«المستشفى العام».. أطباء العيادات الخارجية يعملون ساعتين يومياً فقط

«المستشفى العام».. أطباء العيادات الخارجية يعملون ساعتين يومياً فقط
- أذان الظهر
- أطباء الطوارئ
- الأطقم الطبية
- الأمراض الجلدية
- العناية المركزة
- العيادات الخارجية
- المادة الفعالة
- المستشفى العام
- أحمد جبر
- أخيرة
- أذان الظهر
- أطباء الطوارئ
- الأطقم الطبية
- الأمراض الجلدية
- العناية المركزة
- العيادات الخارجية
- المادة الفعالة
- المستشفى العام
- أحمد جبر
- أخيرة
يقع مستشفى بورسعيد العام بالقرب من شارع «الثلاثينى» الشهير الذى يصل شرق المدينة بغربها، وهو بالقرب من ميدان المحافظة ومن شارع «محمد على» الممتد من جنوب المدينة حتى شمالها، والمستشفى من الخارج يبدو هادئاً ونظيفاً. والمستشفى عبارة عن 3 مبانٍ رئيسية؛ الأول للاستقبال والعناية المركزة، والثانى للأقسام الداخلية، بينما ينفصل مبنى العيادات الخارجية عن المبنى الرئيسى، وهو مبنى قديم جداً، عبارة عن طابقين فقط، ويتم الدخول إليه من بوابة حديدية سوداء اللون، على يسار البوابة من الداخل يوجد 2 شباك لصرف الأدوية؛ الأول للرجال والثانى للسيدات، وتشهد العيادات الخارجية زحاماً كبيراً خلال ساعات الصباح، بدءاً من الساعة التاسعة وحتى الحادية عشرة والنصف صباحاً، وبعدها تتحول إلى مبنى فارغ من البشر، إذ يسارع الأطباء فى الانصراف بسرعة من المستشفى قبيل أذان الظهر.
{long_qoute_1}
فتحية عبدالمقصود، 65 سنة، من محافظة البحيرة، كانت فى زيارة اعتيادية إلى ابنتها «زينب»، وهى متزوجة ومقيمة فى بورسعيد منذ 10 سنوات، كانت السيدة العجوز تعانى من تورم فى الكف الأيمن، وهرعت إلى المستشفى لإجراء الكشف لكن بعض العاملين الموجودين بجوار البوابة أخبروها بأن جميع أطباء العيادات انصرفوا، وردت السيدة بعفوية قائلة: «دا لسه الضهر مأدن هما لحقوا يشتغلوا، هنعمل إيه دلوقتى، يعنى هنيجى لحد هنا من غير كشف»، لكن طبيبة الأمراض الجلدية «عندها ضمير» قامت بالكشف على السيدة المسنة قبل مغادرتها العيادات، وكتبت لها على أدوية اشترتها من الخارج.
أما فردوس عبدالمقصود 60 سنة، فأثنت على تعامل طبيبة الأمراض الجلدية مع المريضة، وقالت بنبرة حزينة: «دى كتر خيرها لسه ماشية دلوقتى الساعة 12 لكن أنا جيت لدكتور التحاليل الساعة 11 ولقيته مشى، هو دا يرضى ربنا، دكاترة بيقبضوا مرتب كامل وحوافز يشتغلوا ساعتين اتنين بس فى اليوم، مفيش حد فى الدنيا كلها بيعمل كدا».
وتشير السيدة البورسعيدية، التى كانت ترتدى ملابس سوداء، إلى طرقة العيادات الخارجية، وتقول: «كل الدكاترة هنا مشيوا فى وقت واحد مفيش ولا دكتور جوه، والعيادات الخارجية طول عمرها كدا مفيش فيها أى تحسن، ولو كشفت مش هيدوك أدوية تنفع، هيكتبولك على نوعين برشام بس، وتشترى باقى العلاج من برة، لو واحد غلبان مش هيقدر يتعالج لأن العلاج فى مصر بقى غالى جداً، ومفيش حد بقى معتمد على العلاج فى المستشفيات الحكومية غير الغلابة بس، لأن اللى حالتهم كويسة بيروحوا يتعالجوا فى المستشفيات الخاصة ودى عبارة عن تجارة».
ويقول أحمد جبر، 30 سنة، عامل بناء: «سقطت من فوق سقالة بناء أثناء العمل وكسرت ذراعى، ونقلنى زملائى لتجبير الكسر فى العيادة الخارجية، ووقفت فى طابور طويل حتى وصلت للدكتور الذى كتب لى على أدوية غير موجودة بصيدلية المستشفى، واشتريت العلاج من برة».
وكشفت جولة قصيرة لـ«الوطن» داخل مبنى العيادات الخارجية عن وجود عيادات طبية مفتوحة على مصراعيها، خالية من أى عنصر بشرى من أطباء المستشفى مع حلول أذان الظهر، وعند السؤال عن دورة المياه، دلتنا إحدى الموظفات إلى مكانها الموجود فى ساحة صغيرة تتوسط مبنى العيادات، وكانت رائحة دورة المياه الكريهة تزكم الأنوف قبل الوصول إليها، فباب الدورة مكسور، والحوض الرئيسى مائل لأسفل وعلى وشك السقوط، لكن حالته أهون من دورة المياه نفسها التى لا توجد بها مواسير مياه، فيما كانت توجد بعض العبوات الفارغة والمملوءة على الأرضية حيث تركها المرضى بعد اكتشاف عدم وجود مياه بدورة المياه الرئيسية بالعيادات الخارجية، فى مشهد بالغ السوء.
وفى قسم الاستقبال، وضعت إدارة المستشفى لافتة متوسطة الحجم، على حائط الطرقة الرئيسية أمام باب «ملاحظة الحريم» مكتوباً عليها «برجاء الهدوء»، ورغم أن اللوحة كانت تخاطب الجمهور والمواطنين فى المقام الأول، إلا أن بعض الممرضات والعاملات بالمستشفى كانوا ينادون على بعضهن بصوت مرتفع جداً، ما كان يتسبب فى حدوث حالة من الضجيج فى استقبال المستشفى.
محمد السيد، 28 سنة، كان يجلس على دكة بالطرقة منتظراً خروج شقيقته من غرفة «ملاحظة الحريم»، ظل جالساً فى مكانه لمدة تزيد على نصف الساعة حسب قوله، منتظراً حضور طبيب الاستقبال لتوقيع الكشف على شقيقته، وقال الشاب بنبرة غاضبة ممزوجة بالسخرية: «الممرضات هنا مش فالحين غير فى الهيصة وبس، وما بيعملوش حاجة تانية، بقالى نص ساعة منتظر حضور دكتور الباطنة ولسه مجاش، من أسبوعين صباع إيدى اتعور وجيت الجراحة فى الاستقبال، تخيل رحت اشتريت الخيط من برة عشان يخيطوا إيدى، شفت وصلنا لحد فين، بنشترى الخيط والشاش من برة، وكل الناس اللى أعرفهم بيحصل معاهم كدا».
ويقول طبيب شاب بقسم الاستقبال: «المنظومة الصحية فى بورسعيد لا تعانى من نقص حاد فى الكوادر الطبية فقط، لكن تعانى أيضاً من نقص فى الأطقم الطبية المعاونة مثل التمريض وموظفى الخدمات، وهؤلاء حالياً غير مدربين، ويحتاجون إلى تأهيل جديد بجانب تعيين موظفى استقبال وعلاقات عامة وسكرتارية يجيدون التعامل مع الجمهور».
وعن نقص الأدوية فى مستشفيات المحافظة، يقول الطبيب الذى يعمل فى العيادات الخارجية وقسم الطوارئ والاستقبال: «يوجد نحو 10 أنواع من الأدوية فقط فى صيدليات المستشفيات الحكومية، ونحن لا نكتب غيرها فى روشتة المستشفى، لكن إن تطلبت الحالة صرف علاج آخر من الصيدليات الخارجية نقوم بعمل ذلك والمرضى أنفسهم لم يعد لديهم مشكلة فى هذا الأمر بعد أن اعتادوا ذلك فى السنوات الأخيرة، رغم قيام بعضهم بالحضور إلى العيادات الخارجية من أجل صرف بعض الأنواع بعينها مثل أدوية الضغط والأسبوسيد والزانتاك والباراستامول، المريض أحياناً يطلب كتابة هذه الأدوية مباشرة من الطبيب دون توقيع الكشف عليه، هو يعلم أن هذه الأدوية القليلة متوافرة بالمستشفى، ولكنه يريد الحصول عليها مجاناً، بعد أن أرهقته أسعار الدواء الجديدة بالصيدليات الخاصة رغم يقينه الكامل بأن مفعول هذه الأدوية ضعيف جداً بسبب المادة الفعالة، لكنه يريد الحصول على أى شىء مجانى».
ويضيف الطبيب: «ورغم اقتصار أطباء الطوارئ على تخصصات العظام والجراحة والباطنة حالياً، إلا أن بعض أطباء الجراحة لا يأتون إلى قسم الاستقبال فى بعض الأحيان، ومعظمهم من كبار السن، مع أن وجودهم بقسم الاستقبال مجرد حياة أو موت، وبسبب ذلك طُلب منى ذات مرة الكشف على حالة بعيدة تماماً عن تخصصى، لأننى كنت الطبيب الوحيد الموجود فى الاستقبال وقتها، ونحن نفعل ذلك بالطبع تحت وطأة نقص الأطباء وبضغط من الأهالى».
.. ودورات المياه غير صالحة للاستخدام