عليه ليس بالمبلغ الكافى ولكن «أحسن من مفيش»، وعن مهنة المحاسب تحديداً يقول المصرى إنه لم يجد غيرها، بالإضافة لكونها وظيفة مناسبة له كطالب فى كلية الطب ولا تحتاج إلى مجهود أو ساعات عمل كبيرة.

يقطع أحمد يومياً مسافة كبيرة من مكان إقامته فى شقة صغيرة فى أحد الشوارع المزدحمة بالمارة والمليئة بالمحلات فى شبرا مصر للوصول إلى مقر كلية الطب فى شارع قصر العينى، ويقول المصرى إن سبب اختياره منطقة شبرا للسكن على الرغم من بعدها عن مكان دراسته هو انخفاض أسعار الإيجار نسبياً بالمنطقة، مقارنة بنظيرتها فى منطقة المنيل القريبة من الكلية ويقول: «المنطقة اللى هناك بيسكن فيها عدد كبير من طلاب الجاليات المختلفة من العرب وغيرهم، وهو اللى خلى أسعار الإيجار عالية كتير، لأن أصحاب الشقق هناك ضامنين زبون وبيكون فيه استغلال وبيوصل سعر الغرفة 3 آلاف جنيه بالشهر، فحاولت أسكن فى منطقة بعيدة شوى لحتى يكون السعر مناسب لى وحالياً مأجر شقة غرفتين وحمام وصالة ومطبخ بـ2000 جنيه».

«أغلب أصحابى السوريين هنا فى مصر فى الكلية وبره الكلية بيشتغلوا مع دراستهم فى مجالات مختلفة، فيه منهم اللى بيشتغل فى محلات الشاورما والعصاير، وفيه اللى بيشتغل فى محلات الملابس، وأغلبهم بيكونوا فى منطقة 6 أكتوبر لأنه أكبر تجمع للسوريين فى القاهرة».. هكذا يختتم المصرى حديثه.

دوافع العمل بالنسبة لمها شعبان، 24 عاماً، خريجة آداب الإعلام بجامعة عين شمس كانت لأسباب مختلفة، فلم يكن كسب المال أحد أسبابها الرئيسية كما يظن البعض، ولكن كان الهدف هو شغل الوقت وتكوين الصداقات: «اضطريت أشتغل مدرسة حاسب لمدة سنة فى مدرسة سورية هنا فى أكتوبر لأنى جيت من سوريا وتركت كل شىء هناك أصحابى وأقاربى اللى كانوا قريبين منى ومرتبطة بيهم جداً وما بعرف حدا هون، وكان لازم أنزل أختلط بالناس حتى أعرف أعيش»، تسكن مها رفقة أسرتها المكونة من 7 أفراد، التى قدمت من حمص منذ العام 2012 لتبنى حياة جديدة فى مصر فى إحدى البنايات بالحى الرابع بمدينة 6 أكتوبر، حيث أكبر تجمع للسوريين داخل القاهرة، وتتمتع العائلة بمستوى عال من المعيشة، حيث يملك والدها متجراً لبيع الأدوات الطبية والمساج، وعن سبب اختيارهم لمصر تحديداً تقول مها: «أختى الصغيرة مريضة بسرطان الدم وكل الناس نصحونا إذا بدنا نطلع من سوريا إنه نيجى على مصر لأن علاجها هنا أفضل»، لم تتأقلم ابنة حمص فى البداية مع الحياة هنا، ولكن بعد فترة بدأت فى الاندماج مع المجتمع.


مواضيع متعلقة