«عين شمس»: طوابير انتظار أمام العيادات الخارجية والاستقبال وبنك الدم.. وأهالى المرضى يشكون سوء المعاملة

«عين شمس»: طوابير انتظار أمام العيادات الخارجية والاستقبال وبنك الدم.. وأهالى المرضى يشكون سوء المعاملة
- أحمد السيد
- أكياس دم
- أم محمد
- أون لاين
- أيمن صالح
- الإسعافات الأولية
- الباعة الجائلين
- العيادات الخارجية
- العيادات الخاصة
- المنظومة الصحية
- أحمد السيد
- أكياس دم
- أم محمد
- أون لاين
- أيمن صالح
- الإسعافات الأولية
- الباعة الجائلين
- العيادات الخارجية
- العيادات الخاصة
- المنظومة الصحية
«كشرى.. كشرى»، بصوت عالٍ أخذ ينادى الشاب الجالس فى مدخل العيادات الخارجية بمستشفى الدمرداش، بحثاً عمن يشترى منه علب الكشرى التى يبيعها لأهالى المرضى، فالساعات الطويلة التى يقضونها فى انتظار أدوارهم أمام قسم العيادات الخارجية للأطفال بمستشفيات جامعة عين شمس تجعلهم يشعرون بالجوع والعطش، وهى الفرصة التى ينتهزها بعض الباعة الجائلين لعرض بضاعتهم.
«أم محمد» جاءت إلى المستشفى فى الثامنة صباحاً للكشف على صغيرها الذى لم يتعدَ عمره السنوات الثلاث، ورغم أن الساعة كانت قد قاربت على الحادية عشرة فإن دورها فى الدخول لمقابلة الطبيب لم يأتِ بعد، تقول «أم محمد»: «طول الوقت بنسمع فى التليفزيون أن مفيش عندنا فى مصر أكتر من الدكاترة، يبقى ليه مايزودوش عدد الدكاترة اللى بيكشفوا على اولادنا، بدل ما نقعد بيهم، وهما عيانين طول المدة دى».
{long_qoute_1}
لم يكن طول الانتظار هو شكوى المتردّدين على العيادات الخارجية فقط، لكن الشكوى ذاتها تكررت على لسان بعض الأمهات اللائى جلسن فى انتظار بشرى سارة من بنك الدم فى المستشفى، تطمئنهن على توفير أكياس دم لأبنائهن المصابين بالهيموفيليا (مرض نزف الدم الوراثى).
والدة الطفل محمود فيصل، ذى الست سنوات، تأتى إلى المستشفى بحثاً عن أكياس بلازما لطفلها، تقول «أم محمود»: «أنا ساكنة فى شبين القناطر، وكل يوم باجى هنا أقعد أستنى بنك الدم علشان يقولوا لى إن فيه بلازما لابنى، ولو لاقيت باروح أجيبه من البيت، ولو مالقيتش باروح وآجى تانى يوم»، مشيرة إلى أنها أحياناً ما تضطر إلى حمل ابنها بين ذراعيها، وتأتى به إلى المستشفى، على أمل أن يتم حجزه فى اليوم نفسه، وأحياناً توفق فى إيجاد سرير وبلازما، وأحياناً تعود به مرة أخرى محمولاً بين ذراعيها دون أن يحصل على أى علاج.
أمام مبنى مستشفى الدمرداش، افترش بعض الأهالى القادمين من المحافظات المختلفة الأرض، فى انتظار فتح الأبواب المخصّصة للزيارة، يقول ممدوح محمد: «إحنا ناس جايين من أماكن بعيدة ومالناش مكان هنا علشان نقعد فيه، ولو معانا فلوس كنا دخلنا بالمريض بتاعنا مستشفى خاص، ولما بنقول لهم مش عاملين مكان ليه للناس تستنى بره، خصوصاً أن المستشفى بيستقبل حالات كتير من بره القاهرة يقولوا لنا إحنا مش فاتحينها كافيتريا». ويُنهى «ممدوح» حديثه، قائلاً: «الناس اللى بتيجى هنا غلابة أوى، ومش ناقصين كمان يتعاملوا معانا بالشكل ده».
الشكوى من سوء المعاملة من جانب العاملين فى المستشفى أمر اتفق عليه معظم أهالى المرضى الذين قابلناهم، واحدة منهم قالت إنها تتردد على العيادات الخارجية لعلاج ابنتها وإنها تعانى بسبب سوء معاملة معظم الأطباء، قائلة «أسلوبهم وحش، بيحسسوكى إنك أقل منهم، معظم الدكاترة هنا كده»، وقاطعتها أخرى قائلة: «هما عارفين إن فيه كتير بيجوا هنا مش متعلمين، وبيعاملونا بشكل وحش جداً، واحنا مضطرين نقبل الطريقة دى، لأننا مش حمل مصاريف العيادات الخاصة».
{long_qoute_2}
عملية جراحية عاجلة جعلت أحمد السيد مصطفى يترك بلدته فى محافظة الفيوم ويأتى إلى مستشفى الدمرداش لإجرائها، وأمام باب المستشفى افترش أشقاؤه وأبناؤهم الأرض فى انتظار إذن بالدخول لزيارته، ومن بينهم محمد حمدى (ابن شقيق المريض) الذى يقول «قعدنا أسبوع كامل نحضّر فى الورق بتاع عمى علشان يقبلوا يعملوا له العملية، وعملنا كل الأشعات والتحاليل اللى طلبوها، ولما اتحدد الميعاد ودخل علشان يعمل عملية استئصال أمعاء اتفاجئنا بالدكتور خرج، وقال لنا إنه اكتشف أن عنده أورام»، يستنكر «محمد» ما حدث مع عمه، قائلاً: «يعنى هو قاعد معاهم فى المستشفى بقاله شهرين دلوقتى، مش المفروض عاملين كل التحاليل والأشعات، يبقى إزاى اكتشفوا أن عنده أورام بعد ما دخل أوضة العمليات».
صراخ ومشادات ملأت أرجاء قسم الاستقبال بمستشفى الدمرداش بعد أن توفيت سيدة تم نقلها من غرفتها على التروللى لإجراء أشعة، أهالى المتوفاة أخذوا يصرخون فى المستشفى، متهمين العاملين فيه بالإهمال، أحد الممرضين العاملين بالمستشفى -رفض ذكر اسمه- قال لـ«الوطن» إن الأزمة تكمن فى أنه تم نقل تلك المريضة على تروللى عادى ودون استخدام عربة الطوارئ المجهزة بالإسعافات الأولية اللازمة لحالتها. وتابع «تلك العربة تكون مجهزة بأدوية لإنعاش عضلة القلب وجهاز تنفس ومونيتور لمتابعة الحالة، وبالطبع يكون معها طبيب وممرضة على الأقل، وهذا ما لم يحدث مما أدى إلى تدهور الحالة ووفاتها».{left_qoute_1}
ويتابع الممرض الذى يعمل فى المستشفى منذ 3 سنوات: «الدكاترة هنا محدش بيقدر يتكلم معاهم، أو يعترض على حاجة، ولو فيه حد من أهل الحالة قعد يزعق ويشتكى بيقولوا له اتفضل بره ماعندناش مكان، وده بيخلينا إحنا كتمريض نعمل أكتر من كده».
سيدة خمسينية افترشت الأرض أمام غرفة الأشعة بجوار سرير زوجها، الذى ترك غرفته لإجراء بعض الفحوصات والأشعة، تقول: «محدش هنا بيساعد حد.. المستشفى ماشى بنظام كل اللى ليه مريض ياخد باله منه، واحنا هنا اللى بنروح ندور على الدكاترة ونزق التروللى بالحالة علشان نتحرك من مكان لمكان، وأحياناً ماباعرفش أعمل ده لوحدى فبادور على حد يساعدنى من أهالى المرضى اللى حواليا».
قبل أن نغادر المستشفى أطلقت فتاة عشرينية صرخة مدوية بعد أن اصطدمت ساقها المصابة بباب غرفة الأشعة، حدث هذا بينما كانت والدتها تحاول تمرير السرير الذى ترقد عليه الفتاة عبر باب غرفة الكشف، فما كان من والدتها إلا أن قبّلت جبينها، وقالت لها معتذرة: «آسفة يا بنتى غصب عنى بس أنا أول مرة أحرك سرير زى ده»، ثم دخلت الفتاة لإجراء الأشعة لتبدأ هى ووالدتها بعدها رحلة العودة إلى الغرفة وحدهما.
الدكتور أيمن صالح، مدير مستشفيات جامعة عين شمس، قال إنه غير راضٍ عن مستوى قسم الاستقبال بمستشفى الدمرداش، وإنه جارٍ الإعداد لإنشاء مستشفى طوارئ جديد يليق باسم وحجم مستشفى الدمرداش. وعن الشكاوى من نقص «الكرايو»، الذى يُعطى لمرضى «الهيموفيليا» قال «صالح»: «أحياناً يحدث نقص به، لكن هذا أمر غير دائم».
أما عما ذكره بعض المرضى وأهاليهم عن تعاملات غير لائقة من قِبَل بعض الأطباء، قال مدير المستشفيات بجامعة عين شمس: «لا أنكر هذا أبداً، رغم أننى أرفضه، وهذا يحدث بسبب الضغوط والساعات الطويلة التى يعملها الأطباء، ولذا قمنا بعمل مبادرة منذ عام ونصف العام بإعطاء كورسات مهارات تواصل وسيطرة على الغضب للأطباء المقيمين، واشتركنا لهم فى دورات (أون لاين) بجامعة فى بنسلفانيا، بحيث لا يحصل الطبيب على الماجستير إلا إذا تجاوز تلك الدورة، وهذا ما حدث مع 400 طبيب، تم تعيينهم خلال العام ونصف العام الماضيين».
{long_qoute_3}
وأشار «صالح» إلى أن المستشفى يستقبل نحو مليون مواطن سنوياً، وهناك نقص فى طاقم التمريض، وهو الأمر الذى تعانى منه المنظومة الصحية فى مصر بشكل عام، وعن قيام بعض الأهالى بمرافقة المرضى أثناء انتقالهم على «التروللى» فى المستشفى لإجراء فحوصات أو أشعة، قال «صالح»: «لفت نظرنا وجود نقص فى عدد العمالة، فقمنا بمحاولة لمعالجة هذا الأمر عن طريق تعيين عمال باليومية، كما وفّرنا سيارات كهربائية لنقل المريض غير القادر على الجلوس على كرسى من مداخل المستشفيات إلى العيادات المختلفة».
الأهالى ينقلون المرضى بأنفسهم لغرف الأشعة
الأهالى يفترشون الأرض أمام المستشفى